آيات من القرآن الكريم

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٢) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ١ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ (١٣) }
شرح الكلمات:
﴿ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ : هم وفد نجران ويهود المدينة والمشركون والمنافقون.
﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ﴾ : لن تجزي عنهم ولن تقيهم عذاب الله إذا حل بهم.
﴿وَقُودُ النَّارِ﴾ : الوقود ما توقد به النار من حطب أو فحم حجري أو غاز.
﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ : كعادتهم وسننهم في كفرهم وتكذيبهم وما حل بهم من عذاب في الدنيا والآخرة.
﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا٢﴾ : هم يهود المدينة بنو قينقاع.
﴿آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ٣﴾ : علامة واضحة، والفئتان: المسلمون وقريش إلتقتا في بدر.
﴿يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ﴾ : يقوي.
﴿لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ﴾ العبرة: العظة، وما يعبر به ذو البصيرة مواضع الخطر فينجو.
معنى الآيات:
لما أصر وفد نجران على الكفر والتكذيب واتباع المتشابه من آي الكتاب ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل من الحق والخروج عنه. توعد الرب تعالى جنس الكافرين من نصارى ويهود وعرب وعجم فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا..﴾ بالحق لما جاءهم وعرفوه معرفة لا لبس فيها ولا

١ الضمير عائد على المسلمين على أسلوب الالتفات والأصل: ترونهم مثليكم، ويحتمل أن يكون الضمير عائداً على المشركين، ولكن الصواب أنه عائد على المؤمنين، لأن الله تعالى قلل المشركين في أعين المؤمنين ليقدموا على قتالهم.
٢ استئناف ابتدائي للانتقال من النذارة إلى التهديد حيث تطلب المقام ذلك إذا تبجح اليهود وتطاولوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخوفين له بكلامهم السخيف.
٣ الفئة: الجماعة من الناس، وسميت فئة لأنه يفاء إليها، أي: يرجع إليها في وقت اشتداد الحرب.

صفحة رقم 289

غموض، ولكن منعهم من قبوله الحفاظ على المناصب والمنافع هؤلاء جميعهم سيعذبهم الله تعالى في نار جهنم ولن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً، واعلم أنهم وقود النار، التي مهدوا لها بكفرهم وبئس المهاد مهدوه لأنفسهم. ثم أخبر تعالى أنهم في كفرهم وعنادهم حتى يأتيهم العذاب كدأب آل فرعون والذين من قبلهم من الأمم التي كذبت رسلها؛ كقوم نوح وقوم هود وقوم صالح حتى أخذهم الله بالعذاب في الدنيا بالهلاك والدمار، وفي الآخرة بعذاب النار وبئس المهاد، وكان ذلك بذنوبهم لا بظلم الله تعالى ثم أمر الله تعالى رسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقول ليهود المدينة الذين قالوا للرسول لا يغرنك أنك قاتلت من لا يحسن الحرب فانتصرت عليهم يريدون قريشاً في موقعة بدر، إنك إن قاتلتنا ستعلم أنا نحن الناس، لما قالوا قولتهم هذه يهددون بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمين أمره أن يقول لهم١ ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾ يريد في المعركة وتنهزمون وتموتون، وبعد موتكم تحشرون إلى جهنم وبئس المهاد جهنم مهدتموها لأنفسكم بكفركم وعنادكم وجحودكم للحق بعد معرفته. وفتح أعينهم على حقيقة لو تأملوها لما تورطوا في حرب الرسول حتى هزمهم وقتل من قتل منهم وأجلى من أجلاهم. وهي أن المسلمين الذين قاتلوا المشركين في بدر وانتصروا عليهم كانوا أقل عدد وأنقص عدة، ومع ذلك انتصروا؛ لأنهم يقاتلون في سبيل الله، والكافرون يقاتلون في سبيل الطاغوت والشرك والظلم والطغيان، ونصر الله الفئة القليلة المسلمة٢ وهزم الفئة الكافرة الكثيرة، فلو اعتبر اليهود بهذه الحقيقة لما تورطوا في حرب مع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبداً. ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وهي البصائر. فقال تعالى لهم: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾ –في بدر- جماعة- تقاتل في سبيل الله- إعلاء لكلمته- وأخرى فئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت {يَرَوْنَهُمْ٣مِثْلَيْهِمْ

١ فعلاً فقد جمعهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال لهم: "يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، وقد عرفتم إني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم".
٢ إذ كان عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وكان عدد المشركين رابياً على التسعمائة مقاتل.
٣ رأى المسلمون الكافرين مثليهم، أي: مثلي عدد المسلمين، وهذا معنى التقليل إذ الكافرون تسعمائة فرأوهم ستمائة وهو التقليل المذكور.

صفحة رقم 290
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية