
(وأصبح) أي صار (فؤاد أم موسى فارغاً) من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتم بشيء سواه، قاله المفسرون. وقال أبو عبيدة: خالياً من ذكر كل من في الدنيا إلا من ذكر موسى، وقال الحسن، وابن إسحاق وابن زيد: فارغاً مما أوحى الله إليها من قوله: ولا تخافي ولا تحزني، وذلك لما سول الشيطان لها من غرقه وهلاكه، وقال الأخفش: فارغاً من الخوف والغم لعلمها أنه لم يغرق بسبب ما تقدم من الوحي إليها، وروي مثله عن أبي عبيدة أيضاً، وقال الكسائي: ناسياً ذاهلاً، وقيل صفراً من العقل، وقال العلاء ابن زياد: نافراً.
وقال سعيد ابن جبير: والهاً، كادت تقول واابناه من شدة الجزع.
وقال مقاتل: كادت تصيح شفقة عليه من الغرق.
وقيل: المعنى أنها لما سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والدهش.
قال النحاس: وأصح هذه الأقوال الأول والذين قالوه أعلم بكتاب الله فإذا كان فارغاً من كل شيء إلا من ذكر موسى، فهو فارغ من الوحي. وقول من قال فارغاً من الغم غلط قبيح. لأن بعده إن كادت لتبدي به، لولا أن ربطنا على قلبها، وقرئ فزعاً مكان فارغاً، من الفزع، أي خائفاً وجلاً وقرأ ابن عباس: قرعاً من قرع رأسه إذا انحسر شعره.

(إن كادت لتبدي به) من بدا يبدو إذا ظهر، وأبدى يبدي أي أظهر والمعنى لتظهر أمر موسى، وأنه ابنها من فرط ما دهمها من الدهش، والخوف والحزن وقيل: الضمير في (به) عائد إلى الوحي الذي أوحي إليها، والأول أولى وقال الفراء: لتبدي باسمه لضيق صدرها، وقال ابن عباس: تقول يا ابناه وقيل الباء زائدة للتأكيد، والمعنى لتبديه، كما تقول أخذت الحيل وبالحبل، وقيل المعنى لتبدي القول به.
(لولا أن ربطنا على قلبها) بالعصمة والصبر والتثبت، قال الزجاج: معنى الربط على القلب إلهام الصبر وتقويته، وجواب لولا محذوف أي لأبدت.
(لتكون من المؤمنين) أي ربطنا على قلبها لتكون من المصدقين بوعد الله وهو قوله إنا رادوه إليك قال يوسف بن الحسين: أمرت أم موسى بشيئين، ونهيت عن شيئين وبشرت بشيئين فلم ينفعها الكل حتى تولى الله حياطتها فربط على قلبها.