آيات من القرآن الكريم

وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ
ﭳﭴﭵﭶﭷ

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ويعلمه الْكتاب﴾ قَالَ: الْخط بالقلم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج ﴿ويعلمه الْكتاب﴾ قَالَ: بِيَدِهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر بِسَنَد صَحِيح عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: عِنْدَمَا ترعرع عِيسَى جَاءَت بِهِ أمه إِلَى الْكتاب فَدَفَعته إِلَيْهِ فَقَالَ: قل بِسم
قَالَ عِيسَى: الله
فَقَالَ الْمعلم: قل الرَّحْمَن
قَالَ عِيسَى: الرَّحِيم
فَقَالَ الْمعلم: قل أَبُو جاد (قصد بهَا أيحد)
قَالَ: هُوَ فِي كتاب
فَقَالَ عِيسَى: أَتَدْرِي مَا ألف قَالَ: لَا
قَالَ: الآء الله
أَتَدْرِي مَا بَاء

صفحة رقم 199

قَالَ: لَا
قَالَ: بهاء الله
أَتَدْرِي مَا جِيم قَالَ: لَا
قَالَ: جلال الله
أَتَدْرِي مَا اللَّام قَالَ: لَا
قَالَ: آلَاء الله
فَجعل يُفَسر على هَذَا النَّحْو
فَقَالَ الْمعلم: كَيفَ أعلم من هُوَ أعلم مني قَالَت: فَدَعْهُ يقْعد مَعَ الصّبيان
فَكَانَ يخبر الصّبيان بِمَا يَأْكُلُون وَمَا تدخر لَهُم أمهاتهم فِي بُيُوتهم
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن مَسْعُود مَرْفُوعا قَالَ: إِن عِيسَى بن مَرْيَم أسلمته أمه إِلَى الْكتاب ليعلمه فَقَالَ لَهُ الْمعلم: اكْتُبْ بِسم الله قَالَ عِيسَى: وَمَا بِسم قَالَ لَهُ الْمعلم: مَا أَدْرِي قَالَ لَهُ عِيسَى: الْبَاء بهاء الله وَالسِّين سناؤه وَالْمِيم مَمْلَكَته وَالله إِلَه الْآلهَة والرحمن رَحْمَن الْآخِرَة وَالدُّنْيَا والرحيم رَحِيم الْآخِرَة
أَبُو جاد: الْألف
الآء الله وَالْبَاء بهاء الله جِيم جلال الله دَال الله الدَّائِم
هوَّزَ: الْهَاء الهاوية وَاو ويلٌ لأهل النَّار وَاد فِي جَهَنَّم زَاي زين أهل الدُّنْيَا حطي: حاء الله الْحَكِيم طاء الله الطَّالِب لكل حق حَتَّى يردهُ أَي أهل النَّهَار وَهُوَ الوجع
كلمن: الْكَاف الله الْكَافِي لَام: الله الْقَائِم مِيم الله الْمَالِك نون الله الْبَحْر سعفص: سين السَّلَام صَاد الله الصَّادِق عين الله الْعَالم فَاء الله ذكر كلمة صَاد الله الصَّمد
قرشت قَاف الْجَبَل الْمُحِيط بالدنيا الَّذِي اخضرت مِنْهُ السَّمَاء رَاء رِيَاء النَّاس بهَا سين ستر الله تَاء تمت أبدا
قَالَ ابْن عدي هَذَا الحَدِيث بَاطِل بِهَذَا الْإِسْنَاد لَا يرويهِ غير اسمعيل بن يحيى
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر وَمُقَاتِل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس
أَن عِيسَى بن مَرْيَم أمسك عَن الْكَلَام بعد إِذْ كَلمهمْ طفْلا حَتَّى بلغ مَا يبلغ الغلمان ثمَّ أنطقه الله بعد ذَلِك بالحكمة وَالْبَيَان فَأكْثر الْيَهُود فِيهِ وَفِي أمه من قَول الزُّور فَكَانَ عِيسَى يشرب اللَّبن من أمه فَلَمَّا فطم أكل الطَّعَام وَشرب الشَّرَاب حَتَّى بلغ سبع سِنِين أسلمته أمه لرجل يُعلمهُ كَمَا يعلم الغلمان فَلَا يُعلمهُ شَيْئا إِلَّا بدره عِيسَى إِلَى علمه قبل أَن يُعلمهُ إِيَّاه
فَعلمه أَبَا جاد فَقَالَ عِيسَى: مَا أَبُو جاد قَالَ الْمعلم: لَا أَدْرِي فَقَالَ عِيسَى: فَكيف تعلمني مَا لَا تَدْرِي فَقَالَ الْمعلم: إِذن فعلمني
قَالَ لَهُ عِيسَى: فَقُمْ من مجلسك فقَام فَجَلَسَ عِيسَى مَجْلِسه فَقَالَ عِيسَى: سلني
فَقَالَ الْمعلم: فَمَا أَبُو

صفحة رقم 200

أبجد فَقَالَ عِيسَى: الْألف آلَاء الله باءِ بهاء الله جِيم بهجة الله وجماله
فَعجب الْمعلم من ذَلِك فَكَانَ أول من فسر أبجد عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام
قَالَ وَسَأَلَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا تفسسير أبي جاد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا تَفْسِير أبي جاد فَإِن فِيهِ الْأَعَاجِيب كلهَا ويل لعالم جهل تَفْسِيره
فَقيل: يَا رَسُول الله وَمَا تَفْسِير أبي جاد قَالَ: الْألف آلَاء الله وَالْبَاء بهجة الله وجلاله وَالْجِيم مجد الله وَالدَّال دين الله هوَّز الهاوية ويل لمن هوى فِيهَا وَالْوَاو ويل لأهل النَّار وَالزَّاي الزاوية يَعْنِي زَوَايَا جَهَنَّم
حطي: الْحَاء حط خَطَايَا المستغفرين فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا نزل بِهِ جِبْرِيل مَعَ الْمَلَائِكَة إِلَى مطلع الْفجْر والطاء طُوبَى لَهُم وَحسن مآب وَهِي شَجَرَة غرسها الله بِيَدِهِ وَالْيَاء يَد الله فَوق خلقه
كلمن: الْكَاف كَلَام الله لَا تَبْدِيل لكلماته وَاللَّام إِلْمَام أهل الْجنَّة بَينهم بالزيارة والتحية وَالسَّلَام وتلاوم أهل النَّار بَينهم وَالْمِيم ملك الله الَّذِي لَا يَزُول ودوام الله الَّذِي لَا يفنى وَنون (نون والقلم وَمَا يسطرون) (الْقَلَم الْآيَة ١ - ٢) صعفص: الصَّاد صَاع بِصَاع وقسط بقسط وقص بقص يَعْنِي الْجَزَاء بالجزاء وكما تدين تدان وَالله لَا يُرِيد ظلما للعباد
قرشت: يَعْنِي قرشهم فَجَمعهُمْ يقْضِي بَينهم يَوْم الْقِيَامَة وهم لَا يظْلمُونَ
ذكر نبذ من حكم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن خلف بن حَوْشَب قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام للحواريين: كَمَا ترك لكم الْمُلُوك الْحِكْمَة فَكَذَلِك اتْرُكُوا لَهُم الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: لَا يُصِيب أحد حَقِيقَة الْإِيمَان حَتَّى لَا يُبَالِي من أكل الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: قيل لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام لَو اتَّخذت حمارا تركبه لحاجتك فَقَالَ: أَنا أكْرم على الله من أَن يَجْعَل لي شَيْئا يشغلني بِهِ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالَ عِيسَى: معاشر الحواريين إِن خشيَة الله وَحب الفردوس يورثان الصَّبْر على الْمَشَقَّة ويباعدان من زهرَة الدُّنْيَا

صفحة رقم 201

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عتبَة بن يزِيد قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: يَا ابْن آدم الضَّعِيف اتّق الله حَيْثُمَا كنت وكل كسرتك من حَلَال وَاتخذ الْمَسْجِد بَيْتا وَكن فِي الدُّنْيَا ضَعِيفا وعوّد نَفسك الْبكاء وقلبك التفكر وجسدك الصَّبْر وَلَا تهتم برزقك غَدا فَإِنَّهَا خَطِيئَة تكْتب عَلَيْك
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والاصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن مُحَمَّد بن مطرف
أَن عِيسَى قَالَ: فَذكره
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن وهيب الْمَكِّيّ قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: أصل كل خَطِيئَة حب الدُّنْيَا
وَرب شَهْوَة أورثت أَهلهَا حزنا طَويلا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن سعيد قَالَ: كَانَ عِيسَى يَقُول: اعبروا الدُّنْيَا وَلَا تعمروها وَحب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئَة وَالنَّظَر يزرع فِي الْقلب الشَّهْوَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن سُفْيَان بن سعيد قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: حب الدُّنْيَا أصل كل خَطِيئَة وَالْمَال فِيهِ دَاء كَبِير
قَالُوا: وَمَا داؤه قَالَ: لَا يسلم من الْفَخر وَالْخُيَلَاء
قَالُوا: فَإِن سلم قَالَ: يشْغلهُ اصلاحه عَن ذكر الله
وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن عمرَان الْكُوفِي قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم للحواريين: لَا تَأْخُذُوا مِمَّن تعلمُونَ الْأجر الأمثل الَّذِي أعطيتموني وَيَا ملح الأَرْض لَا تفسدوا فَإِن كل شَيْء إِذا فسد فَإِنَّمَا يداوى بالملح وَإِن الْملح إِذا فسد فَلَيْسَ لَهُ دَوَاء وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم خَصْلَتَيْنِ من الْجَهْل
الضحك من غير عجب والصبيحة من غير سهر
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: بالقلوب الصَّالِحَة يعمر الله الأَرْض وَبهَا يخرب الأَرْض إِذا كَانَت على غير ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام إِذا مر بدار وَقد مَاتَ أَهلهَا وقف عَلَيْهَا فَقَالَ: وَيْح لأربابك الَّذين يتوارثونك كَيفَ لم يعتبروا فعلك باخوانهم الماضين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالُوا لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام يَا روح الله أَلا نَبْنِي لَك بَيْتا قَالَ: بلَى
ابنوه على سَاحل الْبَحْر قَالُوا: إِذن يَجِيء المَاء فَيذْهب بِهِ قَالَ: أَيْن تُرِيدُونَ تبنون لي على القنطرة

صفحة رقم 202

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن بكر بن عبد الله قَالَ: فقد الحواريون عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَخَرجُوا يطلبونه فوجدوه يمشي على المَاء فَقَالَ بَعضهم: يَا نَبِي الله أنمشي إِلَيْك قَالَ: نعم
فَوضع رجله ثمَّ ذهب يضع الْأُخْرَى فانغمس فَقَالَ: هَات يدك يَا قصير الْإِيمَان
لَو أَن لِابْنِ آدم مِثْقَال حَبَّة أَو ذرة من الْيَقِين إِذن لمشى على المَاء
وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن نمير قَالَ: سَمِعت أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: كَانَت وَلم أكن وَتَكون وَلَا أكون فِيهَا
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: لما بعث عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام اكب الدُّنْيَا على وَجههَا فَلَمَّا رفع رَفعهَا النَّاس بعده
وَأخرج عبد الله ابْنه فِي زوائده عَن الْحسن قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي اكببت الدُّنْيَا لوجهها وَقَعَدت على ظهرهَا فَلَيْسَ لي ولد يَمُوت وَلَا بَيت يخرب
قَالُوا لَهُ: أَفلا نتَّخذ لَك بَيْتا قَالَ: ابْنُوا لي على سَبِيل الطَّرِيق بَيْتا قَالُوا: لَا يثبت قَالُوا: أَفلا نتَّخذ لَك زَوْجَة قَالَ: مَا أصنع بِزَوْجَة تَمُوت وَأخرج أَحْمد عَن خَيْثَمَة قَالَ: مرت امْرَأَة على عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَت: طُوبَى لثدي أرضعك وَحجر حملك
فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: طُوبَى لمن قَرَأَ كتاب الله ثمَّ عمل بِمَا فِيهِ
وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: أوحى الله إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: إِنِّي وهبت لَك حب الْمَسَاكِين ورحمتهم تحبهم ويحبونك ويرضون بك إِمَامًا وَقَائِدًا وترضى بهم صحابة وتبعاً وهما خلقان
اعْلَم أَن من لَقِيَنِي بهما لَقِيَنِي بأزكى الْأَعْمَال وأحبها إليَّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن مَيْمُون بن سياه قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: يَا معشر الحواريين اتَّخذُوا الْمَسَاجِد مسَاكِن وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ كمنازل الأضياف
فَمَا لكم فِي الْعَالم من منزل إِن أَنْتُم الا عابري سَبِيل
وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بِحَق أَن أَقُول لكم أَن أكناف السَّمَاء لخالية من الْأَغْنِيَاء ولدخول جمل فِي سم الْخياط أيسر من دُخُول غَنِي الْجنَّة
وأخرج عبد الله فِي زوائده عَن جَعْفَر بن حرفاس أَن عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ: رَأس الْخَطِيئَة حب الدُّنْيَا وَالْخمر مِفْتَاح كل شَرّ وَالنِّسَاء حبالة الشَّيْطَان

صفحة رقم 203

وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان قَالَ: قَالَ عِيسَى بن عَلَيْهِ السَّلَام: إِن للحكمة أَهلا
فَإِن وَضَعتهَا فِي غير أَهلهَا أضعتها وَإِن منعتها من أَهلهَا ضيعتها
كن كالطبيب يضع الدَّوَاء حَيْثُ يَنْبَغِي
وَأخرج أَحْمد عَن مُحَمَّد بن وَاسع أَن عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ يَا بني إِسْرَائِيل إِنِّي أعيذكم بِاللَّه أَن تَكُونُوا عاراً على أهل الْكتاب
يَا بني إِسْرَائِيل قَوْلكُم شِفَاء يذهب الدَّاء وَأَعْمَالكُمْ دَاء لَا تقبل الدَّوَاء
وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ عِيسَى لاحبار بني إِسْرَائِيل: لَا تَكُونُوا للنَّاس كالذئب السَّارِق وكالثعلب الخدوع وكالحدأ الخاطف
وَأخرج أَحْمد عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: يَا معشر الحواريين أَيّكُم يَسْتَطِيع أَن يَبْنِي على موج الْبَحْر دَارا قَالُوا: يَا روح الله وَمن يقدر على ذَلِك قَالَ: إيَّاكُمْ وَالدُّنْيَا فَلَا تتخذوها قراراً
وَأخرج أَحْمد عَن زِيَاد أبي عَمْرو قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إِنَّه لَيْسَ بنافعك أَن تعلم مَا لم تعلم وَلما تعْمل بِمَا قد علمت إِن كَثْرَة الْعلم لَا تزيد إِلَّا كبرا إِذا لم تعْمل بِهِ
وَأخرج أَحْمد عَن إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد الْعَبْدي قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: الزّهْد يَدُور فِي ثَلَاثَة أَيَّام: أمس خلا وعظت بِهِ وَالْيَوْم زادك فِيهِ وَغدا لَا تَدْرِي مَا لَك فِيهِ
قَالَ: وَالْأَمر يَدُور على ثَلَاثَة
أَمر بِأَن لَك رشده فاتَّبِعْهُ وَأمر بَان لَك غِيَّهُ فاجْتَنِبْهُ وَأمر أشكل عَلَيْك فَكِلْهُ إِلَى الله عز وَجل
وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الصلام وَالسَّلَام: سلوني فَإِن قلبِي لين وَإِنِّي صَغِير فِي نَفسِي
وَأخرج أَحْمد عَن بشير الدِّمَشْقِي قَالَ: مر عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِقوم فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لنا ثَلَاثًا فَقَالُوا: يَا روح الله انا نُرِيد أَن نسْمع مِنْك الْيَوْم موعظة ونسمع مِنْك شَيْئا لم نَسْمَعهُ فِيمَا مضى فَأوحى الله إِلَى عِيسَى أَن قل لَهُم إِنِّي من أَغفر لَهُ مغْفرَة وَاحِدَة أصلح لَهُ بهَا دُنْيَاهُ وآخرته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن خثيمَةَ قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِذا دَعَا الْقُرَّاء قَامَ عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ: هَكَذَا اصنعوا بالقراء
وَأخرج أَحْمد عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِن أَحْبَبْتُم أَن

صفحة رقم 204

تَكُونُوا أصفياء الله وَنور بني آدم من خلقه فاعفوا عَمَّن ظلمكم وعودوا من لَا يعودكم واحسنوا إِلَى من لَا يحسن إِلَيْكُم وأقرضوا من لَا يجزيكم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبيد بن عُمَيْر
أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يلبس الشّعْر وَيَأْكُل من ورق الشّجر ويبيت حَيْثُ أَمْسَى وَلَا يرفع غداء وَلَا عشَاء لغد وَيَقُول: يَأْتِي كل يَوْم برزقه
وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم: يَا دَار تخربين ويفنى سكانك وَيَا نفس اعملي ترزقي وَيَا جَسَد انصب تسترح
وَأخرج أَحْمد عَن وهب ابْن مُنَبّه قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم للحواريين: بِحَق أَقُول لكم - وَكَانَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كثيرا مَا يَقُول بِحَق - أَقُول لكم: إِن أَشدّكُم حبا للدنيا أَشدّكُم جزعاً على الْمُصِيبَة
وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء الْأَزْرَق قَالَ: بلغنَا أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: يَا معشر الحواريين كلوا خبز الشّعير ونبات الأَرْض وَالْمَاء القراح وَإِيَّاكُم وخبز الْبر فَإِنَّكُم لَا تقومون بشكره وَاعْلَمُوا أَن حلاوة الدُّنْيَا مرَارَة الْآخِرَة واشد مرَارَة الدُّنْيَا حلاوة الْآخِرَة
وَأخرج ابْنه فِي زوائده عَن عبد الله بن شَوْذَب قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: جودة الثِّيَاب من خُيَلَاء الْقلب
وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: إِنِّي لَيْسَ أحدثكُم لتعجبوا إِنَّمَا أحدثكُم لِتَعْلَمُوا
وَأخرج ابْنه عَن أبي حسان قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: كن كالطبيب الْعَالم يضع دواءه حَيْثُ ينفع
وَأخرج ابْنه عَن عمرَان بن سُلَيْمَان قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ: يَا بني إِسْرَائِيل تهاونوا بالدنيا تَهُن عَلَيْكُم وأهينوا الدُّنْيَا تكرم الْآخِرَة عَلَيْكُم وَلَا تكرموا الدُّنْيَا فتهون الْآخِرَة عَلَيْكُم فَإِن الدُّنْيَا لَيست بِأَهْل الْكَرَامَة وكل يَوْم تَدْعُو للفتنة والخسارة
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد عَن أبي غَالب قَالَ فِي وَصِيَّة عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: يَا معشر الحواريين تحببوا إِلَى الله ببغض أهل الْمعاصِي وتقربوا إِلَيْهِ بالمقت لَهُم والتمسوا رِضَاهُ بسخطهم
قَالُوا: يَا نَبِي الله فَمن نجالس قَالَ: جالسوا من

صفحة رقم 205

يزِيد فِي عَمَلكُمْ مَنْطِقه وَمن يذكركم الله رُؤْيَته ويزهدكم فِي الدُّنْيَا عمله
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: أوحى الله إِلَى عِيسَى عظ نَفسك فَإِن اتعظت فعظ النَّاس وَإِلَّا فاستحي مني
وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ عِيسَى للحواريين: بِقدر مَا تنصبون هَهُنَا تستريحون هَهُنَا وبقدر مَا تستريحون هَهُنَا تنصبون هَهُنَا
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: طُوبَى لمن خزن لِسَانه ووسعه بَيته وَبكى من ذكر خطيئته
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ: كَانَ عِيسَى يَقُول: إِذا تصدق أحدكُم بِيَمِينِهِ فليخفها عَن شِمَاله وَإِذا صَامَ فلْيَدَّهِنْ وليمسح شَفَتَيْه من دهنه حَتَّى ينظر إِلَيْهِ النَّاظر فَلَا يرى أَنه صَائِم وَإِذا صلى فليدن عَلَيْهِ ستر بَابه فَإِن الله يقسم الثَّنَاء كَمَا يقسم الرزق
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن خَالِد الربعِي قَالَ: ثَبت أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ لأَصْحَابه: أَرَأَيْتُم لَو أَن أحدكُم أَتَى على أَخِيه الْمُسلم وَهُوَ نَائِم وَقد كشفت الرّيح بعض ثَوْبه فَقَالُوا: إِذا كُنَّا نرده عَلَيْهِ قَالَ: لَا
بل تكشفون مَا بَقِي مثل ضربه للْقَوْم يسمعُونَ الرجل بِالسَّيِّئَةِ فَيذكرُونَ أَكثر من ذَلِك
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: فَكرت فِي الْخلق فَإِذا من لم يخلق كَانَ أغبط عِنْدِي مِمَّن خلق
وَقَالَ: لَا تنظروا إِلَى ذنُوب النَّاس كأنكم أَرْبَاب وَلَكِن انْظُرُوا فِي ذنوبكم كأنكم عبيد
وَالنَّاس رجلَانِ: مبتلى ومعافى فارحموا أهل الْبلَاء واحمدوا الله على الْعَافِيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي الْهُذيْل قَالَ: لَقِي عِيسَى يحيى فَقَالَ: أوصني قَالَ: لَا تغْضب قَالَ: لَا أَسْتَطِيع قَالَ: لَا تفتن مَالا قَالَ: أما هَذَا لَعَلَّه
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: مر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام والحواريون رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم على جيفة كلب فَقَالُوا: مَا أنتن هَذَا فَقَالَ: مَا أَشد بَيَاض أَسْنَانه
يَعِظهُمْ وينهاهم عَن الْغَيْبَة
وَأخرج أَحْمد عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَ عِيسَى يحب العَبْد يتَعَلَّم المهنة يَسْتَغْنِي بهَا عَن النَّاس وَيكرهُ العَبْد يتَعَلَّم الْعلم يَتَّخِذهُ مهنة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن سَالم بن أبي الْجَعْد

صفحة رقم 206

قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: اعْمَلُوا لله وَلَا تعملوا لبطونكم انْظُرُوا إِلَى هَذَا الطير يغدوا وَيروح وَلَا يحرث وَلَا يحصد الله تَعَالَى يرزقها
فَإِن قُلْتُمْ نَحن أعظم بطوناً من الطير فانظروا إِلَى هَذِه الأباقر من الْوَحْش والحمر تَغْدُو وَتَروح لَا تحرث وَلَا تحصد الله تَعَالَى يرزقها اتَّقوا فضول الدُّنْيَا فَإِن فضول الدُّنْيَا عِنْد الله رجز
وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: إِن إِبْلِيس قَالَ لعيسى: زعمت أَنَّك تحيي الْمَوْتَى فَإِن كنت كَذَلِك فَادع الله أَن يرد هَذَا الْجَبَل خبْزًا فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أوكل النَّاس يعيشون بالخبز قَالَ: فَإِن كنت كَمَا تَقول فثب من هَذَا الْمَكَان فَإِن الْمَلَائِكَة ستلقاك قَالَ: إِن رَبِّي أَمرنِي أَن لَا أجرب نَفسِي فَلَا أَدْرِي هَل يسلمني أم لَا
وَأخرج أَحْمد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ يَقُول: للسَّائِل حق وَإِن أَتَاك على فرس مطوق بِالْفِضَّةِ
وَأخرج عَن بَعضهم قَالَ أوحى الله إِلَى عِيسَى: إِن لم تطب نَفسك أَن تصفك النَّاس بالزاهد فيَّ لم أكتبك عِنْدِي رَاهِبًا فَمَا يَضرك إِذا بغضك النَّاس وَأَنا عَنْك رَاض وَمَا ينفعك حب النَّاس وَأَنا عَلَيْك ساخط
وَأخرج أَحْمد عَن الْحَضْرَمِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَا: قيل لعيسى بن مَرْيَم بِأَيّ شَيْء تمشي على المَاء قَالَ: بِالْإِيمَان وَالْيَقِين قَالُوا: فانا آمنا كَمَا آمَنت وأيقنا كَمَا أيقنت
قَالَ: فامشوا اذن
فَمَشَوْا مَعَه فجَاء الموج فَغَرقُوا فَقَالَ لَهُم عِيسَى: مَا لكم قَالُوا: خفنا الموج قَالَ: الا خِفْتُمْ رب الموج فاخرجهم ثمَّ ضرب بِيَدِهِ إِلَى الأَرْض فَقبض بهَا ثمَّ بسطها فَإِذا فِي احدى يَدَيْهِ ذهب وَفِي الْأُخْرَى مدر فَقَالَ: أَيهمَا أحلى فِي قُلُوبكُمْ قَالُوا: الذَّهَب قَالَ: فانهما عِنْدِي سَوَاء
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم إِذا ذكر عِنْده السَّاعَة صَاح وَيَقُول: لَا يَنْبَغِي لِابْنِ مَرْيَم أَن تذكر عِنْده السَّاعَة فيسكت
وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يلبس الشّعْر وَيَأْكُل الشّجر وَلَا يخبىء الْيَوْم لغد ويبيت حَيْثُ آواه اللَّيْل
وَلم يكن لَهُ ولد فَيَمُوت وَلَا بيتّ فيخرب
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن: أَن عِيسَى رَأس الزاهدين يَوْم الْقِيَامَة وَأَن

صفحة رقم 207

الفرارين بدينهم يحشرون يَوْم الْقِيَامَة مَعَ عِيسَى بن مَرْيَم وَأَن عِيسَى مر بِهِ إِبْلِيس يَوْمًا وَهُوَ مُتَوَسِّد حجرا وَقد وجد لَذَّة النّوم فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس: يَا عِيسَى أَلَيْسَ تزْعم أَنَّك لَا تُرِيدُ شَيْئا من عرض الدُّنْيَا فَهَذَا الْحجر من عرض الدُّنْيَا فَقَامَ عِيسَى فَأخذ الْحجر فَرمى بِهِ وَقَالَ: هَذَا لَك مَعَ الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب أنّ عِيسَى كَانَ يَأْكُل الشّعير وَيَمْشي على رجلَيْهِ وَلَا يركب الدَّوَابّ وَلَا يسكن الْبيُوت وَلَا يستصبح بالسراج وَلَا يلبس الْقطن وَلَا يمس النِّسَاء وَلم يمس الطّيب وَلم يمزج شرابه بِشَيْء قطّ وَلم يبرده وَلم يدهن رَأسه قطّ وَلم يقرب رَأسه وَلَا لحيته غسول قطّ وَلم يَجْعَل بَين الأَرْض وَبَين جلده شَيْئا قطّ إِلَّا لِبَاسه وَلم يهتم لغداء قطّ وَلَا لعشاء قطّ وَلَا يَشْتَهِي شَيْئا من شهوات الدُّنْيَا
وَكَانَ يُجَالس الضُّعَفَاء والزمنى وَالْمَسَاكِين وَكَانَ إِذا قرب إِلَيْهِ الطَّعَام على شَيْء وَضعه على الأَرْض وَلم يَأْكُل مَعَ الطَّعَام اداماً قطّ وَكَانَ يجتزي من الدُّنْيَا بالقوت الْقَلِيل وَيَقُول: هَذَا لمن يَمُوت وَيُحَاسب عَلَيْهِ كثير
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَنه قيل لعيسى بن مَرْيَم: تزوج
قَالَ: وَمَا أصنع بِالتَّزْوِيجِ قَالُوا: تَلد لَك الْأَوْلَاد
قَالَ: الْأَوْلَاد إِن عاشوا أَفْتَنُوا وَإِن مَاتُوا أَحْزَنُوا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن شُعَيْب بن إِسْحَق قَالَ: قيل لعيسى: لَو اتَّخذت بَيْتا قَالَ: يكفينا خلقان من كَانَ قبلنَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ميسرَة قَالَ: قيل لعيسى: أَلا تبني لَك بَيْتا قَالَ: لَا أترك بعدِي شَيْئا من الدُّنْيَا أذكر بِهِ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سُلَيْمَان قَالَ: بَينا عِيسَى يمشي فِي يَوْم صَائِف وَقد مَسّه الْحر والعطش فَجَلَسَ فِي ظلّ خيمة فَخرج إِلَيْهِ صَاحب الْخَيْمَة فَقَالَ: يَا عبد لله قُم من ظلنا
فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَجَلَسَ فِي الشَّمْس وَقَالَ: لَيْسَ أَنْت الَّذِي أقمتني إِنَّمَا أقامني الَّذِي لم يرد أَن أُصِيب من الدُّنْيَا شَيْئا
وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: كَانَ عِيسَى وَيحيى عَلَيْهِمَا السَّلَام يأتيان الْقرْيَة فَيسْأَل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَن شرار أَهلهَا وَيسْأل يحيى عَلَيْهِ السَّلَام عَن خِيَار أَهلهَا فَقَالَ لَهُ: لم تنزل على شرار النَّاس قَالَ: إِنَّمَا أَنا طَبِيب أداوي المرضى
وَأخرج أَحْمد عَن هِشَام الدستوَائي قَالَ: بَلغنِي أَن فِي حِكْمَة عِيسَى بن مَرْيَم

صفحة رقم 208

عَلَيْهِ السَّلَام: تَعْمَلُونَ للدنيا وَأَنْتُم ترزقون فِيهَا بِغَيْر عمل وَلَا تَعْمَلُونَ للآخرة وَأَنْتُم لَا ترزقون فِيهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَيحكم
عُلَمَاء السوء
الْأجر تأخذون وَالْعَمَل تضيعون توشكون أَن تخْرجُوا من الدُّنْيَا إِلَى ظلمَة الْقَبْر وضيقه وَالله عز وَجل يَنْهَاكُم عَن الْمعاصِي كَمَا أَمركُم بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة
كَيفَ يكون من أهل الْعلم من دُنْيَاهُ آثر عِنْده من آخرته وَهُوَ فِي الدُّنْيَا أفضل رَغْبَة كَيفَ يكون من أهل الْعلم من مسيره إِلَى آخرته وَهُوَ مقبل على دُنْيَاهُ وَمَا يضرّهُ أشهى إِلَيْهِ مِمَّا يَنْفَعهُ وَكَيف يكون من أهل الْعلم من سخط واحتقر مَنْزِلَته وَهُوَ يعلم أَن ذَلِك من علم الله وَقدرته كَيفَ يكون من أهل الْعلم من اتهمَ الله تَعَالَى فِي قَضَاءَهُ فَلَيْسَ يرضى بِشَيْء أَصَابَهُ كَيفَ يكون من أهل الْعلم من طلب الْكَلَام ليتحدث وَلم يَطْلُبهُ ليعْمَل بِهِ وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن أشياخه أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مرَّ بعقبة أفِيق وَمَعَهُ رجل من حواريه فاعترضهم رجل فَمَنعهُمْ الطَّرِيق وَقَالَ: لَا أترككما تجوزان حَتَّى ألطم كل وَاحِد مِنْكُمَا لطمة فحاولاه فَأبى إِلَّا ذَاك فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أما خدي فالطمه
فَلَطَمَهُ فخلى سَبيله وَقَالَ للحواري: لَا أدعك تجوز حَتَّى ألطمك فتمنع عَلَيْهِ فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَاك أعطَاهُ خَدّه الآخر فَلَطَمَهُ فخلى سبيلهما فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا لَك رضى فبلغني رضاك وَإِن كَانَ هَذَا سخطاً فَإنَّك أولى بِالْعَفو
وَأخرج عبد الله ابْنه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: بَيْنَمَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام جَالس مَعَ أَصْحَابه مرت بِهِ امْرَأَة: فَنظر إِلَيْهَا بَعضهم فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه: زَنَيْت فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَرَأَيْت لَو كنت صَائِما فمررت بشواء فشممته أَكنت مُفطرا قَالَ: لَا
وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء قَالَ: قَالَ عِيسَى: مَا أَدخل قَرْيَة يَشَاء أَهلهَا أَن يُخْرِجُونِي مِنْهَا إِلَّا أَخْرجُونِي
يَعْنِي لَيْسَ لي فِيهَا شَيْء قَالَ: وَكَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يتَّخذ نَعْلَيْنِ من لحى الشّجر وَيجْعَل شراكهما من لِيف
وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ: قَالَ الْمَسِيح: لَيْسَ كَمَا أُرِيد وَلَكِن كَمَا تُرِيدُ وَلَيْسَ كَمَا أَشَاء وَلَكِن كَمَا تشَاء
وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ: بَلغنِي أَنه مَا من كلمة كَانَت تقال لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام أحب إِلَيْهِ من أَن يُقَال: هَذَا الْمِسْكِين

صفحة رقم 209

وَأخرج ابْنه عَن ابْن حليس قَالَ: قَالَ عِيسَى: إِن الشَّيْطَان مَعَ الدُّنْيَا ومكره مَعَ المَال وتزيينه عِنْد الْهوى واستكماله عِنْد الشَّهَوَات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ: كَانَ عِيسَى يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحت لَا أَسْتَطِيع دفع مَا أكره وَلَا أملك نفع مَا ارجو وَأصْبح الْأَمر بيد غَيْرِي وأصبحت مرتهنا بعملي فَلَا فَقير أفقر مني فَلَا تُشْمِت بِي عدوّي وَلَا تسيء بِي صديقي وَلَا تجْعَل مصيبتي فِي ديني وَلَا تُسَلِّطْ عليَّ من لَا يرحمني
وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: فِي كتب الحواريين إِذا سلك بك سَبِيل الْبلَاء فَاعْلَم أَنه سلك بك سَبِيل الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَإِذا سُلِكَ بك سَبِيل أهل الرخَاء فَاعْلَم أَنه سُلِكَ بك غير سبيلهم وخُولفَ بك عَن طريقهم
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالَ عِيسَى: إِنَّمَا أبعثكم كالكباش تلتقطون خراف بني إِسْرَائِيل فَلَا تَكُونُوا كالذئاب الضواري الَّتِي تخطتف النَّاس وَعَلَيْكُم بالخرفان مَا لكم تأتون عَلَيْكُم ثِيَاب الشّعْر وقلوبكم قُلُوب الْخَنَازِير البسوا ثِيَاب الْمُلُوك ولينوا قُلُوبكُمْ بالخشية
وَقَالَ عِيسَى: يَا ابْن آدم اعْمَلْ باعمال البّر حَتَّى يبلغ عَمَلك عنان السَّمَاء فَإِن لم يكن حبا فِي الله مَا اغنى ذَلِك عَنْك شَيْئا
وَقَالَ عِيسَى للحواريين: إِن إِبْلِيس يُرِيد أَن يبخلكم فَلَا تقعوا فِي بخله
وَأخرج أَحْمد عَن الْحسن بن عَليّ الصَّنْعَانِيّ قَالَ: بلغنَا أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا معشر الحواريين ادْع الله أَن يُخَفف عني هَذِه السكرة - يَعْنِي الْمَوْت - ثمَّ قَالَ عِيسَى: لقد خفت الْمَوْت خوفًا أوقفني مخافتي من الْمَوْت على الْمَوْت
وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه إِن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ وَاقِفًا على قبر وَمَعَهُ الحواريون وَصَاحب الْقَبْر يدلى فِيهِ فَذكرُوا من ظلمَة الْقَبْر ووحشته وضيقه فَقَالَ عِيسَى: قد كُنْتُم فِيمَا هُوَ أضيق مِنْهُ فِي أَرْحَام أُمَّهَاتكُم فَإِذا أحب الله أَن يُوسع وسّع
وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام: أَكْثرُوا ذكر الله وحمده وتقديسه وأطيعوه فَإِنَّمَا يَكْفِي أحدكُم من الدُّعَاء إِذا كَانَ الله تبَارك وَتَعَالَى رَاضِيا عَلَيْهِ أَن يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطيئتي واصلح لي معيشتي وَعَافنِي من المكاره يَا إلهي
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للحواريين: بِحَق

صفحة رقم 210

أَقُول لكم: مَا الدُّنْيَا تُرِيدُونَ وَلَا الْآخِرَة قَالُوا: يَا رَسُول الله فسر لنا هَذَا فقد كُنَّا نرى أَنا نُرِيد إِحْدَاهمَا قَالَ: لَو أردتم الدُّنْيَا لأطعتم رب الدُّنْيَا الَّذِي مَفَاتِيح خزائنها بِيَدِهِ فأعطاكم ولوأردتم الْآخِرَة أطعتم رب الْآخِرَة الَّذِي يملكهَا فأعطاكم وَلَكِن لَا هَذِه تُرِيدُونَ وَلَا تِلْكَ
وَأخرج أَحْمد عَن أبي عُبَيْدَة
أَن الحواريين قَالُوا لعيسى: مَاذَا نَأْكُل قَالَ: تَأْكُلُونَ خبز الشّعير وبقل الْبَريَّة
قَالُوا: فَمَاذَا نشرب قَالَ: تشربون مَاء القراح
قَالُوا: فَمَاذَا نتوسد قَالَ: توسدوا الأَرْض قَالُوا: مَا نرَاك تَأْمُرنَا من الْعَيْش إِلَّا بِكُل شَدِيد قَالَ: بِهَذَا تنجون وَلَا تَحُلّون ملكوت السَّمَوَات حَتَّى يَفْعَله أحدكُم وَهُوَ مِنْهُ على شَهْوَة قَالُوا: وَكَيف يكون ذَلِك قَالَ: ألم تروا أَن الرجل إِذا جَاع فَمَا أحب إِلَيْهِ الكسرة وان كَانَت شَعِيرًا وَإِن عَطش فَمَا أحب إِلَيْهِ المَاء وَإِن كَانَ قراحاً وَإِذا أَطَالَ الْقيام فَمَا أحب إِلَيْهِ أَن يتوسد الأَرْض
وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء أَنه بلغه أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: تَرَجَّ ببلاغة وتيقظ فِي سَاعَات الْغَفْلَة واحكم بلطف الفطنة لَا تكن حَلْساً مطروحاً وَأَنت حَيّ تتنفس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: يَا معشر الحواريين اتَّخذُوا بُيُوتكُمْ منَازِل وَاتَّخذُوا الْمَسَاجِد مسَاكِن وكلوا من بقل الْبَريَّة واخرجوا من الدُّنْيَا بِسَلام
وَأخرج أَحْمد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: اجعلوا كنوزكم فِي السَّمَاء فَإِن قلب الْمَرْء عِنْد كنزه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن سعيد الْجعْفِيّ قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: بَيْتِي الْمَسْجِد وطيبي المَاء وادامي الْجُوع وشعاري الْخَوْف ودابتي رجلاي ومصطلاي فِي الشتَاء مَشَارِق الشَّمْس وسراجي بِاللَّيْلِ الْقَمَر وجلسائي الزمنى وَالْمَسَاكِين وامسي وَلَيْسَ لي شَيْء وأُصبحُ وَلَيْسَ لي شَيْء وَأَنا بِخَير فَمن أغْنى مني
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ: قَالَ عِيسَى: بطحت لكم الدُّنْيَا وجلستم على ظهرهَا فَلَا ينازعكم فِيهَا إِلَّا الْمُلُوك وَالنِّسَاء
فاما الْمُلُوك فَلَا تنازعوهم الدُّنْيَا فَإِنَّهُم لم يعرضُوا لكم دنياهم وَأما النِّسَاء فاتقوهن بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة

صفحة رقم 211

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: قَالَ الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّمَا تطلب الدُّنْيَا لِتُبرَّ فَتَركهَا ابرُّ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن شُعَيْب بن صَالح قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: وَالله مَا سكنت الدُّنْيَا فِي قلب عبد إِلَّا التاط قلبه مِنْهَا بِثَلَاث: شغل لَا يَنْفَكّ عناه وفقر لَا يدْرك غناهُ وأمل لَا يدْرك منتهاه
الدُّنْيَا طالبة ومطلوبة
فطالب الْآخِرَة تطلبه الدُّنْيَا حَتَّى يستكمل فِيهَا رزقه وطالب الدُّنْيَا تطلبه الْآخِرَة حَتَّى يَجِيء الْمَوْت فَيَأْخُذ بعنقه
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: كَمَا توضعون كَذَلِك ترفعون وكما ترحمون كَذَلِك ترحمون وكما تقضون من حوائج النَّاس كَذَلِك يقْضِي الله من حَوَائِجكُمْ
وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: لَيْسَ الْإِحْسَان أَن تحسن إِلَى من أحسن إِلَيْك تِلْكَ مُكَافَأَة إِنَّمَا الْإِحْسَان أَن تحسن إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْك
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَم مر بِقوم فَشَتَمُوهُ فَقَالَ خيرا
وَمر بِآخَرين فَشَتَمُوهُ وَزَادُوا فَزَادَهُم خيرا
فَقَالَ رجل من الحواريين: كلما زادوك شرا زدتهم خيرا كَأَنَّك تغريهم بِنَفْسِك فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: كل إِنْسَان يُعْطي مَا عِنْده
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن أنس قَالَ: مر بِعِيسَى بن مَرْيَم خِنْزِير فَقَالَ: مر بِسَلام
فَقيل لَهُ: يَا روح الله لهَذَا الْخِنْزِير تَقول قَالَ: أكره أَن أَعُود لساني الشَّرّ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سُفْيَان قَالَ: قَالُوا لعيسى بن مَرْيَم دلنا على عمل ندخل بِهِ الْجنَّة قَالَ: لَا تنطقوا أبدا قَالُوا: لَا نستطيع ذَلِك قَالَ: فَلَا تنطقوا إِلَّا بِخَير
وَأخرج الخرائطي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: خُذُوا الْحق من أهل الْبَاطِل وَلَا تَأْخُذُوا الْبَاطِل من أهل الْحق كونُوا مُنْتَقِدِي الْكَلَام كي لَا يجوز عَلَيْكُم الزُّيُوف
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن زَكَرِيَّا بن عدي قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم: يَا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدُّنْيَا مَعَ سَلامَة الدّين كَمَا رَضِي أهل الدُّنْيَا بدنيء الدّين مَعَ سَلامَة الدُّنْيَا

صفحة رقم 212

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: أكل الشّعير مَعَ الرماد وَالنَّوْم على الْمَزَابِل مَعَ الْكلاب
لقَلِيل فِي طلب الفردوس
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم يَقُول: لَا يُطيق عبد أَن يكون لَهُ ربان
أَن أرْضى أَحدهمَا أَسخط الآخر وَإِن أَسخط أَحدهمَا أرْضى الآخر
وَكَذَلِكَ لَا يُطيق عبد أَن يكون لَهُ خَادِمًا للدنيا يعْمل عمل الْآخِرَة
لَا تهتموا بِمَا تَأْكُلُونَ وَلَا مَا تشربون فَإِن الله لم يخلق نفسا أعظم من رزقها وَلَا جسداً أعظم من كسوته فاعتبروا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن المَقْبُري
أَنه بلغه أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ يَقُول: يَا ابْن آدم إِذا عملت الْحَسَنَة فاله عَنْهَا فَإِنَّهَا عِنْد من لَا يضيعها وَإِذا عملت سَيِّئَة فاجعلها نصب عَيْنك
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن أبي هِلَال أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ يَقُول: من كَانَ يظنّ أَن حرصاً يزِيد فِي رزقه فليزد فِي طوله أَو فِي عرضه أَو فِي عدد بنائِهِ أَو تغير لَونه
أَلا فَإِن الله خلق الْخلق فَهَيَّأَ الْخلق لما خلق ثمَّ قسم الرزق فَمضى الرزق لما قسم فَلَيْسَتْ الدُّنْيَا بِمُعطِيَةٍ أحدا شَيْئا لَيْسَ لَهُ وَلَا بِمَانِعَةٍ أحدا شَيْئا هُوَ لكم فَعَلَيْكُم بِعبَادة ربكُم فانكم خُلِقْتُمْ لَهَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عمرَان بن سُلَيْمَان قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لأَصْحَابه: إِن كُنْتُم إخْوَانِي وأصحابي فوطنوا أَنفسكُم على الْعَدَاوَة والبغضاء من النَّاس
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الْعَزِيز بن ظبْيَان قَالَ: قَالَ الْمَسِيح: من تَعَلَّم وَعمل وعَلَّمَ فَذَلِك يدعى عَظِيما فِي ملكوت السَّمَاء
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن عِيسَى بن مَرْيَم قَامَ فِي بني إِسْرَائِيل فَقَالَ: يَا معشر الحواريين لَا تُحَدِّثوا بالحكمة غير أَهلهَا فتظلموها وَلَا تمنعوها أَهلهَا فتظلموهم والأمور ثَلَاثَة: أَمر تبين رشده فَاتَّبعُوهُ وَأمر تبين لكم غِيَّهُ فَاجْتَنبُوهُ وَأمر اخْتُلِفَ عَلَيْكُم فِيهِ فَرُدُّوا علمه إِلَى الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: إِن منعت الْحِكْمَة أَهلهَا جهلت وَإِن منحتها غير أَهلهَا جهلت
كن كالطبيب المداوي إِن رأى موضعا للدواء وَإِلَّا أمسك

صفحة رقم 213

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم للحواريين: يَا معشر الحواريين لَا تطرحوا اللُّؤْلُؤ إِلَى الْخِنْزِير فَإِن الْخِنْزِير لَا يصنع باللؤلؤة شَيْئا وَلَا تعطوا الْحِكْمَة من لَا يريدها فَإِن الْحِكْمَة خير من اللُّؤْلُؤ وَمن لَا يريدها شَرّ من الْخِنْزِير
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَالَ عِيسَى: يَا عُلَمَاء السوء جلستم على أَبْوَاب الْجنَّة
فَلَا أَنْتُم تدخلونها وَلَا تدعون الْمَسَاكِين يدْخلُونَهَا
أَن شرّ النَّاس عِنْد الله عَالم يطْلب الدُّنْيَا بِعِلْمِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: إِن مثل حَدِيث النَّفس بالخطيئة كَمثل الدُّخان فِي الْبَيْت لَا يحرقه فَإِنَّهُ ينتن رِيحه ويغير لَونه
قَوْله تَعَالَى: ﴿والتوراة وَالْإِنْجِيل﴾ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ عِيسَى يقْرَأ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل
الْآيَة ٤٩

صفحة رقم 214
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية