آيات من القرآن الكريم

وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ
ﭳﭴﭵﭶﭷ

على الفور.
وهذا الأمر يسمى أمر تكوين، وهناك أمر آخر هو أمر تكليف، يعرف بوحي الله لأنبيائه، والجاحدون لآيات الله ينكرون الحمل بعيسى من غير أب وقوفًا عند العادة، وذهولًا عن كيفية بدء العالم، ولكن ليس لهم دليل عقلي ينبيء بالاستحالة، وإنا نشاهد كل يوم حدوث شيء في الكون لم يكن معتادًا من قبل، بعضه له أسباب معروفة، فيسمونه: استكشافًا أو اختراعًا، وبعضه ليس بمعروف له سببٌ، ويسمونه: فلتات الطبيعة.
والمؤمنون يقولون: إن مثل هذا الذي جاء على غير الأسباب المعروفة يجب أن يهدي الحاقل إلى أن الأسباب ليست واجبة وجوبًا عقليًّا مطردًا.
وإن أبناء الجيل الحاضر الذين رأوا من الغرائب ما لو رآه السابقون.. لعدوه سحرًا، أو خرافة، أو أضافوه إلى الجن، ليس لهم عذر في إنكار الأشياء التي لم يعرفوا لها أسبابًا، وقد قرر فلاسفة العصر إمكان توالد الحيوان من غير حيوان، إذًا فتوالد الحيوان من حيوان واحد أقربُ إلى العقول، وأدنى إلى الإمكان.
٤٨ - ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ﴾ قرأ نافع وعاصم: ﴿يعلمه﴾ بالياء ويكون معطوفًا على الحال، أعني: قوله: وجيهًا، فكأن جبريل قال: حالة كونه وجيهًا ومعلمًا الكتاب، وما بعده بفتح اللام، أو على: ﴿يُبَشِرُكِ﴾، وقرأ الباقون: ﴿ونعلمه﴾ - بالنون - فيكون معمولًا لقول محذوف من كلام الملك تقديره: ويقول الله نعلمه إلخ، ويكون في المعنى معطوفًا على الحال أيضًا تقديره: وجيهًا ومقولًا فيه نعلمه، أو على ﴿يُبَشِّرُكَ﴾؛ أي: إن الله يبشرك بعيسى، ويقول: نعلمه الكتاب، ويصح كونه مستأنفًا سيق تطييبًا لقلبها، وإزاحة لما أَهَمَّها من خوف الملامة حين علمت أنها تلد من غير زوج.
أي: ويعلمه الكتاب؛ أي: الكتابة والخط باليد، وكان أحسن الناس خطًّا في زمانه، وقيل: يعلمه كتب الأنبياء ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾؛ أي: العلم المقترن بالعمل، وتهذيب الأخلاق ﴿وَالتَّوْرَاةَ﴾ التي أنزلت على موسى ﴿وَالْإِنْجِيلَ﴾ الذي أنزل عليه،

صفحة رقم 306
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
الناشر
دار طوق النجاة، بيروت - لبنان
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية