آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ

فتأسوا وتسلوا. ومن أعرب فقد مس القوم هو الجواب غلط لأن الماضي معنى لا يكون جوابا، والتعليق لا يكون إلا في المستقبل.
فقد الفاء عاطفة وقد حرف تحقيق ومس القوم عطف على الجواب المحذوف ومس فعل ماض والقوم مفعول به مقدم وقرح فاعل مؤخر ومثله نعت. لقرح (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) الواو استئنافية واسم الإشارة مبتدأ والأيام بدل منه وجملة نداولها خبر والهاء مفعول به وبين الناس ظرف مكان متعلق بنداولها. ويجوز إعراب الأيام خبرا لاسم الإشارة وجملة نداولها حالية والعامل فيها معنى اسم الإشارة أي يشير إليها حالة كونها مداولة (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الواو عاطفة على المعلل المحذوف، والتقدير فعلنا ذلك ليتعظوا، وليعلم اللام للتعليل ويعلم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة والله فاعل والذين اسم موصول مفعول به وآمنوا فعل ماض مبني على الضم والجملة صلة (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) الواو عاطفة ويتخذ فعل مضارع معطوف على يعلم ومنكم جار ومجرور متعلقان بيتخذ أو بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة لشهداء وشهداء مفعول به (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الواو اعتراضية والجملة معترضة بين هذه العلل المتعاقبة والله مبتدأ وجملة لا يحب الظالمين خبر (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الجملة معطوفة على العلل المتقدمة والله فاعل والذين اسم موصول مفعول به وجملة آمنوا صلة (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) عطف على ما سبق من العلل.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٤٢ الى ١٤٣]
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣)

صفحة رقم 60

الإعراب:
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) أم عاطفة منقطعة بمعنى بل، وقد تقدم بحثها، والكلام معطوف على ما تقدم على طريق الإضراب عن التسلية الى طريق التوبيخ، والهمزة التي في ضمنها للإنكار، وحسب فعل ماض بمعنى ظن والتاء فاعل وأن وما بعدها سدت مسد مفعوليها، والمعنى: لا تحسبوا أو لا يدر بخلد أحد منكم أنكم تدخلون الجنة من دون جهاد وصبر، والجنة مفعول به على السعة أو منصوب بنزع الخافض (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) الواو حالية ولما جازمة ويعلم فعل مضارع مجزوم والله فاعل والذين اسم موصول مفعول به وجملة جاهدوا صلة لا محل لها ومنكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال والجملة نصب على الحال (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) قرأ السبعة بفتح الميم، فالواو للمعية ويعلم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية والفاعل هو والصابرين مفعول به وقد تقدم النفي عليها ونفي العلم بالنسبة الى الله كناية عن نفي المعلوم وهما الجهاد والصبر.
ومن العجيب أن يتنطع بعض المعربين القدامى فيقول: إن الفتحة فتحة التقاء الساكنين والفعل مجزوم عطفا على «يعلم» الأولى، فلما وقع بعده ساكن آخر احتيج إلى تحريك آخره فكانت الفتحة أولى لأنها أخف، إذ لا يجوز حمل القرآن على الوجوه المرجوحة (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) الواو استئنافية واللام جواب لقسم محذوف وقد حرف تحقيق وكنتم كان الناقصة واسمها، وجملة تمنون خبرها وأصل تمنون تتمنون فحذفت إحدى التاءين والموت مفعول به من قبل جار ومجرور متعلقان بتمنون وأن تلقوه أن حرف مصدري ونصب وتلقوه فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون

صفحة رقم 61

والواو فاعل والهاء مفعول به والمصدر المؤول مضاف إليه (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) الفاء عاطفة وقد حرف تحقيق وأيتموه فعل وفاعل ومفعول به والواو لإشباع الضمة وأنتم الواو حالية وأنتم مبتدأ وجملة تنظرون خبر ولا بد من تقدير مضاف أي: سبب الموت.
الفوائد:
كان المسلمون في الصدر الأول يتمنون الموت لا ليخلو الجو لعدوهم ولكن لنيل كرامة الاستشهاد مع ضمان التفوق والغلبة، وهذا تنبيه لا بد منه لئلا يتساءل متنطع: كيف يجوز تمني الشهادة في تمنيها غلبة للكافر على المسلم، فقد كان ديدن الصحابة رضوان الله عليهم الاستشهاد في سبيل الله ولا ننسى بكاء خالد بن الوليد عند ما حضره الموت، لأنه مات على فراشه؟ وقال عبد الله بن رواحة حين نهد إلى حرب مؤتة:

لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي أرشدك الله من غاز وقد رشدا
ومعنى قوله: ذات فرغ أي: ذات سعة، والفرغ الدلو، أي:
تحدث في جسمي ما يشبه الدلو الممتلئة بالماء. والحران: العطشان الظامئ إلى دمي.

صفحة رقم 62
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية