آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

(٣٢) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣)
شرح الكلمات:
ذلك: أي الأمر هذا مثل قول المتكلم هذا أي ما ذكرت.. وكذا وكذا..
حرمات الله: جمع حرمة ما حرَّم الله إنتهاكه من قول أو فعل.
فهو خير له عند ربه: أي خير في الآخرة لمن يعظم حرمات الله فلا ينتهكها.
إلا ما يتلى عليكم: أي تحريمه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به.
فاجتنبوا الرجس: أي اجتنبوا عبادة الأوان.
واجتنبوا قول الزور: وهو الكذب وأعظم الكذب ما كان على الله تعالى١ والشرك وشهادة الزور.
حنفاء لله: موحدين له مائلين عن كل دين إلى الإسلام.
خرَّ من السماء: أي سقط.
فتخطفه الطير: أي تأخذه بسرعة.
شعائر الله: أعلام دينه وهي هنا البُدْن بأن تختار الحسنة السمينة منها.
فإنها من تقوى القلوب: أي تعظيمها ناشىء من تقوى قلوبهم.
لكم فيها منافع: منها ركوبها والحمل عليها بما لا يضرها وشرب لبنها.
إلى أجل مسمى: أي وقت معين وهو نحرها بالحرم أيام التشريق.
ثم محلها إلى البيت العتيق: أي عند البيت العتيق وهو مكة والحرم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في مناسك الحج قوله تعالى ﴿ذلك﴾ أي الأمر ذاك الذي علمتم من قضاء التفث أي إزالة شعر الرأس وقص الشارب وقلم الأظافر ولباس الثياب ونحر وذبح الهدايا والضحايا، ﴿ومن يعظم﴾ منكم ﴿حرمات الله﴾ فلا ينتهكها ﴿فهو خير له﴾ أي ذلك التعظيم لها باحترامها وعدم انتهاكها خير له عند ربّه يوم يلقاه وقوله تعالى: {وأحلت لكم

١ وكذلك الكذب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقوله: "من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".

صفحة رقم 471

الأنعام} أي الإبل والبقر والغنم أحل الله تعالى لكم أكلها، والانتفاع بها وقوله تعالى: ﴿إلا ما يتلى عليكم﴾ تحريمه كما جاء في سورة البقرة والمائدة والأنعام، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيَّتُمْ وما ذبح على النصب﴾ وقوله: ﴿فاجتنبوا الرجس١ من الأوثان﴾ أي اجتنبوا عبادة الأوثان فإنها رجس فلا تقربوها بالعبادة ولا بغيرها غضبا لله وعدم رضاً بها وبعبادتها، وقوله: ﴿واجتنبوا قول الزور﴾ وهو الكذب مطلقاً وشهادة الزور وأعظم الكذب ما كان على الله بوصفه بما هو منزه عنه أو بنسبه شيء إليه كالولد والشريك وهو عنه منزه، أو وصفه بالعجز أو بأي نقص وقوله ﴿خنفاء٢ لله غير مشركين﴾ أي موحدين لله تعالى في ذاته وصفاته وعباداته مائلين عن كل الأديان إلى دينه الإسلام، غير مشركين به أي شيء من الشرك أو الشركاء وقوله تعالى: ﴿ومن يشرك بالله﴾ إلهاً آخر فعبده أو صرف له بعض العبادات التي هي لله تعالى فحاله في خسرانه وهلاكه هلاك من خرَّ من السماء أي سقط منها بعدما رفع إليها ﴿فتخطفه الطير﴾ أي تأخذه بسرعة وتمزقه أشلاء كما تفعل البازات والعقبان بصغار الطيور، أو تهوى به الريح في مكان سحيق بعيد فلا يعثر عليه أبداً فهو بين أمرين إما اختطاف الطير له أو هوى الريح به فهو خاسر هالك هذا شأن من يشرك بالله تعالى فيعبد معه غيره بعد أن كان في سماء الطهر والصفاء الروحي بسلامة فطرته وطيب نفسه فانتكس في حمأة الشرك والعياذ بالله وقوله تعالى: ﴿ذلك ومن يعظم٣ شعائر الله فإنها من تقوى٤ القلوب﴾ أي الأمر ذلك من تعظيم حرمات الله واجتناب قول الزور والشرك وبيان خسران المشرك ومن يعظم شعائر الله وهي أعلام دينه من سائر المناسك وبخاصة البدن التي تهدى للحرم وتعظيمها باستحسانها واستسماتها ناشىء عن تقوى القلوب فمن عظمها طاعة لله تعالى وتقرباً إليه دل ذلك

١ الرجس: الشيء القذر، والوثن: التمثال من خشب أو حديد وغيرهما ومن: كونها لابتداء الغاية أولى ليعم الأمر اجتناب كل رجس في اعتقاد أو قول أو عمل إذ كل الأنجاس محرَّمة.
٢ لفظ: حنفاء: من الأضداد يقع على الاستقامة والميل معاً، ومعناها مائلين عن الشرك إلى التوحيد، وعن الأديان إلى الإسلام.
٣ الشعائر: جمع شريعة. وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر عباده به وأعلمهم، والشعار: العلامة، ومنه شعار الحرب وإشعار: البدنة لتعلم أنها مهداة للحرم، فشعائر الله: أعلام دينه لاسيما المناسك وما يتعلّق بها.
٤ أضيفت التقوى إلى القلوب لأنّ حقيقة التقوى في القلب، والتقوى من الخوف والخوف في القلب ويشهد لهذا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "التقوى ها هنا" وأشار إلى صدره ثلاث مرات.

صفحة رقم 472

على تقوى قلبه لربه تعالى والرسول يشير إلى صدره ويقول التقوى ها هنا التقوى ها هنا ثلاث مرات وقوله تعالى: ﴿لكم فيها منافع إلى أجل مسمى﴾ أي أذن الله تعالى للمؤمنين أن ينتفعوا بالهدايا وهم سائقوها إلى الحرم بأن يركبوها١ ويحملوا عليها ما لا يضرها ويشربوا من ألبانها وقوله تعالى: ﴿ثم محلها إلى البيت٢ العتيق﴾ أي محلها عند البيت العتيق وهو الحرم حيث تنحر إن كان مما ينحر أو تذبح إن كان مما يذبح.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب تعظيم حرمات الله لما فيها من الخير العظيم.
٢- تقرير حلِّيَّة بهيمة الأنعام بشرط ذكر اسم ا! ته عند ذبحها أو نحرها.
٣- حرمة قول الزور وشهادة الزور وفي الأثر عدلت٣ شهادة الزور الشرك بالله.
٤- وجوب ترك عبادة الأوثان ووجوب البعد عنها وترك كل ما يمت إليها بصلة.
٥- بيان عقوبة الشرك وخسران المشرك.
٦- تعظيم شعائر الله وخاصة البدن من تقوى قلوب أصحابها.
٧- جواز الانتفاع بالبدن الهدايا بركوبها وشرب لبنها والحمل عليها إلى غاية نحرها بالحرم.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا

١ في الصحيح أنّ رجلاً يسوق بدنه فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اركبها فقال الرجل إنها بدنة قال: اركبها قال: إنها بدنة، وفي الثالثة قال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اركبها ويلك"
٢ إن كان الهدي في الحج فمحلّه بعد رمي جمرة العقبة ولا ينحر أو يذبح قبله، وإن كان في غير الحج، وإنما هدي مهدى إلى الحرم فمحلّه مكة حيث يطعمه فقراؤها وفقراء الحرم كله.
٣ وفي الصحيح: "إن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور.. " الحديث.

صفحة رقم 473
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية