
شرح الكلمات:
في زينته: أي لباس الأعياد والحفلات الرسمية.
يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون: أي تمنوا لو أعطوا من المال والزينة ما أعطي قارون.
إنه لذو حظ عظيم: أي إنه لذو بخت ونصيب وهبه الله إياه في كتاب المقادير.
وقال الذين أوتوا العلم: أي أعطوا العلم الديني بمعرفة الله والدار الآخرة وموجبات السعادة والشقاء.
ويلكم: أي حضر ويلكم وهلاككم بتمنيكم المال وزخرف الدنيا.
ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا: أي ما عند الله من جزاء للمؤمنين العاملين الصالحات وهو الجنة خير من حطام الدنيا الفاني.
ولا يلقاها إلا الصابرون: أي ولا يوفق لقول هذه الكلمة وهي ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلا الصابرون على الإيمان والتقوى.
فخسفنا به وبداره الأرض: أي أسخنا الأرض من تحته فساخت به وبداره وكل من كان معه فيها من أهل البغي والإجرام.
تمنوا مكانه بالأمس: أي الذين قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون فالمراد من المكان المكانة وما عليه قارون من الإمارة والزينة والمال والجاه.
ويكأن الله يبسط: أي أعجبُ عالما أن الله يبسط الرزق لمن يشاء.
ويقدر: أي يضيّق.
ويكأنه لا يفلح الكافرون: أي أعجب عالماً أنه لا يفلح الكافرون أي أنهم لا يفوزون بالنجاة من النار ودخول الجنان كما يفوز المؤمنون.

معنى الآيات:
ما زال السياق في قصص قارون الباغي قال تعالى ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ (١) ﴾ أي قارون في يوم عيد أو مناسبة خرج على قومه وهم يشاهدون موكبه ﴿فِي زِينَتِهِ﴾ الخاصة من الثياب والمراكب. قوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أي من قوم موسى وهم المفتونون بالدنيا وزخرفها من أهل الغفلة عن الآخرة وما أكثرهم اليوم وقبل وبعد اليوم قالوا ما أخبر الله به عنهم: ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ﴾ تمنوا أن يكون لهم مثل الذي أوتي قارون من المال والزينة ﴿إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ (٢) عَظِيمٍ﴾ أي بخت ونصيب ورزق ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ أي الشرعي (٣) الديني العالمون بالدنيا والآخرة، وأسباب السعادة والشقاء في كل منهما قالوا ما أخبر الله تعالى به عنهم في قوله: ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ ويحكم هلكتم إن كنتم تؤثرن هذا الفاني على الباقي ﴿ثَوَابُ اللهِ﴾ وهو الجنة خير من هذا الزخرف الفاني ﴿لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ ولازم ذلك أنه ترك الشرك والمعاصي، وقوله تعالى: ﴿وَلا يُلَقَّاهَا﴾ أي (٤) هذه الجملة من الكلام: ﴿ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ﴾ بربه ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ في حياته بأداء الفرائض والنوافل وترك المحرمات والرذائل أي لا يلقى هذه الكلمة ﴿إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ من أهل الإيمان والتقوى هم الذين يلقنهم الله إياها فيقولونها الصفاء أرواحهم وزكاة أنفسهم وقوله تعالى في الآية (٨١) ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ (٥) وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾ يخبر تعالى أنه خسف بقارون وبداره الأرض انتقاما منه لكفره ونفاقه وبغيه وكبريائه. وقوله تعالى ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ﴾ أي جماعة ﴿يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ لما أراد الله خذلانه بخسف الأرض به وبداره ومن فيها من أعوانه الظلمة والمجرمين. ﴿وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾ أي لنفسه فنجاها مما حل بها من الخسف في باطن الأرض التي ما زال يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. وقوله تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ﴾ (٦) يخبر تعالى
٢ - الحظ: القسم الذي يعطاه المقسوم له.
٣ - في الآية دليل قوي على أن الجهل بالله وشرائعه ووعده ووعيده هو سبب كل شر وفساد في الأرض، وأن العلم بذلك هو سبيل الإصلاح في الأرض.
٤ - (يلقاها) الضمير عائد على ما دل عليه قولهم: (ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً) وهو هذه الموعظة، ولا يلهمها وتلقى في روعه وينطق بها إلا أهل الصبر على الطاعات وعن المعاصي فتصفو لذلك نفوسهم فيلهمون مثل هذه الموعظة.
٥ - الفاء هنا: للترتيب والتعقيب فقد خسف به يوم خروجه في زينته.
٦ - أي: تمنوا منزلته بين الناس، وهي منزلة المال والترف والجاه والرفعة ومعنى: مكانه: ما كان عليه من منزلة العلو والرفعة.

عن الذين قالوا يوم خرج عليهم قارون في زينته يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون يخبر تعالى عنهم أنهم لما شاهدوا الخسف الذي حل بقارون وبدره قالوا ويكأن الله (١) يبسط الرزق لمن يشاء أي نعجب عالمين، أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر (٢) أي على من يشاء فالبسط والقبض كله لله وبيد الله فما لنا لا نفزع إلى الله نطلب رضاه ولا نتمنى ما تمنيناه وقد أصبح ذاهباً لا يرى بعين ولا يلمس بيدين، ﴿لَوْلا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (٣) ﴾ أي نعجب أيضاً عالمين بأنه لا يفلح الكافرون كقارون وهامان أي لا يفوز الكافرون لا بالنجاة من العذاب ولا بدخول الجنان.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان أن الفتنة أسرع إلى قلوب الماديين أبناء الدنيا والعياذ بالله تعالى.
٢- بيان موقف أهل العلم الديني وأنهم رشَّد أي حكماء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
٣- بيان أن البغي يؤخذ به البغاة في الدنيا ويعذبون به في الآخرة.
٤- بيان أن وجود الإيمان خير من عدمه وإن قل وأن ذا الإيمان أقر على التوبة ممن لا إيمان له.
تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)
مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤)
ولقد سقا نفسي وأبرأ سُقمها
قيل الفوارس ويك عنتر أقدم.
وذهب بعض إلى أن أصل ويك: ويلك اعلم أنه كذا فحذفت اللام والفعل، فصارت ويك.
٢ - أي: يضيق الرزق ولا يوسعه.
٣ - أي: لولا أن من الله فعافانا مما ابتلى قارون به من المال والظلم والطغيان لحل بنا ما حل به من الخسف والخسران.