
معطوفاً على قوله: (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ)، وذاك أنه لما ضمن
للصابرين دخول الجنة في غير موضع، بين ههنا أن لا يدخلوها
محكوماً لهم بالصبر، ولما يجاهدوا، إذ كان الصبر لا يثبت إلا
بمجاهدة النفس، ولم يعن بالمجاهدة الجهاد في حرب الكفار
فقط، بل أراد ذلك ومجاهدة الشيطان والنفس المدلول عليها
بقوله - ﷺ - "جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم "، ونحو هذه الآية قوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ).
قوله تعالى: (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣)
سبب نزولها أن قوماً لم يحضروا بدراً كانوا يقولون: ليت لنا يوماً مثله، حتى نجاهد.

وقيل: سببه أن قوماً سألوا النبي - ﷺ - أن يأذن لهم أن يأتوا المشركين في رحالهم ويقاتلوهم، فقال - ﷺ -:
"لم أؤمر بذلك ".
والموت عبارة عن الحرب، كقول الشاعر:
إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا... إلى الموت إرقال الجمال المصاعب
وأراد أنكم تمنيتم الحرب فلِمَ تحيّرتم؟ والنظر يكنى به عن
التحيرّ، نحو:

والموت خزْيان ينظر
وقيل: وأنتم تنظرون إلى النبي - ﷺ - لكونه بين أظهركم، وذلك تبكيت لهم، وقول النحويين: أراد بالموت سببه، فحذف
المضاف، فقريب، وقول أبي علي الجبائي: إنه لا يجوز أن