آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ
ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ

(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)
الإشارة إلى الحج، والفاصل كان متعلقا بالحج، فقد كان فيه الأمر باجتناب رجس الأوثان، والكذب على اللَّه بقول الزور والأمر بأن تكون الذبيحة للَّه، وأن

صفحة رقم 4981

يكون البعد عن الإشراك، وكل هذا إن لم يكن من الحج ليس بعيدًا عنه؛ ولذا كان الاعتراض بما هو تتميم للحج، فالمعنى ذلك الحج بما فيه من حرمات، وإذا كانت حرمات اللَّه تعالى يجب أن تكون مصونة غير معتدى عليها، فكذلك شعائر اللَّه تعالى يجب أن تكون مصونة معظمة، وشعائر اللَّه تعالى جمع شعيرة، وهي الأنعام التي وضعت عليها علامة على أنها خصصت للبيت الحرام تذبح فيه؛ ولذا صحت نسبتها إلى اللَّه تعالى أو إضافتها إليه عز وجل، وجاء في مفردات الراغب الأصفهاني: " ويقال: شعائر الحج الواحد شعيرة... أي ما يهدَى إلى بيت اللَّه تعالى، وسمى بذلك؛ لأنها تشعر أي تعلم بأن تدمى بشعيرة أو حديدة يشعر بها "، وكانت واجبة التعظيم، لَا لذات البهيمة، بل لأنها لبيت اللَّه تعالى، ولأنها دليل الاتجاه إلى العطاء الكريم في بيت اللَّه، ولأنها تكون لفقراء مكة الذين يكون إطعامهم استجابة لدعاء إبراهيم، وتعظيمها ألا تمس بسوء، وألا يعتدى عليها، وأن يحافظ عليها وعلى الشعار الذي أشعرت به، وأن تختار من خير صنفها في عظامه وسنامه، وسمنه، وأن يكون لها أكل طيب بالنسبة لها. ويقول تعالى:
(فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، الضمير في (فَإِنَّهَا) يعود إلى الشعائر، و " الفاء "
واقعة في جواب الشرط، وهو قوله تعالى: (وَمَن يعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ) وكانت الشعائر من تقوى القلوب لأن تخصيصها لفقراء الحرم، والاتجاه بها في العبادة مظهر حسِّي يدل على تقوى القلوب، وهي بمقصدها وغايتها نابعة من التقوى، وهي استشعار خشية اللَّه تعالى والشعور بضيافته، ويلتقي بالناس متساويا معهم فقيرا وغنيا، ومعينا لفقيرهم، ومكرما لضيوف الرحمن من الحجيج، وأضيفت التقوى إلى القلوب، لأن القلب هو مكان التقوى، وقد قال - ﷺ -: " التقوى هاهنا "، وأشار إلى قلبه الكريم (١).
________
(١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ».
رواه مسلم (٦٤٩٣). وقد سبق تخريجه.

صفحة رقم 4982
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية