
٤- جواز طلب الاستفسار١ عما يكون مخالفاً للعادة لمعرفة سر ذلك أو علته أو حكمته.
﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالأِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١) ﴾
شرح الكلمات:
﴿الْكِتَابَ﴾ : الخط والكتابة.
﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ : العلم الصحيح والإصابة في الأمور وفهم أسرار التشريع الإلهي.
﴿وَرَسُولاً﴾ : أي وابعثه رسولاً.
آية: علامة دالة على رسالته وصدق نبوته.
﴿أَخْلُقُ لَكُمْ﴾ : أي أصور لكم، لا الخلق الذي هو الإنشاء والاختراع إذ ذاك لله تعالى.
﴿كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ٢﴾ : كصورة الطير.
٢ قيل: اليهود هم الذين طلبوا أن يخلق لهم خفاشاً؛ لأنه أعجب من سائر الخلق، ومن عجائبه أنه لحم ودم يطير بغير ريش، ويلد كما يلد الحيوان ولا يبيض كما يبيض سائر الطيور وله لبن يرضع به أولاده ويضحك كما يضحك الإنسان ويحيض كما تحيض المرأة، ولا يبصر في ضوء النهار، ولا في ظلمة الليل وإنما يبصر في ساعين؛ بعد غروب الشمس ساعة، وبعد طلوع الفجر ساعة.

﴿الأَكْمَهَ﴾ : الذي ولد أعمى.
الأبرص: ذو البرص وهو مرض عياء عجز عنه الطب القديم والحديث، والبرص: بياض يصيب الجلد البشري.
﴿تَدَّخِرُونَ﴾ : تحبسونه وتخفونه عن أطفالكم من الطعام وغيره.
﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ﴾ : من قبلي.
﴿إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ : إلهي وإلهكم فاعبدوه.
معنى الآيات:
ما زال السياق في بيان حقيقة عيسى عليه السلام، وأنه عبد الله ورسوله وليس بابن الله ولا بإله مع الله فأخبر تعالى أنه يخلقه بكلمة كن ويعلمه الكتاب والإنجيل والتوراة والإنجيل، وقد فعل، وأ، هـ يبعثه رسولاً إلى بني إسرائيل وقد فعل فأخبرهم عيسى أنه قد جاءهم بآية من ربهم تدل على صدق رسالته وهذه الآية١ هي أنه يخلق لهم من الطين على صور الطير وينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله، وأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، وفعلاً كان يمسح على ذي العاهة المستعصاة كالبرص فيبرأ صاحبها فوراً، وطلبوا منه أن يحي لهم سام بن نوح٢ فأحياه بإذن الله، وأنه يخبرهم بما يأكلون في بيوتهم وما يدخرون، فما يخطئ أبداً، ثم قال لهم: إن في ذلك المذكور لآية لكم دالة على صدقي إن كنتم مؤمنين فآمنوا بي ولا تكذبوني وقد جئتكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة، ولأحل لكم بعض الذي حرم٣ عليكم، وفي ذلكم خير لكم ورحمة فآمنوا بي، فكذبوه فقال لهم: اتقوا الله وأطيعوني تنجوا وتسعدوا وأعلمهم أخيراً أن الله تعالى هو ربه وربهم وأن عليهم أن يعبدوه ليكلموا ويسعدوا وأن عبادة الله تعالى وحده وبما شرع هي الصراط المستقيم المفضي بالسالكين إلى الكمال والإسعاد في الحياتين.
٢ روى أنه أحيا لهم أربعة وهم: سام بن نوح، والعاذر، وكان صديقاً له. وابن العجوز، وابنة العاشر.
٣ هو ما حرمه الله عليهم على عهد موسى من أكل الشحوم ونحوها، أما ما كان محرماً أصلاً لضرورة فلا يحله لهم ذلك؛ كالسرقة والقتل والزنا والربا، فإنه لا يحله لهم أبداً.

هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- شرف الكتابة وفضلها.
٢- فضل الحكمة١ وهي الفقه في أسرار الشرع والإصابة في الأمور.
٣- الغيب لله، ويعلم أنبياءه منه ما يشاء.
٤- ثبوت معجزات عيسى عليه السلام.
٥- لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، وعيسى كلمة الله وروح منه ورسول إلى بني إسرائيل.
٦- الأمر بالتقوى وطاعة الرسول لتوقف السعادة والكمال عليهما.
﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٥٤) إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا