آيات من القرآن الكريم

وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ
ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ

قوله: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ﴾ : الجمهورُ على الرفع. وفيه وجهان، أحدُهما: أنه مستأنفٌ، أخبر بذلك. والثاني: أنه معطوفٌ على خبر «إنَّ». وقرأ زيد بن علي وطلحة وعيسى والأعمش بالنصب فيهما. والأعرج بنصبِ الأولِ ورفعِ الثاني: فالنصبُ عطفٌ على صلة «أنْ» فتكونُ الأفعالُ الثلاثة: يُكَذِّبُونِ، ويَضيقُ،

صفحة رقم 514

ولا يَنْطَلِقُ، داخلةً في حَيِّز الخوف. قال الزمخشري: «والفرقُ بينهما أي الرفع والنصب أن الرفعَ فيه يُفيد أن فيه ثلاثَ عللٍ: خوفَ التكذيبِ، وضيقِ الصدر، وامتناعَ انطلاقِ اللسانِ. والنصبُ: على أنَّ خَوْفَه متعلقٌ بهذه الثلاثة. فإنْ قلتَ: في النصبِ تعليقُ الخوفِ بالأمور الثلاثةِ. وفي جُملتها نفيُ انطلاقِ اللسانِ، وحقيقةُ الخوف إنماهي غَمٌّ يَلْحَقُ الإِنسانَ لأمرٍ سيقعُ، وذلك كان واقعاً، فكيف جازَ تعليقُ الخوفِ به؟ قلت: قد عَلَّقَ الخوفَ بتكذيبهم، وبما يَحْصُل له [بسببِه] من ضيقِ الصدرِ، والحَبْسَةُ في اللسانِ زائدةٌ على ما كان به. على أن تلك الحَبْسَةَ التي كانَتْ به زالَتْ بدعوتِه. وقيل: بَقيَتْ منها بقيةٌ يسيرةٌ. فإنْ قلت: اعتذارُك هذا يَرُدُّه الرفعُ؛ لأن المعنى: إني خائفٌ ضَيِّقُ الصدرِ غيرُ منطلقِ اللسانِ. قلت: يجوز أن يكونَ هذا قبلَ الدعوةِ واستجابتِها. ويجوز أَنْ يريدَ القَدْرَ اليسيرَ الذي بقي».
قوله: ﴿فَأَرْسِلْ﴾ أي: فأَرْسِلْ جبريلَ أو المَلَكَ، فحذف المفعولَ به.

صفحة رقم 515
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية