آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ

السلاح، ولا يصبحون إِلا في لأْمتهم، فقالوا: أترون أنّا نعيش حتى نَبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلّا الله عزّ وجلّ؟! فنزلت هذه الآية. قال أبو العالية: لمّا أظهر الله عزّ وجلّ رسوله على جزيرة العرب، وضعوا السلاح وأمنوا، ثم قبض الله نبيّه، فكانوا آمنين كذلك في إِمارة أبي بكر، وعمر، وعثمان، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه وكفروا بالنعمة، فأدخل الله عزّ وجلّ عليهم الخوف فغيَّروا، فغيَّر الله تعالى ما بهم. وروى أبو صالح عن ابن عباس: أن هذا الوعد وعده الله أُمَّة محمد في التوراة والإِنجيل.
(١٠٣٩) وزعم مقاتل أن كفار مكّة لمّا صدّوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمسلمين عن العُمرة عام الحديبية، قال المسلمون. لو أن الله تعالى فتح علينا مكّة، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ أي: ليجعلنَّهم يخلفُون مَنْ قَبْلهم، والمعنى: ليورثنَّهم أرض الكفار من العرب والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها وسكَّانها. وعلى قول مقاتل: المراد بالأرض مكة. قوله تعالى: كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وقرأ أبو بكر عن عاصم: «كما استُخلِف» بضم التاء وكسر اللام يعني: بني إِسرائيل، وذلك أنه لمّا هلكت الجبابرة بمصر، أورثهم الله أرضهم وديارهم وأموالهم. قوله تعالى: وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ وهو الإِسلام، وتمكينه: إِظهاره على كل دين، وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ وقرأ ابن كثير، وأبو بكر، وأبان، ويعقوب: «وَليُبْدِلَنَّهم» بسكون الباء وتخفيف الدال مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً لأنهم كانوا مظلومين مقهورين، مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً لأنهم كانوا مظلومين مقهورين، يَعْبُدُونَنِي هذا استئناف كلام في الثناء عليهم، وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ بهذه النِّعم، أي: من جحد حقَّها. قال المفسرون: وأوّلُ من كفر بهذه النّعم قتله عثمان.
[سورة النور (٢٤) : آية ٥٧]
لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧)
قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا قرأ ابن عامر، وحمزة وحفص، عن عاصم: «لا يَحْسَبَنَّ» بالياء وفتح السين. وقرأ الباقون بالتاء وكسر السين.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٥٨ الى ٦٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠)
قوله تعالى: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ في سبب نزولها قولان:
(١٠٤٠) أحدهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وجَّه غلاماً من الأنصار يقال له: مُدْلج بن عمرو إلى

عزاه المصنف لمقاتل، ومقاتل ساقط الرواية ليس بشيء.
لا أصل له. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٤٨ عن ابن عباس بدون إسناد. وقال الحافظ ابن حجر في «تخريج الكشاف» ٣/ ٢٥٣: هكذا نقله الثعلبي والواحدي والبغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما بغير سند اه. فالخبر لا أصل له، يعني: لا إسناد له. وانظر «أحكام القرآن» ١٦٢١ بتخريجنا.

صفحة رقم 304

عمر بن الخطاب وقت الظهيرة ليدعوه، فدخل فرأى عمر على حالة كره عمرُ رؤيتَه عليها، فقال: يا رسول الله، وددت له لو أنّ الله تعالى أمرنا ونهانا في حال الاستئذان، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
(١٠٤١) والثاني: أن أسماء بنت مرثد كان لها غلام، فدخل عليها في وقت كرهته، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقالت: إِنَّ خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حالة نكرهها، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. ومعنى الآية: ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم وفيهم قولان «١» : أحدهما: أنه أراد الذكور دون الإِناث، قاله ابن عمر. والثاني: الذكور والإِناث، رواه أبو حصين عن أبي عبد الرحمن. ومعنى الكلام: ليستأذنكم مماليككم في الدخول عليكم. قال القاضي أبو يعلى: والأظهر أن يكون المراد:
العبيد الصغار والإِماء الصغار، لأن العبد البالغ بمنزلة الحر البالغ في تحريم النظر إلى مولاته، فكيف يضاف إِلى الصبيان الذين هم غير مكلفين؟! قوله تعالى: وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وقرأ عبد الوارث: «الحُلْم» باسكان اللام مِنْكُمْ أي: من أحراركم من الرجال والنساء ثَلاثَ مَرَّاتٍ أي: ثلاثة أوقات ثم بيَّنها فقال: مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وذلك لأن الإِنسان قد يَبِيت عُرياناً، أو على حالة لا يحب أن يُطَّلع عليه فيها وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ أي: القائلة وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ حين يأوي الرجل إِلى زوجته، ثَلاثُ عَوْراتٍ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم: «ثلاثُ عورات» برفع الثاء من «ثلاث»، والمعنى: هذه الأوقات هي ثلاث عورات، لأن الإِنسان يضع فيها ثيابه، فربما بدت عورته. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم: «ثلاثَ عورات» بنصب التاء قال أبو عليّ: جعلوه بدلاً من قوله: «ثلاثَ مَرَّات» والأوقات ليست عورات، ولكن المعنى: أنها أوقات ثلاث عورات، فلما حذف المضاف أعرب باعراب المحذوف. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وسعيد بن جبير والأعمش «عَوَرات» بفتح الواو لَيْسَ عَلَيْكُمْ يعني المؤمنين الأحرار وَلا عَلَيْهِمْ يعني الخدم والغلمان جُناحٌ أي: حرج بَعْدَهُنَّ أي بعد مُضي هذه الأوقات في أن لا يستأذنوا، فرفع الحرج عن الفرقين طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ أي: هم طوافون عليكم بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ أي: يطوف بعضكم وهم المماليك على بعض وهم الأحرار.

كذا ذكره الواحدي في «الأسباب» ٦٤٩ عن مقاتل بدون إسناد، وهذا معضل، وهو بدون إسناد.
__________
(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٣/ ٣٧٧: هذه الآيات اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض.
وما تقدم في أول السورة فهو استئذان الأجانب بعضهم على بعض، فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال: الأول من قبل صلاة الغداة، لأن الناس إذ ذاك يكونون نياما في فرشهم وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ أي: وقت القيلولة، لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ لأنه وقت نوم فيؤمر الخدم والأطفال ألا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال، لما يخشى من أن يكون الرجل مع أهله، أو نحو ذلك من الأعمال. وإذا دخلوا في غير هذه الأحوال فلا جناح عليكم في تمكينكم إياهم من ذلك، وقد أذن لهم في الهجوم. [.....]

صفحة رقم 305
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية