آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

الذين وقفوا من أهل بيت النبي وشيعتهم موقف المناوأة والعداء ثم رووا عن أئمتهم أن الآية الأولى تضمنت البشارة بظهور المهدي واستخلافه في الأرض، ورووا في صدده حديثا جاء فيه «لو لم يبق في الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي، اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا» «١».
والهوى الشيعي ظاهر في تأويل الآيات وصرفها عن روعة مفهومها الشامل للمسلمين باستخلافهم في الأرض وتمكّن دينهم إذا آمنوا وأخلصوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الرسول. وليس فيها أي شيء يبرر ذلك الصرف والتأويل.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩)
. (١) وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة: حين تخلعون ثيابكم المعتادة للتخفف والتبذل وقت الظهر.
(٢) ثلاث عورات لكم: ثلاث أوقات هي لكم عورات. والعورة في أصلها الخلل والعيب في الشيء وفي المكان الذي يخشى دخول العدو منه. وهذا المعنى

(١) روى هذا الحديث بخلاف يسير أبو داود والترمذي (التاج ج ٥ ص ٣١١، ٣١٢) ونحن نقف منه موقف التحفظ ونرجح أن للهوى الشيعي أثرا ما فيه. ومع ذلك فإنه لا يساعد في أي حال على تأويل الآيات بما أولها به أئمة الشيعة أو مفسروهم.

صفحة رقم 442

في جملة إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ في آية سورة الأحزاب [١٣] وأكثر ما تطلق على الشيء الذي لا ينبغي أن تقع عليه الأبصار من جسم الإنسان، وهي هنا بهذا المعنى.
(٣) جملة فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: هي هنا بمعنى كما استأذن الذين بلغوا الحلم قبلهم.
في الآيتين:
(١) أمر للمسلمين بأن لا يدخل عليهم الأولاد الذين هم دون سنّ الاحتلام ولا عبيدهم في ثلاثة أوقات إلّا بعد الاستئذان والإذن. وهي وقت ما قبل الفجر، ووقت الظهر الذي يتخفف الناس فيه من ثيابهم، وبعد صلاة العشاء، وإباحة دخولهم عليهم بدون استئذان في غيرها.
(٢) وأمر آخر بعدم دخول الأولاد عليهم حينما يبلغون الحلم بدون استئذان في غير هذه الأوقات كما هو شأن سائر الرجال.
(٣) وتعقيب على هذا التأديب: فالله سبحانه حكيم عليم يأمر بما فيه الحكمة والصواب، ويعلم مقتضيات الأمور ويبين آياته للناس متسقة مع ذلك.
تعليق على الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ... إلخ والتي بعدها وما فيهما من آداب وأحكام
والآيتان فصل جديد لا صلة له بالآيات السابقة. ومن المحتمل أن تكونا نزلتا بعدها فوضعتا في ترتيبهما.
وقد روى المفسرون أن الآية الأولى نزلت في مناسبة دخول غلام أرسله النبي ﷺ إلى عمر بن الخطاب وقت الظهيرة، فرأى عمر في حالة كره رؤيته فيها رووا أنها نزلت في مناسبة دخول غلام لأسماء بنت مرثد عليها في وقت كرهته،

صفحة رقم 443

فأتت رسول الله، فقال: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها «١».
والروايات محتملة الصحة. لأن التشريع والتأديب القرآني كان ينزل في كثير من الظروف جوابا على الأسئلة والاستفتاءات والمراجعات على ما مرّ في مناسبات كثيرة. وعلى كل حال فالآيتان فصل تشريعي واحد احتوى ما شكي للنبي ﷺ منه، واحتوى تتمة له.
ولقد أباحت الآية [٣١] من هذه السورة للمرأة إبداء زينتها ومفاتنها للأطفال الذين لم يبلغوا سنّ الشهوة وللعبيد. فالظاهر أن هذه الإباحة استتبعت السماح باستمرار دخول هؤلاء على النساء في أي وقت وبدون استئذان، فكانت المراجعة، فنزلت الآيات للاستدراك. وجاءت عبارتها مطلقة ليشمل التأديب الذي احتوته الرجال والنساء معا. وهو تأديب رفيع في التزام واجب الحشمة والحياء حتى أمام الأطفال والخدم.
والمتبادر من روح الآيات وفحواها أن إناطة الدخول في الأوقات الثلاثة بالاستئذان بالنسبة للمماليك والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم شاملة لأطفال المستأذن عليهم ومماليكهم وأطفال ومماليك غيرهم أيضا. وإن كلمة مِنْكُمْ الواردة بعد جملة لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ في الآية الأولى وبعد كلمة الْأَطْفالُ في الآية الثانية هما أسلوبيتان. لأنه لا يصح أن تؤخذ الكلمة على أن المقصود هم أطفال ومماليك المستأذن عليهم فقط. فإذا كان هؤلاء يطلب منهم الاستئذان قبل الدخول فيكون هذا بالنسبة للغرباء أولى.
وجملة وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ متساوقة مع الآية [٢٧] من السورة التي توجب الاستئناس والاستئذان على كل من يريد أن يدخل بيتا غير بيته والتي شرحناها قبل. وجملة الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ تعني الذين بلغوا الحلم قبلهم، وهم الذين أوجبت الآية [٢٧] عليهم

(١) انظر تفسير الآيات في الزمخشري والبغوي والخازن.

صفحة رقم 444
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية