آيات من القرآن الكريم

وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ

بغل أغر محجل إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ يعني: بني إسرائيل لاَ تَفْرَحْ يعني: لا تفخر بما أوتيت من الأموال. ويقال: لا تفرح بكثرة المال إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ يعني: المرحين المفاخرين.
ويقال: البطرين ويقال: لا تَفْرَحْ أي: لا تأشر، والأشر: أشد الفرح الذي يخالطه حرص شديد حتى يبطر، يعني: يطغى وقالوا له: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ يعني: اطلب مما أعطاك الله تعالى من الأموال والخير الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا يعني: لا تترك حظك من الدنيا أن تعمل لآخرتك وَأَحْسِنْ العطية من الصدقة والخير كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ يعني:
أعط الناس كما أعطاك الله. ويقال: أحسن إلى الناس كما أحسن الله إليك وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ يعني: أنفقه في طاعة الله تعالى، ولا تنفقه في معصية الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ المنفقين في المعصية- وقوله: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا أي: لا تضيع عمرك فإنه نصيبك من الدنيا «١» -. قالَ قارون إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي قال مقاتل: يعني على خير علمه الله عندي. وقال في رواية الكلبي: يعني علم التوراة، وكان قارون أقرأ رجل في بني إسرائيل بالتوراة، فأعطيت ذلك لفضل علمي، وكنت بذلك العلم مستحقا لفضل المال. ويقال: عَلى عِلْمٍ عِنْدِي يعني: علم الكيميا، وكان يعمل كيميا الذهب. وقال الزجاج: الطريق الأول أشبه، لأن الكيميا لا حقيقة لها.
يقول الله تعالى: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً من الأموال منهم: نمرود وغيره وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ يعني: لا يسأل الكافرون عن ذنوبهم، لأن كل كافر يعرف بسيماه، وهذا قول الكلبي. وقال مقاتل: لا يسأل مجرمو هذه الأمة عن ذنوب الأمم الخالية وقيل: لا يسأل الكافرون يوم القيامة عن ذنوبهم سؤال النجاة، بل يسألون سؤال العذاب والمناقشة.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧٩ الى ٨٢]
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (٨٠) فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (٨١) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢)
قوله عز وجل: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ يعني: خرج قارون على بني إسرائيل فِي زِينَتِهِ.

(١) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «أ». [.....]

صفحة رقم 620

قال مقاتل: وهو على بغلة شهباء عليها سرج من ذهب، عليه أرجوان، ومعه أربعة آلاف فارس، وعليهم وعلى دوابهم الأرجوان، ومعه ثلاثمائة جارية بيض، عليهن من الحلل والثياب الحمر على البغال الشهب. وقال قتادة: خرج معه أربعة آلاف دابة عليها ثياب حمر، منها ألف بغلة بيضاء عليها قطائف أرجوان. وقال في رواية الكلبي: خرج على ثلاثمائة دابة بيضاء عليها أنواع من الكساء، وعليها ثلاثمائة قطيفة حمراء، عليها جواري وغلمان قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وكانوا من أهل التوحيد يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قارُونُ يعني: مثل ما أعطي من الأموال قارون إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ يقول: ذو نصيب وافر في الدنيا.
قوله عز وجل: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ يعني: أكرموا بالعلم بما وعد الله تعالى في الآخرة للذين تمنوا ذلك وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ يعني: ويحكم ثواب الآخرة خَيْرٌ يعني: أفضل لِمَنْ آمَنَ يعني: صدق بتوحيد الله تعالى وَعَمِلَ صالِحاً فيما بينه وبين الله تعالى مما أعطى قارون في الدنيا وَلا يُلَقَّاها يعني: ولا يوفّق ولا يرزق في الجنة إِلَّا الصَّابِرُونَ في الدنيا على أمر الله تعالى. ويقال: وَلا يُلَقَّاها، يعني: لا يعطى الأعمال الصالحة إلاَّ الصابرون على الطاعات وعن زينة الدنيا ويقال: وَلا يُلَقَّاها يعني: ولا يلقّن ولا يوفّق لهذه الكلمة إلاَّ الصابرون عن زينة الدنيا.
يقول الله تعالى: فَخَسَفْنا بِهِ يعني: قارون وَبِدارِهِ الْأَرْضَ يعني: بقارون وبداره وأمواله، فهو يتجلجل في الأرض كل يوم قامة رجل إلى يوم القيامة فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: لم يكن له جند وأعوان يمنعونه من عذاب الله عز وجل وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ يعني: وما كان قارون من الممتنعين مما نزل به من عذاب الله.
قوله عز وجل: وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ حين رأوه في زينته، وقالوا: يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ قال القتبي: قد اختلف في هذه اللفظة. فقال الكسائي: معناها ألم تر اللَّهَ يَبْسُطُ، وَيْكَأَنَّهُ يعني: ألم تر إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون.
روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه قال: وَيْكَأَنَّ اللَّهَ، يعني: أو لا يعلم أن الله يَبْسُطُ وهذا شاهد لقول الكسائي. وذكر الخليل بن أحمد: أنها مفصولة وي ثم يبتدئ فيقول: كأن الله. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: «كان الله يَبْسُطُ» الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ كأنه لا يفلح الكافرون. وقال: وي صلة في الكلام، وهذا شاهد لقول الخليل. وقال الزجاج: الذي قاله الخليل أجود، وهو أن قوله: وي مفصولة من كان، لأن من ندم على شيء يقول: وي كما تعاتب الرجل على ما سلف تقول: وي، كأنك قصدت مكروهي. وقال مقاتل: معناه، ولكن اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يعني: يوسعه على من يشاء من عباده وَيَقْدِرُ يعني:
يقتر ويقال: ويضيق على من يشاء لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا يعني: لولا أن من الله علينا، لكنا مثل قارون في العذاب لَخَسَفَ بِنا معهم. ويقال: لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا يعني: عصمنا مثل ما

صفحة رقم 621
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية