آيات من القرآن الكريم

۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ

وكان الرد القرآني مفحما لهم: إن صدقتم مع أنكم قاعدون في المدينة، فادفعوا الموت عن أنفسكم، وهذا يدل على أن الحذر لا يمنع القدر، وأن المقتول يقتل بأجله، وما علم الله وأخبر به كائن لا محالة. قال أبو الليث السمرقندي: سمعت بعض المفسرين بسمرقند يقول: لما نزلت الآية: فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ: مات يومئذ سبعون نفسا من المنافقين.
منزلة الشهداء المجاهدين في سبيل الله
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٦٩ الى ١٧٥]
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)
الإعراب:
فَرِحِينَ حال منصوب من ضمير يُرْزَقُونَ. أَلَّا خَوْفٌ بدل من بِالَّذِينَ.

صفحة رقم 159

وَأَنَّ اللَّهَ قرئ بفتح أن وكسرها، فمن فتحها عطفها على قوله: بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ومن كسرها جعلها مبتدأة مستأنفة الَّذِينَ اسْتَجابُوا مبتدأ، وخبره: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا. الَّذِينَ قالَ بدل من الَّذِينَ قبله، أو نعت.
يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ تقديره: يخوفكم بأوليائه، فحذف المفعول الأول وهو «كم» والباء من المفعول الثاني، مثل قوله تعالى: لِيُنْذِرَ بَأْساً [الكهف ١٨/ ٢] وتقديره: لينذركم ببأس شديد.
البلاغة:
يوجد إطناب في يَسْتَبْشِرُونَ وفي لَنْ يَضُرُّوا وفي اسم الجلالة في مواضع، ويوجد طباق في أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ.
المفردات اللغوية:
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي لأجل دينه. يُرْزَقُونَ يأكلون من ثمار الجنة. يَسْتَبْشِرُونَ يفرحون، الاستبشار: السرور الحاصل بالبشارة. بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ هم الذين بقوا في الدنيا من إخوانهم المؤمنين الذين يقاتلون في سبيل الله. أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ أي يفرحون بألا خوف على الذين لم يلحقوا بهم. وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ في الآخرة، المعنى يفرحون بأمنهم وفرحهم فَرِحِينَ مسرورين. بِنِعْمَةٍ ثواب. وَفَضْلٍ زيادة عليه. وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ بل يأجرهم.
اسْتَجابُوا أجابوا وأطاعوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أي أجابوا دعاءه بالخروج للقتال، لما أراد أبو سفيان، وأصحابه العود، وتواعدوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه سوق بدر العام المقبل من يوم أحد الْقَرْحُ الألم الشديد والجراح في يوم أحد. لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ بطاعته، والإحسان:
إتقان العمل على أكمل وجه. وَاتَّقَوْا مخالفته. أَجْرٌ عَظِيمٌ هو الجنة.
قالَ لَهُمُ النَّاسُ أي نعيم بن مسعود الأشجعي. إِنَّ النَّاسَ أبا سفيان وأصحابه.
قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ الجموع ليستأصلوكم. فَاخْشَوْهُمْ ولا تأتوهم. فَزادَهُمْ ذلك القول.
إِيماناً تصديقا بالله ويقينا.
حَسْبُنَا اللَّهُ كافينا أمرهم. وَنِعْمَ الْوَكِيلُ المفوض إليه الأمر، وقد خرجوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، فوافوا سوق بدر، وألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان وأصحابه، فلم يأتوا، وكان معهم تجارات فباعوا وربحوا.
فَانْقَلَبُوا رجعوا بسرعة، أي من بدر. بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ بسلامة وربح. لَمْ

صفحة رقم 160

يَمْسَسْهُمْ
من قتل أو جرح. إِنَّما ذلِكُمُ أي القائل لكم المثبط: إن الناس. الشَّيْطانُ المراد بالشيطان نعيم بن مسعود أو أبو سفيان. ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف بمعنى: إن ذلكم قول الشيطان أي قول إبليس لعنه الله، وهو الأولى.
يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ يخوفكم أنصاره من المشركين، وهم أبو سفيان وأصحابه. وَخافُونِ في ترك أمري. إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ حقا.
سبب النزول:
نزول الآية (١٦٩) :
وَلا تَحْسَبَنَّ:
روى أحمد وأبو داود والحاكم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا، لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل هذه الآية: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا الآية وما بعدها، وروى الترمذي عن جابر نحوه.
نزول الآية (١٧٢) :
الَّذِينَ اسْتَجابُوا:
أخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال: إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب بعد الذي كان منه يوم أحد، فرجع إلى مكة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا، وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب، وكانت وقعة أحد في شوال، وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة، فينزلون ببدر الصغرى، وإنهم قدموا بعد وقعة أحد، وكان أصاب المؤمنين القرح، واشتكوا ذلك، فندب النبي صلّى الله عليه وسلّم الناس، لينطلقوا معه، فجاء الشيطان فخوف أولياءه، فقال: إن الناس قد جمعوا لكم، فأبي عليه الناس أن يتبعوه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

صفحة رقم 161

«إني ذاهب، وإن لم يتبعني أحد» فانتدب معه أبا بكر وعمر وعثمان وعليا والزبير وسعدا وطلحة وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبا عبيدة بن الجراح في سبعين رجلا، فساروا في طلب أبي سفيان، فطلبوه حتى بلغوا الصفراء، فأنزل الله: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ الآية.
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: لما رجع المشركون من أحد، قالوا: لا محمدا قتلتم، ولا الكواكب أردفتم، بئس ما صنعتم، ارجعوا، فسمع رسول الله، فندب المسلمين، فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد، أو بئر أبي عتبة، فأنزل الله: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ الآية. وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال، فأتوه، فلم يجدوا به أحدا، وتسوقوا فأنزل الله: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ الآية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان، فلقيهم أعرابي من خزاعة، فقال: إن القوم قد جمعوا لكم، قالوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فنزل هذه الآية.
تاريخ غزوة حمراء الأسد:
روي أن أبا سفيان وأصحابه لما رجعوا من أحد، فبلغوا الرّوحاء (موضع بين مكة والمدينة) ندموا وهمّوا بالرجوع، حتى يستأصلوا من بقي من المؤمنين، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأراد أن يرهبهم ويريهم من نفسه وأصحابه قوة، فندب أصحابه للخروج في إثر أبي سفيان وقال: لا يخرجنّ معنا إلا من حضر يومنا بالأمس، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع جماعة من أصحابه، حتى بلغوا حمراء الأسد (موضع على ثمانية أميال من المدينة) وكان بأصحابه القراح (الجراح)

صفحة رقم 162

فتحاملوا على أنفسهم، حتى لا يفوتهم الأجر، وألقى الله الرعب في قلوب المشركين، فذهبوا إلى مكة مسرعين، فنزلت الآية.
وتسمى هذه الغزوة غزوة حمراء الأسد، وهي تابعة لغزوة أحد.
تاريخ غزوة بدر الصغرى:
روي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة أن آية الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ نزلت في غزوة بدر الصغرى.
وهي أن أبا سفيان قال حين أراد أن ينصرف من أحد: يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ذاك بيننا وبينك إن شاء الله
، فلما كان العام القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل (مجنّة) من ناحية (مرّ الظهران) فألقى الله الرعب في قلبه، فبدا له الرجوع، فلقي نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا، فقال له أبو سفيان:
إني وأعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي بموسم بدر، وإن هذا عام جدب، ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر، ونشرب فيه اللبن، وقد بدا لي أن أرجع، وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج، فيزيدهم ذلك جرأة، فالحق بالمدينة فثبّطهم، ولك عندي عشرة من الإبل أضعها في يدي سهيل بن عمرو.
فأتى نعيم المدينة، فوجد المسلمين يتجهزون لميعاد أبي سفيان، فقال لهم:
ما هذا بالرأي، أتوكم في دياركم وقراركم، ولم يفلت منكم إلا شريد، فتريدون أن تخرجوا إليهم، وقد جمعوا لكم الجموع عند الموسم، فو الله لا يفلت منكم أحد، فكان لكلامه وقع شديد في نفوس قوم منهم.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والذين نفسي بيده لأخرجنّ ولو وحدي» فخرج ومعه سبعون راكبا يقولون: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ حتى وافى بدرا

صفحة رقم 163

الصغرى «بدر الموعد» فأقام بها ثمانية أيام ينتظر أبا سفيان
، فلم يلق أحدا لأن أبا سفيان رجع بجيشه إلى مكة، وكان معه ألفا رجل، قسماه أهل مكة:
«جيش السويق» وقالوا لهم: إنما خرجتم لتشربوا السويق.
ووافي المسلمون سوق بدر، وكانت معهم نفقات وتجارات، فباعوا واشتروا أدما وزبيبا، فربحوا وأصابوا بالدرهم الدرهمين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين.
المناسبة:
هذه الآيات متصلة بما قبلها، فبعد أن ذكر الله تثبيط المنافقين للراغبين في الجهاد، وقولهم: لو قعدوا في المدينة ما قتلوا: والرد عليهم بأن الموت يحدث بقضاء الله وقدره، أبان هنا منزلة الشهداء، حتى لا يتأثر أحد بأقوال المنافقين، وليكون ذلك حثا على الجهاد في سبيل الله.
التفسير والبيان:
الآية في شهداء أحد.
يخبر الله تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في الدنيا، فإن أرواحهم حية مرزوقة في الدار الآخرة، والخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم أو لكل أحد، والمعنى:
لا تحسبن أيها السامع لقول المنافقين المتقدم أن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا لا يجازون على أعمالهم التي قدموها، بل هم أحياء في عالم آخر، مقربون عند ربهم، ذوو زلفى، كقوله تعالى: فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ [فصلت ٤١/ ٣٨]، يرزقون مثلما يرزق سائر الأحياء، يأكلون ويشربون، وهو تأكيد لكونهم أحياء، ووصف لحالهم التي هم عليها من التنعم برزق الله.
فالعندية (عند الله) هنا عنديّة كرامة ومكانة وتشريف، وهي تقتضي

صفحة رقم 164

غاية القرب، لا عندية مكان ومسافة وقرب وحدود. والحياة التي أثبتها القرآن الكريم للشهداء حياة غيبية، لا ندرك حقيقتها، ونؤمن بها كما أخبر القرآن، وقوله: عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فيه حذف مضاف: تقديره: عند كرامة ربهم.
وهؤلاء الشهداء مسرورون بما رأوه من نعيم مقيم وفضل كبير، وتفضيل على غيرهم، بسبب الشهادة، وهم مسرورون أيضا بإخوانهم المجاهدين الذين لم يقتلوا بعد في سبيل الله، وإنما هم على الطريق سائرون يقتفون أثر من تقدمهم من قوافل الشهداء، حينما رأوا ما أعد لهم من الجزاء الحسن، وهو الحياة الأبدية والنعيم الدائم الذي لا يكدره خوف من مكروه ولا حزن على ما فات.
وهم يفرحون أيضا بما يتجدد لهم من الثواب على عملهم والرزق والفضل الإلهي الذي يؤتيهم الله من الجنة ونعيمها- والفضل في هذه الآية: هو النعيم المذكور- وأن الله يأجرهم، أي أنهم يستبشرون بنعمة من الله، ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين.
وهذه الجملة بيان وتفسير لما تقدمها: أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ لأن من كان في نعمة الله وفضله لا يحزن أبدا، ومن كانت أعماله مدخرا ثوابها لا يخاف العاقبة.
وذلك تحريض على الجهاد وترغيب في الاستشهاد.
روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لما أصيب إخوانكم يوم أحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب، في ظل العرش..»
إلخ الحديث المتقدم.
ثم وصفهم الله بحسن أعمالهم الذي هو سبب زيادة ثوابهم، فأخبر تعالى أن هؤلاء المجاهدين الذين استجابوا لدعوة النبي صلّى الله عليه وسلّم بالذهاب للقاء أبي سفيان في

صفحة رقم 165

غزوة حمراء الأسد عقب غزوة أحد، بالرغم مما كانوا عليه من جراح وآلام أصابتهم يوم أحد، فلهم أجر عظيم يتناسب مع جهادهم وشجاعتهم.
وأشار بقوله: مِنْهُمْ إلى أن من استجاب حظي بهذا الفضل والأجر، وأما الباقون فكانت لهم موانع وأعذار في أنفسهم أو أهليهم.
ثم أشاد تعالى أيضا بمن شارك في غزوة بدر الصغرى في العام المقبل بعد أحد، بالرغم مما قال لهم الناس: أي نعيم بن مسعود الأشجعي الذي كان ما يزال مشركا: إن الناس أي أبا سفيان وأعوانه جمعوا لكم الجموع لقتالكم، فاخشوهم وخافوهم، ولا تخرجوا إليهم.
فزادهم هذا القول إيمانا بالله وثقة بوعده، وثباتا على دينه، إذ إنهم خافوه، ولم يخافوا تلك الجموع، واعتمدوا على تأييد الله وعونه ونصره، بعد أن صدقت نياتهم، واشتدت عزائمهم للقاء المشركين مهما كانت النتائج، وذلك مثل قوله تعالى في وصف المؤمنين في غزوة الخندق (الأحزاب) : وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا: هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً [الأحزاب ٣٣/ ٢٢].
وقالوا معبّرين عن صدق إيمانهم بالله: الله كافينا ما يهمنا من أمر الجموع، ونعم الوكيل الذي فوضنا أمورنا إليه، نعم المولى ونعم النصير. وهي الكلمة التي قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار «١»، وقالها محمد صلّى الله عليه وسلّم حين قال أحد الناس: إن الناس (المشركين) قد جمعوا لكم فاخشوهم. ويستحب قولها عند الغم والمصيبة وإحاطة الداهية.

(١) روى البخاري عن ابن عباس قال: «كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار:
حسبنا الله ونعم الوكيل»
. [.....]

صفحة رقم 166

أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا وقعتم في الأمر العظيم، فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل» «١».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا اشتد غمّه، مسح بيده على رأسه ولحيته، ثم تنفس الصّعداء، وقال: حسبي الله ونعم الوكيل».
ولما فوضوا أمورهم إلى الله واتكلوا عليه، عادوا بأربعة جزاءات: النعمة من الله، والفضل، وصرف السوء، واتباع ما يرضي الله فرضي عنهم، أي لما توكلوا على الله وخرجوا للقاء عدوهم، كفاهم ما أهمهم، ورد عنهم بأس من أراد كيدهم، وربحوا في تجارتهم، ولم يصبهم قتل ولا أذى، واتصفوا بطاعة رسولهم ورضا ربهم الذي هو أساس النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة، والله صاحب الفضل العظيم عليهم إذ تفضل عليهم بزيادة الإيمان، والتوفيق إلى الجهاد، والحفظ من السوء الذي يضمره لهم عدوهم.
وفي هذا إشارة إلى خسارة القاعدين المتخلفين إذ حرموا ما حظي به غيرهم، وهو معنى قوله تعالى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ.
روى البيهقي عن ابن عباس في قول الله: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ قال: «النعمة: أنهم سلموا، والفضل: أن عيرا مرت في أيام الموسم، فاشتراها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فربح فيها مالا، فقسمه بين أصحابه».
وأخرج الطبري عن السدي قال: «أعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين خرج في بدر الصغرى أصحابه دراهم، ابتاعوا بها في الموسم، فأصابوا ربحا كثيرا».
ثم قال تعالى: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ أي يخوفكم أولياءه،

(١) هذا حديث غريب من هذا الوجه، وله مؤيدات كثيرة (انظر تفسير ابن كثير: ١/ ٤٣٠).

صفحة رقم 167

ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة، فليس القول الذي قيل لكم: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ إلا من الشيطان الذي يخوفكم أنصاره المشركين، ويوهمكم أنهم ذوو عدد كثير وأولو قوة وبأس شديد، فلا تخرجوا إليهم.
ولكن عليكم أيها المؤمنون إذا سول لكم الشيطان أمرا وأوهمكم، فتوكلوا علي، والجؤوا إلي، فإني كافيكم وناصركم، كما قال تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ، وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إلى قوله: قُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ، عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر ٣٩/ ٣٦- ٣٨] وقال: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة ٥٨/ ٢١] وقال: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج ٢٢/ ٤٠] وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ [محمد ٤٧/ ٧] وقال أيضا: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر ٤٠/ ٥١- ٥٢].
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت آية الشهداء: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا.. وما بعدها على ما يأتي:
١- إن من لم ينهزم أمام العدو، وصبر وثبت، وقاتل حتى قتل، له منزلة عالية عند الله، وهي منزلة الشهداء، وهي الكرامة والحياة عند الله. فهم أحياء في الجنة يرزقون، وأرواحهم حيّة كأرواح سائر المؤمنين، وإن ماتوا ودفنت أجسادهم في التراب. وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل، حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم.
والذي عليه معظم المفسرين أن حياة الشهداء محققة، ولكنها من نوع خاص، فإما أن ترد إليهم أرواحهم في قبورهم فينعّمون، وإما أنهم يرزقون من

صفحة رقم 168

ثمر الجنة، أي يجدون ريحها وليسوا فيها. وقيل: إن هذا مجاز، والمعنى أنهم في حكم الله مستحقون للتنعم في الجنة.
والصحيح من الأقوال: أرواحهم في أجواف طير خضر، وأنهم يرزقون في الجنة، ويأكلون ويتنعمون.
٢- غسل الشهداء وتكفينهم والصلاة عليهم: للعلماء رأيان:
قال الحنفية: يكفن الشهيد بثيابه، ويصلى عليه، ولا يغسل إذا كان مكلفا طاهرا، وأما الجنب والحائض والنفساء إذا استشهدوا، فيغسلون عند أبي حنيفة، كما يغسل الصبي والمجنون، وقال الصاحبان: لا يغسّلون. والدليل على عدم التكفين وعدم الغسل
حديث جابر عند البخاري: «ادفنوهم بدمائهم»
وفي رواية الشافعي وأحمد والبيهقي والنسائي: «زمّلوهم بدمائهم»
يعني يوم أحد ولم يغسّلهم.
وقد صلّى النبي صلّى الله عليه وسلّم على شهداء أحد اثنتين وسبعين صلاة.
وقال الجمهور: لا يغسل الشهيد ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولكن تزال النجاسة الحاصلة من غير الدم لأنها ليست من أثر الشهادة بدليل
حديث جابر المتفق عليه: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم».
وأجمع العلماء على أن الشهيد إذا حمل حيا، ولم يمت في المعترك، وعاش وأكل، فإنه يصلّى عليه، كما قد صنع بعمر رضي الله عنه.
وأما من قتل مظلوما كقتيل الخوارج وقطاع الطرق وشبه ذلك، فقال أبو حنيفة والثوري: كل من قتل مظلوما لم يغسّل، ولكنه يصلى عليه وعلى كل شهيد. وقال الجمهور: يغسل كجميع الموتى إلا من قتله أهل الحرب.
وأما إذا صبّح العدو قوما في منزلهم ولم يعلموا به فقتل منهم، فيغسلون ويكفنون ويصلى عليهم لأنهم لم يقتلوا في المعترك بين الصفين.
٣- القتل في سبيل الله والشهادة فيه له ثواب عظيم عند الله، حتى إنه يكفّر

صفحة رقم 169

الذنوب، كما
قال صلّى الله عليه وسلّم: «القتل في سبيل الله يكفّر كل شيء إلا الدّين» «١»
وهذا تنبيه على ما في معنى الدين من الحقوق الشخصية المتعلقة بالذمم، كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد وجراحة وغير ذلك من التّبعات، فإن كل هذا أولى ألا يغفر بالجهاد من الدّين، فإنه أشد، والقصاص في هذا كله بالحسنات والسيئات، حسبما وردت به السنة الثابتة، منها
حديث مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي: من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار».
وفي حديث صحيح آخر رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نفس المؤمن معلّقة ما كان عليه دين».
والدّين الذي يحبس به صاحبه عن الجنة- والله أعلم-: هو الذي قد ترك له وفاء ولم يوص به، أو قدر على الأداء فلم يؤدّه، أو ادّانه في سرف، أو في سفه، ومات ولم يوفّه. وأما من ادّان في حق واجب لفاقة وعسر، ومات ولم يترك وفاء، فإن الله لا يحبسه عن الجنة إن شاء الله لأن على السلطان فرضا أن يؤدّي عنه دينه، إما من جملة الصدقات، أو من سهم الغارمين، أو من الفيء الراجع على المسلمين،
قال صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة: «من ترك دينا أو ضياعا (عيالا) فعلى الله ورسوله، ومن ترك مالا فلورثته».
٤- الرزق في قوله تعالى: عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ هو الرزق المعروف في العادات، وهو المعنى الحقيقي للفظ. ومن قال: هي حياة الذكر، قال:
يرزقون الثناء الجميل، وهو معنى مجازي.

(١) رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بلفظ «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدّين».

صفحة رقم 170

٥- قال السدي في آية وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ..: يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من يقدم عليه من إخوانه، فيستبشر كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا. وقال قتادة وابن جريج والربيع وغيرهم: استبشارهم بأنهم يقولون:
إخواننا الذين تركنا خلفنا في الدنيا، يقاتلون في سبيل الله مع نبيهم، فيستشهدون فينالون من الكرامة مثل ما نحن فيه، فيسرّون ويفرحون لهم بذلك.
٦- الفضل في قوله تعالى: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ.. لزيادة البيان، والفضل داخل في النعمة، وفيه دليل على اتساعها، وأنها ليست كنعم الدنيا. وقيل: جاء الفضل بعد النعمة على وجه التأكيد.
روى الترمذي عن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «للشهيد عند الله ست خصال «١» : يغفر له في أول دفعة «٢»، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار: الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوّج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفّع في سبعين من أقاربه»
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وما تضمنه الحديث تفسير للنعمة والفضل.
٧- أشارت آية: الَّذِينَ اسْتَجابُوا.. إلى أن الصحابة الذين تابعوا القتال ومطاردة أبي سفيان وجماعته في «حمراء الأسد» لإرهاب العدو، وكان عددهم سبعين رجلا، استحقوا المديح والثناء من الله تعالى لسببين: إطاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما ندبهم إليه من الخروج معه، وتحاملهم على أنفسهم بالرغم مما فيهم من جراح وآلام شديدة مبرّحة أصابتهم في وقعة أحد.

(١) كذا في الترمذي وابن ماجه: «ست» وهي في العدد: سبع، وفي حاشية السندي على ابن ماجه: قوله: ست خصال، المذكورات سبع إلا أن يجعل الإجازة والأمن من الفزع واحدة.
(٢) الدفعة بالضم مثل الدفقة: ما دفع من إناء أو سقاء، فانصب بمرة واحدة.

صفحة رقم 171

٨- أرشدت آية: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إلى أن المؤمن الصادق لا يكون جبانا، فالجبن لا يجتمع مع الإيمان لأن علته: الخوف من الموت والحرص على الحياة، وهما بعيدان عن المؤمن، وكان الصحابة الذين ذهبوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في العام التالي لأحد في بدر الصغرى مثلا عالية للشجاعة والتضحية والجرأة في سبيل الله.
٩- ودلت هذه الآية أيضا على أن المؤمن يمكنه التخلص من عوامل الخوف، فيقول: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أي كافينا الله.
١٠- قوله تعالى: فَزادَهُمْ إِيماناً أي فزادهم قول الناس إيمانا، أي تصديقا ويقينا في دينهم، وقوة وجرأة واستعدادا، يومئ إلى أن الإيمان يزيد بالأعمال الصالحة.
ويرى العلماء في زيادة الإيمان ونقصه: أن أصل الإيمان وجوهره وهو التصديق شيء واحد، لا يدخل فيه زيادة إذا حصل، ولا يبقى منه شيء إذا زال. وأما الزيادة والنقصان ففي متعلّقاته دون ذاته. والذي عليه الجمهور: أن الإيمان يزيد وينقص من حيث الأعمال الصادرة عنه،
لحديث مسلم والترمذي: «الإيمان بضع وسبعون بابا، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»
وهذه الزيادة في رواية مسلم فقط.
١١- وآية فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ يراد بها كما قال العلماء: لما فوضوا أمورهم إليه، واعتمدوا بقلوبهم عليه، أعطاهم من الجزاء أربعة معان: النعمة، والفضل، وصرف السوء، واتباع الرضا، فرضّاهم عنه، ورضي عنهم.
١٢- يشير قوله تعالى: فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ.. إلى أن الخوف يجب أن يكون من الله فقط، لا من الأعداء، وأن أولياء الله لا يخافون الشيطان إذا خوّفهم، وإنما يخوف أولياءه المنافقين، ليقعدوا عن قتال المشركين.

صفحة رقم 172
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية