آيات من القرآن الكريم

شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ

وخرج أبو بكر بن الخطيب بسنده، عن عبد الرحمن بن عوف «١»، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
قَالَ: «إِنَّ نُزُولَ اللَّهِ تعالى إِلَى الشَّيْءِ إِقْبَالُهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نُزُولٍ» «٢». اهـ.
والسَّحَر: آخرُ الليل، قال نافِعٌ: «كان ابْنُ عُمَرَ يُحْيِي الليْلَ صلاةً، ثم يقولُ: يا نَافِعُ، أسْحَرْنَا، فأقول: لاَ، فَيُعَاوِدُ الصَّلاة، ثم يسأل، فَإِذا قُلْتُ: نَعَمْ، قَعَدَ يَسْتَغْفِرُ».
قال ع «٣» : وحقيقةُ السَّحَرِ في هذه الأحكامِ الشرعيَّة من الاستغفار المحمودِ، وسُحُورِ الصَّائِمِ، ومِنْ يَمِين لَوْ وَقَعَتْ، إنما هي مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخر إلى الفجر.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٨ الى ٢٠]
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٢٠)

(١) هو: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة.. أبو محمد. القرشي. الزهري. من مشاهير الصحابة، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى الذين أوصى إليهم عمر بعده، وأحد الثمانية الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وصلّى خلفه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومناقبه كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.
توفي سنة (٣١) ب «المدينة».
تنظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٣/ ٤٨٠)، «الإصابة» (٤/ ١٧٦)، «الاستيعاب» (٢/ ٨٤٤)، «الاستبصار» (١١٤، ١٢٦)، «تجريد أسماء الصحابة» (١/ ٣٥٣)، «عنوان النجابة» (١٣١)، «الرياض المستطابة» (١٧٦)، «الأعلام» (٣/ ٣٢١)، «التاريخ الكبير» (٥/ ٢٣٩)، «التاريخ الصغير» (١/ ٥٠)، «العبر» (١/ ٣٣)، «الكاشف» (٢/ ١٧٩)، «بقي بن مخلد» (٥٣)، «تاريخ الإسلام» (٣/ ٢٢١)، «الرياض النضرة» (٢/ ٣٧٦)، «البداية والنهاية» (٧/ ١٦٣)، «سير أعلام النبلاء» (١/ ٦٨)، «شذرات الذهب» (١/ ٢٥، ٣٨، ٦٢)، «التحفة اللطيفة» (٢/ ٥٢٤)، «تهذيب الكمال» (٢/ ٨٠٩)، «تقريب التهذيب» (١/ ٤٩٤)، «العقد الثمين» (٥/ ٣٩٦).
(٢) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٢/ ٢٤٦). وقال الذهبي في «الميزان» (٥٠٨٣) : إسناد مظلم، ومتن مختلق، وقال ابن عراق في «تنزيه الشريعة» (١/ ١٣٨) : وفيه عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر البقال، وبحر بن كنيز السقا، وعبد الكريم بن روح. قال الذهبي في «تلخيص الموضوعات» : هم ظلمات متروكون.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٤١٢).

صفحة رقم 20

وقوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ... الآية: معنى: شَهِدَ اللَّهُ: أعلم عباده بهذا الأمْر الحَقِّ، وقال ص: شَهِدَ، بمعنى عَلِمَ أو قضى، أوْ حَكَم، أو بَيَّن، وهي أقوال اهـ.
وأسند أبو عُمَرَ بن عبد البر في كتاب «فضل العلم» عن غالبٍ القَطَّان، قَالَ: كُنْتُ أختلِفُ إِلى الأَعْمَشِ، فرأيته ليلةً قَامَ يتهجَّد من الليل، وقرأ بهذه الآية: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ قال الأعمش: وأنا أشْهَدُ بما شَهِدَ اللَّه به، وأسْتَوْدِعُ اللَّهَ هذه الشهادةَ، فقلْتُ للأعمش: إِني سمعتُكَ تقرأُ هذه الآية تردِّدها، فما بَلَغَكَ فيها؟ قال: حدَّثني أبو وَائِلٍ، عن ابنِ مَسْعُودٍ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قَالَ: يُجَاءُ بِصَاحِبِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: عَبْدِي عهدَ إلَيَّ، وَأَنَا أَحَقُّ مِنْ وفى بِالعَهْدِ، أدْخِلُوا عَبْدِي/ الجَنَّةَ» «١». اهـ.
وقرأ جميعُ القرَّاء «أَنَّهُ» بفتح الهمزةِ وبكَسْرها من قوله: إِنَّ الدِّينَ على استئناف الكلامِ، وقرأ الكِسَائيُّ وحْده: «أَنَّ الدِّينَ» بفتح الهمزةِ بَدَلاً من «أَنَّهُ» الأولى، وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ: عطْفٌ على اسم الله، قال الفَخْر «٢» : المراد بِأُولِي العِلْمِ هنا:
الذينَ عَرَفُوا اللَّه بالدَّلاَلة القطعيَّة لأن الشهادة، إنما تكونُ مقبولةً، إِذا كان الإِخبار مقروناً بالعلْمِ، وهذا يدلُّ أنَّ هذه الدرجةَ الشريفَةَ لَيْسَتْ إِلا للعلماء بالأُصُولِ، وتكرَّرت «لا إِله إِلا اللَّه» هنا، وفائدةُ هذا التكرير الإِعلامُ بأنَّ المسلم يجبُ أنْ يكون أَبداً في تكرير هذه الكلمة، فإِنَّ أشرفَ كلمةٍ يذكرها الإِنسان هي هذه الكلمةُ، وإذا كان في أكثر الأوقات مُشْتَغِلاً بذكْرِها، وبتكريرها، كان مُشْتَغِلاً بأعظمِ أنواعِ العباداتِ، فكان من التكريرِ في هذه الآيةِ حضُّ العبادِ على تكريرها. اهـ.
وصحّ في البخاريّ، عنه صلّى الله عليه وسلّم أنَّهُ قَالَ: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ من قال:

(١) أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (٣/ ٣٢٥)، وابن عدي في «الكامل» (٥/ ١٦٩٣- ١٦٩٤). والخطيب في «تاريخه» (٧/ ١٩٣- ١٩٤)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (٦٠٧). كلهم من طريق عمار بن عمر، عن أبيه، عن غالب القطان به.
وقال العقيلي في ترجمة عمار: لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به.
وقال الذهبي في «الميزان» (٣/ ٣٣٠) : الآفة من عمر فإنه متهم بالوضع. وأقرّه الحافظ في «اللسان» (٤/ ٢٧٣).
(٢) ينظر: «مفاتيح الغيب» (٧/ ١٧٩).

صفحة رقم 21

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ خَالِصاً مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ» «١»، وروى زيْدُ بن أرْقَم «٢»، عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
«مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصاً دَخَلَ الجَنَّةَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إخْلاَصُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَحْجِزَهُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ» «٣»، خرَّجه الترمذيُّ الحَكِيمُ في «نَوَادِرِ الأصول» اهـ من «التّذكرة».
وقائِماً: حالٌ من اسمِهِ تعالى في قوله: شَهِدَ اللَّهُ، أو من قوله: إِلَّا هُوَ، والقسط: العَدْل، وقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ... الآية: الدِّينُ في هذه الآية: الطاعةُ والمِلَّة، والمعنى: أنَّ الدين المَقْبُول أو النافع هو الإِسلام، والإِسلام في هذه الآية هو الإِيمانُ والطَّاعات، قاله أبو العالية «٤» وعليه جمهور المتكلِّمين، وحديثُ:
«بُنِيَ الإِسْلاَمُ على خَمْسٍ» «٥»، وحديثُ مجيء جبريل يعلّم النّاس................

(١) أخرجه البخاري (١/ ٢٣٣) كتاب «العلم»، باب الحرص على الحديث، حديث (٩٩)، و (١١/ ٤٢٦) :
كتاب «الرقاق»، باب صفة الجنة والنار، حديث (٦٥٧٠).
(٢) هو: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج. أبو عمر. وقيل: أبو سعد، وقيل: أبو سعيد. الأنصاري، الخزرجي. سكن «الكوفة»، وابتنى بها دارا في «كندة».
روى حديثا كثيرا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، روي عنه من وجوه أنه شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبع عشرة غزوة، واستصغر يوم أحد، وكان يتيما في حجر عبد الله بن رواحة، وسار معه إلى مؤتة، ويقال: إن أول مشاهده «المريسيع». شهد مع علي «صفين»، وهو معدود في خاصة أصحابه.
توفي ب «الكوفة» سنة (٦٦)، وقيل: (٦٨).
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٢/ ٢٧٦)، «الإصابة» (٣/ ٢١)، «الثقات» (٣/ ١٣٩)، «الاستيعاب» (٢/ ٥٣٥)، «الاستبصار» (١١)، «الأعلام» (٣/ ٥٦)، «تجريد أسماء الصحابة» (١/ ١٩٦)، «الطبقات الكبرى» (١/ ١٨، ٢/ ٦٥)، «در السحابة» (٧٧٠)، «الرياض المستطابة» (٨٧)، «بقي بن مخلد» (٤٨).
(٣) ذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (٢/ ٣٩١) رقم (٢٢٥٣)، وعزاه للطبراني في «الكبير»، و «الأوسط»، وضعفه.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١/ ٢١)، وقال: رواه الطبراني في «الأوسط»، و «الكبير»، وفي إسناده محمد بن عبد الرّحمن بن عزوان، وهو وضاع. [.....]
(٤) ذكره ابن عطية في « «تفسيره» » (٣/ ٤١٣).
(٥) أخرجه البخاري (١/ ٦٤) كتاب «الإيمان»، باب دعاؤكم إيمانكم حديث (٨)، ومسلم (١/ ٤٥) كتاب «الإيمان»، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، حديث (١٩/ ١٦)، والترمذي (٥/ ٥) كتاب «الإيمان»، باب ما جاء في «بني الإسلام على خمس»، حديث (٢٦٠٩)، والنسائي (٨/ ١٠٧- ١٠٨) كتاب «الإيمان»، باب على كم بني الإسلام، وأحمد (٢/ ١٢٠، ١٤٣)، والحميدي (٢/ ٣٠٨) رقم (٧٠٣)، وابن خزيمة (٣٠٨، ٣٠٩)، وأبو يعلى (١٠/ ١٦٤) رقم (٥٧٨٨)، وابن حبان (١٥٨)، وأبو نعيم في «الحلية» (٣/ ٦٢)، والبيهقي (٤/ ٨١) كتاب «الزكاة»، والبغوي في «شرح السنة» (١/ ٦٤- بتحقيقنا) من طرق عن ابن عمر به.
وقال الترمذي: هذ حديث حسن صحيح. -

صفحة رقم 22

دينَهُمْ «١» يفسِّر ذلك، ثم أخبر تعالى عن اختلاف أهْلِ الكتابِ بَعْد علمهم بالحقائقِ، وأنه

- وللحديث شاهد من حديث جرير: أخرجه أحمد (٤/ ٣٦٣)، وأبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٢٥١)، والطبراني في «الكبير» (٢/ ٣٢٦) رقم (٢٣٦٣، ٢٣٦٤) من طرق عن الشعبي عن جرير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان».
وقال الهيثمي في «المجمع» (١/ ٥٠) : وإسناد أحمد صحيح.
(١) أخرجه أحمد (٣/ ٣٣٠)، والترمذي (١/ ٢٨١- ٢٨٣)، كتاب «الصلاة»، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، الحديث (١٥٠)، والنسائي (١/ ٢٥٥)، كتاب «الصلاة»، باب آخر وقت العصر، والدارقطني (١/ ٢٥٧)، كتاب «الصلاة»، باب إمامة جبرائيل، الحديث (٣)، والحاكم (١/ ١٩٥)، كتاب «الصلاة»، والبيهقي (١/ ٣٦٨)، كتاب «الصلاة»، باب وقت المغرب، من حديث وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله «أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جاءه جبريل (عليه السلام) فقال له: قم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب فقال: قم فصله، فصلى المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء فقال: قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاء الفجر فقال: قم فصله، فصلى الفجر حين برق الفجر، أو قال سطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر فقال: فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال ثلث الليل، فصلى العشاء، ثم جاءه الفجر حين أسفر جدا، فقال: قم فصله، فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت».
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
حديث جابر في المواقيت:
قد رواه عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، نحو حديث وهب بن كيسان، عن جابر، وقال محمد- يعني البخاري-: أصح شيء في المواقيت، حديث جابر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح مشهور. ووافقه الذهبي، وقال الزيلعي (١/ ٢٢٢) وقال ابن القطان:
هذا الحديث يجب أن يكون مرسلا لأن جابرا لم يذكر من حدثه بذلك، وجابر لم يشاهد ذلك صبيحة الإسراء لما علم أنه أنصاري، إنما صحب بالمدينة، ولا يلزم ذلك في حديث أبي هريرة، وابن عباس، فإنهما رويا إمامة جبريل من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وتعقبه ابن دقيق العيد كما في «نصب الراية» (١/ ٢٢٣) فقال: وهذا المرسل غير ضار، فمن أبعد البعد أن يكون جابر سمعه من تابعي عن صحابي، وقد اشتهر أن مراسيل الصحابة مقبولة، وجهالة عينهم غير ضارة.
قلت: وقد صرح جابر بأن هذا من كلام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما في «سنن الترمذي». فقال: عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أمني جبريل».. فذكر الحديث.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة منهم: ابن عباس، وأبو هريرة، وأبو مسعود الأنصاري، وعمرو بن حزم، وأبو سعيد الخدري وأنس.
حديث ابن عباس: -

صفحة رقم 23

كان بَغْياً وطلباً للدنيا قاله ابن عُمَر وغيره «١»، والَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ: لفظٌ يعُمُّ اليهودَ والنصارى، لكنَّ الرَّبِيعَ بنَ أنسٍ «٢» قال: المرادُ بهذه الآية اليهود اختلفوا بعد موت

- أخرجه أبو داود (٣٩٣)، والترمذي (١٤٩)، والحاكم (١/ ١٩٣)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (١/ ٨٧)، وابن الجارود (٧٨)، والدارقطني (١/ ٢٥٨)، والبيهقي (١/ ٣٦٤) من طريق عبد الرّحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، عن حكيم عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس بنحو حديث جابر.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وصححه ابن حبان، وابن خزيمة فقد روياه في صحيحيهما كما في «نصب الراية» (١/ ٢٢١).
لكن قال الزيلعي في «نصب الراية» (١/ ٢٢١) : وعبد الرّحمن بن الحارث هذا تكلم فيه أحمد، وقال:
متروك الحديث، هكذا حكاه ابن الجوزي في «كتاب الضعفاء»، ولينه النسائي، وابن معين، وأبو حاتم الرازي، ووثقه ابن سعد، وابن حبان. قال في «الإمام» : ورواه أبو بكر بن خزيمة في «صحيحه»، وقال ابن عبد البر في «التمهيد» : وقد تكلم بعض الناس في حديث ابن عباس هذا بكلام لا وجه له، ورواته كلهم مشهورون بالعلم.
وقد أخرجه عبد الرزاق عن الثوري، وابن أبي سبرة، عن عبد الرّحمن بن الحارث بإسناده، وأخرجه أيضا عن العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن عباس نحوه، قال الشيخ:
وكأنه اكتفى بشهرة العلم مع عدم الحرج الثابت، وأكد هذه الرواية بمتابعة ابن أبي سبرة، عن عبد الرّحمن، ومتابعة العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، وهي متابعة حسنة. اهـ.
حديث أبي هريرة:
أخرجه النسائي (١/ ٢٨٨)، والدارقطني (١/ ٢٥٨)، والحاكم (١/ ١٩٤)، والبيهقي (١/ ٣٦٩) بلفظ:
«هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم»، فصلى الصبح حين طلع الفجر... بنحو الحديث الأول.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
حديث أبي مسعود الأنصاري:
أخرجه أبو داود (٣٩٤)، والدارقطني (١/ ٢٥٧)، والحاكم (١/ ١٩٤)، والبيهقي (١/ ٣٦٣).
وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
حديث عمرو بن حزم:
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»، كما في «نصب الراية» (١/ ٢٢٥)، وعنه إسحاق بن راهويه في مسنده.
حديث أبي سعيد الخدري:
أخرجه أحمد (٣/ ٣٠)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (١/ ٨٨).
حديث أنس:
أخرجه الدارقطني (١/ ٢٥٧)، من طريق قتادة عنه.
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٢١٣) برقم (٦٧٦٤) وذكره ابن عطية (١/ ٤١٣).
(٢) الرّبيع بن أنس الكندي، أو الحنفي، البصري، عن أنس، والحسن، وأرسل عن أم سلمة. وعنه سليمان-

صفحة رقم 24
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية