
﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرعب﴾ قَالَ الْحسن: يَعْنِي: مُشْركي الْعَرَب ﴿بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ ينزل بِهِ سُلْطَانا﴾ أَي: حجَّة بِمَا هم عَلَيْهِ من
صفحة رقم 324
الشّرك ﴿ومأواهم النَّار﴾ أَي: مصيرهم إِلَى النَّار ﴿وَبِئْسَ مثوى الظَّالِمين﴾ منزل الظَّالِمين الْمُشْركين ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ تَفْسِير الْحسن وَغَيره: [إِذا] تقتلونهم.
قَالَ مُحَمَّد: يُقَال: سنة حسوس؛ إِذا أَتَت على كل شَيْء، وجراد محسوس؛ إِذا قَتله الْبرد. ﴿حَتَّى إِذا فشلتم﴾ الْآيَة، قَالَ الْحسن: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رَأَيْتنِي البارحة؛ كَأَن عليَّ درعا حَصِينَة، (فَأَوَّلتهَا} الْمَدِينَة، فأكمِنوا للْمُشْرِكين فِي أزقتها حَتَّى يدخلُوا عَلَيْكُم فِي أزقتها؛ فتقتلوهم. فَأَبت الْأَنْصَار من ذَلِك فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، منعنَا مدينتنا من تبع والجنود فنخلي بَين هَؤُلَاءِ الْمُشْركين وَبَينهَا يدْخلُونَهَا؟ ﴿فَلَيْسَ رَسُول الله سلاحه، فَلَمَّا خَرجُوا من عِنْده أقبل بَعضهم على بعض، فَقَالُوا: مَا صنعنَا؛ أَشَارَ علينا رَسُول الله، فَرددْنَا رَأْيه، فَأتوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، نكمن لَهُم فِي أزقتها؛ حَتَّى يدخلُوا فنقتلهم فِيهَا؛ فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ لبني لبس لأمته - أَي: سلاحه - أَن يَضَعهَا؛ حَتَّى (يُقَاتل) قَالَ: فَبَاتَ رَسُول الله دونهم بليلة؛ فَرَأى رُؤْيا، فَأصْبح فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت البارحة كَأَن بقرًا ينْحَر، فَقلت: بقر﴾ وَالله خير، وَإنَّهُ كائنة فِيكُم مُصِيبَة، وَإِنَّكُمْ ستلقونهم وتهزمونهم غَدا؛ فَإِذا هزمتموهم فَلَا تتبعوا المدبرين))

فَفَعَلُوا فلقوهم فهزموهم؛ كَمَا قَالَ رَسُول الله فأتبعوا المدبرين على وَجْهَيْن: أما بَعضهم: فَقَالُوا: مشركون وَقد أمكننا الله من أدبارهم فنقتلهم، فَقَتَلُوهُمْ على وَجه الْحِسْبَة، وَأما بَعضهم: فَقَتَلُوهُمْ لطلب الْغَنِيمَة، فَرجع الْمُشْركُونَ عَلَيْهِم فهزموهم، حَتَّى صعدوا أحدا؛ وَهُوَ قَوْله: [آيَة ١٥٢]
صفحة رقم 326