
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت﴾ سَبَب نزُول الْآيَة أَن الَّذين تخلفوا من حَرْب بدر من الْمُسلمين قَالُوا لما انْقَضتْ حَرْب بدر: لَو كَانَ لنا يَوْم مثله فنقاتل ونقتل ونستشهد، فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد انْهَزمُوا، وهربوا؛ فَنزلت الْآيَة.
﴿وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت﴾ أَي: سَبَب الْمَوْت وَهُوَ الْجِهَاد؛ إِذْ لَا يجوز أَن يتَمَنَّى الْمَوْت بقتل الْكَافِر إِيَّاه ﴿من قبل أَن تلقوهُ﴾ أَي: تلقونَ سَببه من الْجِهَاد ﴿فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون﴾، فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: ﴿وَأَنْتُم تنْظرُون﴾، وَقد قَالَ: ﴿فقد رَأَيْتُمُوهُ﴾ ؟ (قيل) : يحْتَمل [أَن تكون] الرُّؤْيَة بِمَعْنى الْعلم؛ فَقَالَ:

﴿مِنْكُم وَيعلم الصابرين (١٤٢) وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت من قبل أَن تلقوهُ فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون (١٤٣) وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم وَمن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ فَلَنْ يضر الله شَيْئا وسيجزي الله الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَمَا كَانَ لنَفس أَن تَمُوت إِلَّا بِإِذن الله كتابا مُؤَجّلا وَمن يرد ثَوَاب الدُّنْيَا نؤته﴾
﴿وَأَنْتُم تنْظرُون﴾ ليعلم أَن المُرَاد بِالرُّؤْيَةِ هَا هُنَا: التفكر، قَالَه الْأَخْفَش، وَقيل: إِنَّمَا قَالَه تَأْكِيدًا، وَقيل: مَعْنَاهُ: وَأَنْتُم تنْظرُون إِلَى مُحَمَّد.