
وصفة المستشار- كما قال العلماء: إن كان في الأحكام أن يكون عالما ديّنا، وقلما يكون ذلك إلا في عاقل. وصفة المستشار في أمور الدنيا: أن يكون عاقلا مجرّبا وادا في المستشير، روى أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه النسائي الحديث المتقدم عن أبي هريرة: «المستشار مؤتمن».
والعزم في الآية- كما بينا- هو إمضاء الأمر وتنفيذه بعد المشاورة. ولا بد فيه من التوكل على الله، والتوكل: الاعتماد على الله مع إظهار العجز. وقال قتادة: أمر الله تعالى نبيه عليه السلام إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويتوكل على الله، لا على مشاورتهم.
والنصر مرهون بتنفيذ الأوامر وإطاعة الله والقائد، والخذلان وهو ترك العون الإلهي منتظر عند العصيان والمخالفة، والمخذول: المتروك لا يعبأ به. فعليه توكلوا فإنه سبحانه إن يعنكم ويمنعكم من عدوكم لن تغلبوا، وإن يخذلكم ويترككم من معونته لا ينصركم أحد من بعد خذلانه إياكم.
والتوكل على الله محقق لأمرين:
أحدهما- محبة الله للعبد: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.
الثاني- كفاية الرحمن للإنسان: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.
عدالة النبي صلّى الله عليه وسلّم في قسمة الغنائم ومهامه في إصلاح أمته
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٦١ الى ١٦٤]
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦١) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤)

الإعراب:
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ: أَنْ يَغُلَّ: اسم كان، ولِنَبِيٍّ خبر كان، والمعنى:
ما كان لنبي أن يخون.
هُمْ دَرَجاتٌ أي هم ذوو درجات عند الله، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
البلاغة:
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ أي ما شأنه، ونفي الشأن أبلغ من نفي الفعل.
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ استعارة، جعل ما شرعه الله كدليل الهداية إلى رضوانه، وجعل العاصي كمن أمر أن يتبع شيئا فامتنع.
بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ التنكير للتهويل أي بسخط لا يوصف.
هُمْ دَرَجاتٌ على حذف مضاف أي ذوو درجات متفاوتة.
المفردات اللغوية:
أَنْ يَغُلَّ يخون في الغنيمة، فلا تظنوا به ذلك. أي ما كان من شأن أي نبي أن يغل:
يأخذ شيئا من الغنيمة خفية لأن الله عصم أنبياءه من سفساف الأمور، فلا يقع منهم ما لا يليق يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ حاملا له على عنقه اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ أي أطاع ولم يغل كَمَنْ باءَ رجع بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ أي بغضب عظيم، لمعصيته وغلوله. وَبِئْسَ الْمَصِيرُ المرجع هي

هُمْ دَرَجاتٌ أصحاب درجات عِنْدَ اللَّهِ أي مختلفو المنازل، فلمن اتبع رضوانه الثواب، ولمن باء بسخطه العقاب وَاللَّهُ بَصِيرٌ أي يشاهد ويرى كل شيء.
لَقَدْ مَنَّ أنعم وتفضل مِنْ أَنْفُسِهِمْ عربيا من جنسهم، ليفقهوا كلامه ويشرفوا به.
وَيُزَكِّيهِمْ يطهرهم من الذنوب وأدران الوثنية والعقيدة الفاسدة الْكِتابَ القرآن وَالْحِكْمَةَ السنة النبوية مِنْ قَبْلُ أي قبل بعثته لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي ضلال بيّن واضح لا ريب فيه.
سبب النزول:
أخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء، افتقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخذها، فأنزل الله: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ.
وقال الكلبي ومقاتل: إن هذه الآية نزلت حين ترك الرماة المركز الذي وضعهم فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد، طلبا للغنيمة، وقالوا: نخشى أن يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من أخذ شيئا من مغنم فهو له، وألا يقسم الغنائم، كما لم يقسمها يوم بدر،
فقال لهم عليه الصلاة والسلام: «ألم أعهد إليكم ألا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمري؟ فقالوا: تركنا بقية إخواننا وقوفا، فقال لهم: بل ظننتم أنّا نغل ولا نقسم» «١».
التفسير والبيان:
تتابع الآيات في بيان صفات النبي صلّى الله عليه وسلّم ومهامه في إصلاح أمته، فما كان من شأنه أن يخون، بل وما كان لنبي أن يخون لأن الله عصم أنبياءهم عما لا يليق بمقامهم لأن النبوة منزلة عالية تربأ بصاحبها عن فعل ما فيه دناءة وخسة، مما يدل على هول الاتهام والخطأ الصادر من المنافقين بنسبة الخيانة والغلول من المغنم للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو منه براء.

وكل من يخون فيأخذ شيئا من الغنائم خفية، يأتي به يوم القيامة حاملا إياه على عنقه، أي متحملا مسئولية فعله ووزر ما ارتكبه.
وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، أيدته السنة النبوية،
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطيبا، فذكر الغلول وعظمه، وعظم أمره ثم قال:
ألا لا ألفينّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، فيقول:
يا رسول الله، أغثني، فأقول له: لا أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك.
لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة «١» فيقول:
يا رسول الله، أغثني، فأقول لا أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك.
لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق «٢»، فيقول:
يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا، قد أبلغتك.
لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت «٣»، فيقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك»
وهذا كله من قبيل تمثيل الذنب وثقله وفضيحة صاحبه، وأنه يتحمل وزره يوم القيامة، كما جاء في آية أخرى: وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ [الأنعام ٦/ ٣١].
فأخذ أي شيء بغير حق يستوجب العقاب، كما قال تعالى حكاية عن لقمان:
(٢) الرقاع: هي التي يكتب عليها، وأراد بها ما عليها من الحقوق المكتوبة، وخفوقها:
حركتها.
(٣) الصامت: الذهب والفضة، خلاف الناطق وهو الحيوان.

يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [لقمان ٣١/ ١٦].
ثم توفى كل نفس في الآخرة ما كسبت من خير أو شر، فينال الغالّ وغيره جزاء فعله دون ظلم، لا ينقص منه شيء، كما قال تعالى: وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ، وَيَقُولُونَ: يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ، لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها، وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف ١٨/ ٤٩].
ثم بين سبحانه نفي المساواة بين المحسن والمسيء، فأخبر أن من اتقى الله وعمل صالحا لا يستوي مع من عصى الله وعمل سوءا، أي فلا يستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه، فاستحقّ به رضوان وجزيل ثوابه وأمن العذاب، ومن استحق غضب الله وألزم به، فلا محيد له عنه، ومأواه يوم القيامة جهنم وبئس المصير. وهذا مثل قوله تعالى: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ [السجدة ٣٢/ ١٨] وقوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص ٣٨/ ٢٨].
وإن لكل من أهل الخير وأهل الشر درجات ومنازل، يتفاوتون فيها، فللمتقين الطائعين درجات في الجنة، وللعصاة دركات في النار، فهم يتفاوتون في الجزاء بسبب تفاوت أعمالهم في الدنيا.
فأعلى الدرجات درجة النبي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وأسفل الدركات درك المنافقين: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء ٤/ ١٤٥] والله تعالى بصير بأعمال العباد، فلا يخفى عليه شيء من أعمالهم بدءا من تزكية نفوسهم إلى أرفع الدرجات، ومن إهمال التزكية إلى أسفل الدركات، كما قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [الشمس ٩١/ ٩- ١٠]. وسيوفيهم جزاء

أعمالهم، لا يظلمهم خيرا، ولا يزيدهم شرا، بل يجازي كل عامل بعمله.
ثم بيّن تعالى ما امتن وتفضل به على الناس، فأرسل نبيه محمدا متصفا بأوصاف ومكلفا بمهام هي:
- إنه عربي من ولد إسماعيل من جنس قومه، مما يدعوهم إلى الاهتداء به والثقة برسالته، فضلا عن أنهم شرفوا به، كما قال تعالى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [الزخرف ٤٣/ ٤٤] وتخصيصهم بالذكر يقتضيهم مزيد الانتفاع به، وإن كان هو للناس كافة، كما قال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء ٢١/ ١٠٧].
- إنه يتلو عليهم آيات الله الدالة على قدرته ووحدانيته وعلمه وكمال أوصافه، كما أشار تعالى في آية: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ [آل عمران ٣/ ١٩٠].
- إنه يزكيهم ويطهرهم من زيف الوثنية وفساد العقيدة الجاهلية، كاعتقادهم بتأثير الأصنام والأحجار، وبدلالة الطير، وغير ذلك من الأوهام والخرافات، وينقلهم إلى معطيات العقل الصحيح والفكر الناضج، والمدنية والحضارة، وإقامة الدولة والإدارة والسياسة التي تفاخر العالم وتنافس المجتمع الدولي القائم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، لتزكو نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم.
- إنه يعلمهم القرآن والسنة، فيصبح منهم العلماء والكتاب والحكماء والقادة وأساتذة العلوم والمعارف والثقافات المتنوعة، وإن كانوا من قبل هذا الرسول لفي غي وجهل ظاهر، إذ كانوا أمة أمية، فأصبحوا بنور الإسلام، وعلم القرآن، ومعرفة الحياة أمة متمدنة متحضرة نافست الأمم الأخرى وسبقتهم.

وهذا يومئ إلى أن معرفة القرآن والسنة كانت للعرب مفتاح النور والعلم وتعلم أصول الحياة الراقية.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- إن الأنبياء على درجة عالية من السمو والأخلاق، فما كان من شأن نبي أن يخون، أو يجور في القسمة، أو يأخذ شيئا من الغنائم بغير حق واضح، فما كان من حقكم أن تتهموا نبيكم بتهمة باطلة. روى الطبراني عن عمرو بن عوف حديثا: «لا إغلال ولا إسلال» أي لا خيانة ولا سرقة.
ومن خان وبّخه الله سلفا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، ويعاقب على ذنبه، وجعل الله تعالى هذه العقوبات حسبما يعهده البشر ويفهمونه.
والغلول كبيرة من الكبائر بدليل هذه الآية وحديث أبي هريرة المتقدم:
أنه يحمله على عنقه.
وإذا غلّ الرجل في المغنم ووجد لديه، أخذ منه، وأدّب وعوقب بالتعزير.
وقال أحمد والأوزاعي وإسحاق: يحرق متاع الغالّ كله إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه، ولا تنزع منه دابته، ولا يحرق الشيء الذي غلّ، عملا بحديث رواه أبو داود والترمذي عن عمر: «إذا وجدتم الرجل قد غلّ، فأحرقوا متاعه، واضربوه» لكن فيه صالح بن محمد بن زائدة، وهو ضعيف لا يحتجّ به.
وعند مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والليث: لا يحرق متاعه، إذ لم يثبت ذلك في السنة النبوية.

وتجوز العقوبة في المال، بدليل أن عمر رضي الله عنه أراق لبنا شيب بماء، وإذا باع الذمي خمرا لمسلم أريقت على المسلم، وينزع الثمن من الذمي عقوبة له، لئلا يبيع الخمر من المسلمين.
وأجمع العلماء على أن للغالّ أن يرد جميع ما غلّ إلى صاحب المقاسم قبل أن يفترق الناس إن وجد السبيل إلى الرد، وأنه إذا فعل ذلك فهي توبة له، وخروج عن ذنبه. فإن افترق العسكر دفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي في رأي مالك والأوزاعي.
وفي تحريم الغلول دليل على اشتراك الغانمين في الغنيمة، فلا يحل لأحد أن يستأثر بشيء منها دون الآخر، فمن غصب شيئا منها أدّب اتفاقا.
ومن الغلول: هدايا العمال أو الولاة، وحكمه في الفضيحة في الآخرة حكم الغالّ، بدليل
حديث ابن اللتبية عند مسلم في صحيحة وأبي داود الذي فيه: «لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء، وإن كانت بقرة فلها خوار أو شاة تبعر «١» »
وروى أبو داود عن بريدة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول».
ومن الغلول: حبس الكتب عن أصحابها، ويدخل غيرها في معناها.
٢- من اتبع شرع الله بترك الغلول والصبر على الجهاد له في الجنة رتبة، وتتفاوت درجات الطائعين. ومن عصى الله بكفر أو غلول أو تولى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحرب، له في النار رتبة، وتتفاوت دركات العصاة.
٣- إن بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم تدل على عظيم منّة الله تعالى، وخصائص النبي