آيات من القرآن الكريم

قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ
ﭾﭿﮀﮁﮂ

السموات والأرض يكون فرعون وقومه موقنين، مع أن هذا الشرط منتف والربوبية ثابتة؟
قلت: معناه: إن كنتم موقنين أن السموات والأرض موجودات، وهذا الشرط موجود. أو المعنى (١): إن كنتم موقنين بالأشياء المحققين لها بالنظر الصحيح الذي يؤدّي إلى الإيقان.. علمتم أن العالم عبارة عن كل ما يعلم به الصانع من السموات والأرض وما بينهما، وأن ربها هو الذي خلقها، ورزق من فيها، ودبر أمورها، فهذا تعريفه، وجواب سؤالكم لا غير، والخطاب في ﴿كُنْتُمْ﴾ لفرعون وأشراف قومه الحاضرين؛ وهم القبط.
٢٥ - فلما قال ذلك موسى عجب فرعون من كلام موسى، والتفت إلى الملأ حوله معجبًا لهم من ذلك المقال، ومتحيرًا فيه، كما بيّنه سبحانه بقوله: ﴿قَالَ﴾ فرعون ﴿لِمَنْ حَوْلَهُ﴾، من أشراف قومه القبطيين، قال ابن عباس: كانوا خمس مئة رجل، عليهم الأساور التي لا يلبسها إلا السلاطين ﴿أَلَا تَسْتَمِعُونَ﴾ ما يقول في جوابه، فقد سألته عن حقيقته، وهو يذكر أفعاله وآثاره، أو (٢) لأنهم يزعمون قدمهما، وينكرون حدوثهما، وأن لهما ربًا،
٢٦ - فاحتاج موسى إلى أن يستدل بما شاهدوا حدوثه وفناءه، فاستدل به فـ ﴿قَالَ﴾ موسى - زيادة في البيان، وحطًا له عن مرتبة الربوبية إلى مرتبة المربوبية؛ لأنه كان يدّعي الربوبية -: رب العالمين هو ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾؛ أي: خالقكم وخالق آبائكم الأولين. قيل (٣): إن فرعون كان يدّعي الربوبية على أهل عصره وزمانه، فلم يدع ذلك على من كان قبله، فبين بهذه الآية أن المستحق للربوبية هو رب كل عصر وزمان.
وقد انتقل (٤) بهم موسى من النظر في الآفاق وما فيها من باهر الأدلة إلى النظر في الأنفس وما فيها من عجيب الصنع، فإن التناسل المستمر في النبات

(١) روح البيان.
(٢) النسفي.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.

صفحة رقم 168
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
عدد الأجزاء
1