آيات من القرآن الكريم

وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ
ﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨ ﱿ ﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀ ﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟ

منه نَعْبُدُ أَصْناماً وهو ما سوى الله فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ إلا أن أدركتنا العناية فنعرض عنها: بَلْ وَجَدْنا آباءَنا وهم الأرواح والآباء العلوية كذلك يتعلق بعضهم ببعض فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إن تعلقت فصرت محجوبا بهم عن الله خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ إلى حضرته ويُطْعِمُنِي من طعام العبودية الذي يعيش القلوب، ويسقيني من شراب طهور التجلي وَإِذا مَرِضْتُ بتعلقات الكونين فَهُوَ يَشْفِينِ بالجذبة الإلهية وَالَّذِي يُمِيتُنِي عن أوصاف البشرية ثُمَّ يُحْيِينِ بأوصاف الروحانية ويميتني عن أوصاف الروحانية ثم يحيين بالأوصاف الربانية ثم يميتني عن أنانيتي ثم يحيين بهويته وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يستر ظلمة خطيئة وجودي بطلوع شمس نهار الدين رَبِّ هَبْ لِي من ربوبيتك حُكْماً على بذل وجودي في هويتك وَأَلْحِقْنِي بالذين صلحوا لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة. وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ من النفس وصفاتها ليعرضوا عما سوى الله وَاغْفِرْ لِأَبِي الروح إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ حين رد من العالم العلوي إلى السفلي من قولهم «ضل الماء في اللبن» وَلا تُخْزِنِي بتعلقات الكونين قالَ نوح القلب وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني أراذل الجسد والأعضاء لأنهم عملة عالم الشهادة وأنا من عملة عالم الغيب إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي فيما يعملون من الأعمال الحيوانية لحاجة ضرورية يعفو عنها والشهوة حيوانية يؤاخذهم بها لَوْ تَشْعُرُونَ الفرق بينهما قالُوا أي النفس وصفاتها لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ القلب عما تدعونا إليه على خلاف إرادتنا لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ بأحجار الوساوس والهواجس فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ أي في فلك الشريعة المملوء بالأوامر والنواهي والحكم والمواعظ والأسرار والحقائق ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ بطوفان استيلاء الأخلاق الذميمة وآفات الدنيا الدنية، وباقي القصص إشارات إلى رسول القلب المسلم من الله وقومه النفس وصفاتها وإليه المرجع والمآب لما قررناه.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٢٣ الى ١٧٥]
كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧)
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٣١) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢)
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧)
وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢)
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧)
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢)
قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧)
فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢)
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤) أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧)
قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩) فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢)
وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥)

صفحة رقم 278

القراآت:
أَوَعَظْتَ مدغما: عباس ونصير خُلُقُ الْأَوَّلِينَ بفتح الخاء وسكون اللام: ابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب ويزيد وعليّ كَذَّبَتْ ثَمُودُ مثل بَعِدَتْ ثَمُودُ [هود: ٩٥] فارِهِينَ بالألف: ابن عامر وعاصم وحمزة وعليّ وخلف.
الوقوف:
الْمُرْسَلِينَ هـ تَتَّقُونَ هـ أَمِينٌ هـ وَأَطِيعُونِ هـ أَجْرٍ هـ الْعالَمِينَ هـ تَعْبَثُونَ هـ لا تَخْلُدُونَ هـ ج جَبَّارِينَ هـ وَأَطِيعُونِ هـ ج تَعْلَمُونَ هـ ج وَبَنِينَ هـ لا وَعُيُونٍ هـ ج عَظِيمٍ هـ ط الْواعِظِينَ هـ لا للاحتراز عن الابتداء بمقولهم الْأَوَّلِينَ هـ لا لذلك بِمُعَذَّبِينَ هـ ج فَأَهْلَكْناهُمْ ط لَآيَةً ط مُؤْمِنِينَ هـ الرَّحِيمُ هـ الْمُرْسَلِينَ هـ ط تَتَّقُونَ هـ أَمِينٌ هـ لا وَأَطِيعُونِ هـ أَجْرٍ هـ الْعالَمِينَ هـ آمِنِينَ هـ لا لتعلق الظرف وَعُيُونٍ هـ لا هَضِيمٌ هـ فارِهِينَ هـ ج للآية مع العطف وَأَطِيعُونِ هـ ج لذلك الْمُسْرِفِينَ هـ لا لأن الَّذِينَ صفتهم وَلا يُصْلِحُونَ هـ الْمُسَحَّرِينَ هـ ج لانقطاع النظم مع اتحاد المقول مِثْلُنا ز مِنَ الصَّادِقِينَ هـ مَعْلُومٍ هـ ج عَظِيمٍ هـ نادِمِينَ هـ لا الْعَذابُ

صفحة رقم 279

ط لَآيَةً ط مُؤْمِنِينَ هـ الرَّحِيمُ هـ الْمُرْسَلِينَ هـ لا أَلا تَتَّقُونَ هـ ج أَمِينٌ هـ لا وَأَطِيعُونِ هـ ج أَجْرٍ ج الْعالَمِينَ هـ ط مِنَ الْعالَمِينَ هـ لا للعطف مِنْ أَزْواجِكُمْ هـ عادُونَ ط الْمُخْرَجِينَ هـ الْقالِينَ هـ يَعْمَلُونَ هـ أَجْمَعِينَ هـ الْغابِرِينَ هـ الْآخَرِينَ هـ ج مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ هـ لَآيَةً ط مُؤْمِنِينَ هـ الرَّحِيمُ هـ.
التفسير:
القصة الرابعة قصة هود ولنذكر من تفسيرها ما هو غير مكرر. الريع بالكسر وقرىء بالفتح المكان المرتفع ومنه الغلة لارتفاعها. والآية العلم وفي هذا البناء وجوه: فعن ابن عباس أنهم كانوا يبنون بكل موضع مرتفع علما يعبثون فيه بمن يمر بالطريق إلى هود.
وقيل: كانوا يبنون ذلك ليعرف به فخرهم وغناهم فنهوا عنه ونسبوا إلى العبث وقيل:
كانوا يقتنون الحمام قاله مجاهد. والمصانع مآخذ الماء. وقيل: القصور المشيدة والحصون. ومعنى لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ترجون الخلود في الدنيا أو ظلما وعلوا فوصفوا بكونهم إذ ذاك جبارين. وقيل: الجبار الذي يقتل ويضرب على الغضب. وعن الحسن:
أراد أنهم يبادرون العذاب من غير تفكر في العواقب. والحاصل أن اتخاذ الأبنية الرفيعة يدل على حب العلوّ، واتخاذ المصانع يدل على حب البقاء، والبطش الشديد يدل على حب التفرد بالعلوّ فكأنهم أحبوا العلوّ وبقاء العلوّ والتفرد بالعلوّ وكل هذه لمن له الصفات الإلهية لا العبدية. ثم بالغ في تنبيههم على نعم الله حيث أجملها بقوله وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ إيقاظا لهم عن سنة الغفلة مستشهدا بعلمهم ثم فصلها بقوله أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ عليها تدور معايشكم وَبَنِينَ بهم يتم أمر حفظها والقيام بها وَجَنَّاتٍ يحصل بها التفكه والتنزه وَعُيُونٍ بمائها يكمل النماء. ثم ختم الكلام بتخويفهم تنبيها على أنه كما قدر أن يتفضل عليهم بهذه النعم الجسام فهو قادر على العذاب فيكون فيه مزيد حث على التقوى وكمال تنفر عن العصيان. ثم شرع في حكاية جواب القوم وأنهم قالوا: إن وعظه وعدم وعظه بالنسبة إليهم سيان. وإنما لم يقل «أوعظت أم لم تعظ» مع كونه أخصر لأن المراد سواء علينا أفعلت هذا الفعل الذي هو الوعظ أو لم تكن من مباشريه وذويه رأسا وهذا أبلغ في قلة اعتدادهم بوعظه. من قرأ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ بفتح الخاء فمعناه أن هذا إلا اختلاق الأولين وأكاذيبهم، أو ما هذا إلا خلق الأقدمين نحيا ونموت ولا بعث ولا جزاء. والقراءة الأخرى معناها لسنا نحن إلا على دين الأولين من آبائنا، أو ليس ما نحن عليه من الحياة والموت إلا عادة جارية لا خرق لها، أو ما هذا الذي جئت به من تلفيق الأكاذيب. إلا عادة مستمرة من المتنبين. ثم أكدوا إنكارهم المعاد بقولهم وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فأظهروا بذلك جلادتهم وقوة نفوسهم فأخبر الله تعالى عن إهلاكهم وقد سبقت كيفية ذلك مرارا.

صفحة رقم 280

القصة الخامسة قصة صالح. قال جار الله: الهمزة في أَتُتْرَكُونَ يجوز أن تكون للإنكار أي لا تتركون مخلدين في الأمن والراحة ولكل نعمة زوال، ويجوز أن تكون للتقرير أي قد تركتم في أسباب الأمن والفراغ، أجمل أولا بقوله فِي ما هاهُنا أي في الذي استقر في هذا المكان من النعيم، ثم فسره بقوله فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وذكر النخل بعد ذكر الجنات إما تخصيص للجنات بغير النخل، وإما تخصيص للنخل بالذكر تنبيها على فضله ومزيته.
وطلع النخلة ما يبدو منها كنصل السيف وقد مر في «الأنعام». والهضيم اللطيف الضامر من قولهم «كشح هضيم» أراد أنه وهب لهم أجود النخل وألطفه كالبرني مثلا. وقيل: وصف نخيلهم بالحمل الكثير فإنه إذا كثر الحمل هضم أي لطف. وقيل: الهضيم اللين النضيج كأنه قال: ونخل قد أرطب ثمره. والفراهة الكيس والنشاط ومنه «خيل فرهة» وفارِهِينَ حال من الناحتين. قال علماء المعاني: جعل الأمر مطاعا مجاز حكمي وإنما المطاع بالحقيقة هو الآمر. وفي قوله وَلا يُصْلِحُونَ إشارة إلى أن إفسادهم في الأرض غير مقترن بالإصلاح رأسا. والمسحر الذي سحر كثيرا حتى غلب على عقله. وقيل: هو من السحر الرئة. أرادوا أنه بشر ذو سحر وهو ضعيف لأنه يلزم التكرار بقوله: ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا إلا أن يقال: إنه بيان. والشرب النصيب من الماء كالسقي للحظ من السقي. وقرىء بالضم عن قتادة إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله ولهم شرب يوم لا تشرب فيه الماء. سؤال:
لم أخذهم العذاب وقد ندموا والندم توبة؟ جوابه كان ندمهم ندم خوف من العقاب العاجل أو ندموا ندم توبة في غير أوانها وذلك عند عيان العذاب. وقيل: ندموا على ترك عقر ولدها وفيه بعد. واللام في العذاب إشارة إلى عذاب يوم عظيم.
القصة السادسة: قصة لوط: أنكر على قومه إتيانهم الذكور من الناس لا الإناث على كثرتهن، أو أنكر عليهم كونهم مختصين من العالمين بهذه الفاحشة. فقوله: مِنَ الْعالَمِينَ يعود على الأول إلى المأتي، وعلى الثاني إلى الآتي. والعالمون على هذا كل ما ينكح من الحيوان ولا شيء من الحيوان يرتكب هذه الفعلة إلا الإنسان. قوله مِنْ أَزْواجِكُمْ إما بيان لما خلق وإما للتبعيض فيراد بما خلق العضو المباح منهن فلعلهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم. والعادي المتجاوز الحد في ظلم أي بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ في جميع المعاصي وهذه واحدة منها، أو بل أنتم قوم أحقاء بأن تنسبوا إلى العدوان حيث فعلتم هذه الجريمة العظيمة. قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ عن نهينا لَتَكُونَنَّ من جملة من أخرجناه من بلدنا ولعلهم كانوا يطردون من خالف أراد أنه كامل في قلاهم عصبية للدين، أو أنه معدود في زمرة مبغضيهم كما تقول: فلان من العلماء. فيكون أبلغ من قولك «هو

صفحة رقم 281
غرائب القرآن ورغائب الفرقان
عرض الكتاب
المؤلف
نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري
تحقيق
زكريا عميرات
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية