آيات من القرآن الكريم

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ

بالخيانة في الغنيمة وبهذا وردت الأحاديث (ق) عن أبي هريرة قال: قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره حتى قال: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني وأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة وعلى رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لفظ مسلم. الرغاء صوت البعير والثغاء صوت الشاة والرقاع الثياب والصامت الذهب والفضة (ق) عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى خيبر ففتح الله علينا فلم نغنم ذهبا ولا ورقا غنمنا المتاع والطعام والثياب ثم انطلقنا إلى الوادي يعني وادي القرى ومع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد له وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن زيد من بني الضبيب فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحل رحله فرمى بسهم فكان فيه حتفه فقلنا هنيئا له شملته الشهادة يا رسول الله فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كلا والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه نارا أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم قال ففزع الناس فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال: أصبتها يوم خيبر فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شراك من نار أو شراكان من نار وفي رواية نحوه وفيه ومعه عبد يقال له مدعم أهداه له أحد بني الضبيب وفيه إذ جاءه سهم عائر إشراك سير النعل الذي يكون على ظهر القدم ومثله شسع النعل والسهم العائر هو السهم الذي لا يدرى من رماه (خ) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال كان على ثقل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: رجل يقال له كركرة فمات فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو في النار فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها عن زيد بن خالد الجهني أن رجلا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم توفي فذكروه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال صلّوا على صاحبكم فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال أن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز اليهود لا يساوي درهمين. أخرجه أبو داود والنسائي عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال من غل فاحرقوا متاعه واضربوه. أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر وعمر أحرقوا متاع الغال وضربوه زاد في رواية ومنعوه سهمه أخرجه أبو داود. قوله تعالى:
[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٦٢ الى ١٦٥]
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤) أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥)
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ يعني فترك الغلول فلم يغل كَمَنْ باءَ أي رجع بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ يعني بغضب من الله والمعنى فغل والسخط الغضب الشديد المفضي للعقوبة وهو من الله إنزال العقوبة بمن سخط عليه وقيل في معنى الآية أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما أمر المسلمين باتباعه والخروج معه يوم أحد اتبعه المؤمنون وتخلف عنه جماعة من جماعة المنافقين فأخبرنا الله تعالى بحال من اتبعه بقوله أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ وبحال من تخلف عنه بقوله:
كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ يعني الغال أو المتخلف عن النبي صلّى الله عليه وسلّم هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ يعني هم ذوو درجات عند الله قال ابن عباس: يعني من اتبع رضوان الله ومن باء

صفحة رقم 314

بسخط من الله مختلفو المنازل عند الله فلمن اتبع رضوان الله الثواب العظيم ولمن باء بسخط من الله ليسوا سواء بل هم درجات عند الله على حسب أعمالهم. وقيل الضمير في قوله هم درجات عائد على قوله أفمن اتبع رضوان الله فقط لأن الغالب في العرف استعمال الدرجات لأهل الثواب والدركات لأهل النار ولأن الله وصف من باء بسخط من الله إن مأواه جهنم وبئس المصير فدل على أن الضمير في قوله هم درجات عند الله عند راجع للأول وفيه تحريض على العمل بطاعته وتحذير عن العمل بمعاصيه. قوله عز وجل: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني أحسن إليهم وتفضل عليهم والمنة النعمة العظيمة وذلك في الحقيقة لا يكون إلا من الله ومنه قوله تعالى لقد منّ الله على المؤمنين إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يعني من جنسهم عربيا مثلهم ولد ببلدهم ونشأ بينهم يعرفون نسبه وليس حي من أحياء العرب إلا وقد ولده وله فيهم نسب. إلا بني تغلب فإنهم كانوا نصارى وقد ثبتوا على النصرانية فطهر الله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أن يكون له فيهم نسب وقيل أراد بالمؤمنين جميع المؤمنين ومعنى قوله تعالى من أنفسهم أي بالإيمان والشفقة لا بالنسب ومن جنسهم ليس بملك ولا أحد من غير بني آدم وقيل من أنفسهم يعني أنه من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام ووجه المنّة والإنعام على المؤمنين ببعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم لكونه داعيا لهم إلى ما يخلصهم من العذاب الأليم ويوصلهم إلى الثواب في جنات النعيم وكونه من أنفسهم ومن جنسهم لأنه إذا كان اللسان واحدا سهل الأخذ عنه فيما يجب عليهم، وكانوا واقفين على جميع أحواله وأفعاله يعرفون صدقه وأمانته فكان ذلك أقرب إلى تصديقه والوثوق به، وفي كونه من أنفسهم شرف لهم وكان فيما خطب به أبو طالب حين زوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها وقد حضر ذلك بنو هاشم ورؤساء مضر قوله الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضىء معد وعنصر مضر وجعلنا سدنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتا محجوبا وحرما آمنا وجعلنا الحكام على الناس وإن ابني هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به فتى إلا رجح وهو الله بعد هذا له نبأ عظيم وخطب جليل. وقيل في وجه المنّة ببعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن الخلق جبلوا على الجهل ونقصان العقل وقلة الفهم وعدم الدراية فمنّ الله تعالى على خلقه وأنعم عليهم وأحسن إليهم بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم أنقذهم به من الضلالة وبصرهم به من الجهالة وهداهم به إلى صراط مستقيم وإنما خص المؤمنين بالذكر لأنهم هم المنتفعون بما جاء به دون غيرهم يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ يعني يقرأ عليهم كتابه الذي أنزل عليه بعد أن كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي السماوي وَيُزَكِّيهِمْ أي ويطهرهم من دنس الكفر ونجاسة المحرمات والخبائث وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ يعني القرآن والسنّة التي سنها لهم على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ يعني من قبل بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعني لفي جهالة وحيرة عن الهدى عميا لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فهداهم الله بنبيّه صلّى الله عليه وسلّم. قوله تعالى: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ يعني ما أصابهم يوم أحد قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها يعني ببدر وذلك أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد سبعين وقتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين وقيل إن المسلمين هزموا المشركين يوم بدر وهزموهم في أول الأمر يوم أحد ولما عصوا الله ورسوله هزمهم المشركون فحصل انهزام المشركين مرتين وانهزام المسلمين مرة واحدة قُلْتُمْ أَنَّى هذا أي من أين لنا هذا القتل والهزيمة
ونحن المسلمون ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا وهو استفهام إنكار قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ يعني إنما وقعتم فيما وقعتم فيه بشؤم ذنوبكم وهو مخالفتكم أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وذلك أنه صلّى الله عليه وسلّم اختار الإقامة في المدينة على الخروج إلى العدو واختاروا هم الخروج إليه وأيضا أمر الرماة بالإقامة في الموضع الذي عينه لهم فخالفوا وتركوا المركز لأجل الغنيمة فكان ذلك سبب القتل والهزيمة. وروى عبيدة السلماني عن علي بن أبي طالب قال جاء جبريل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين أن يضربوا أعناق الأسارى وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم فذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للناس فقالوا يا رسول الله

صفحة رقم 315
لباب التأويل في معاني التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيحي
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1415
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية