
﴿ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق﴾ قوله عز وجل: ﴿ذلِكَ وَمَن يَعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه فعل ما أمر به من مناسكه، قاله الكلبي. والثاني: أنه اجتناب ما نهى عنه في إحرامه. ويحتمل عندي قولاً ثالثاً: أن يكون تعظيم حرماته أن يفعل الطاعة ويأمر بها، وينتهي عن المعصية وينهى عنها. ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ فيه قولان: أحدهما: إلا ما يتلى عليكم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذُبحَ على النصب. والثاني: إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم. ﴿فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ﴾ فيه وجهان:
صفحة رقم 21
: أحدهما: أي اجتنبواْ من الأوثان الرجس، ورجس الأوثان عبادتها، فصار معناه: فاجتنبوا عبادة الأوثان. الثاني: معناه: فاجتنبواْ الأوثان فإنها من الرجس. ﴿وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: الشرك، وهوقول يحيى بن سلام. والثاني: الكذب، وهو قول مجاهد. والثالث: شهادة الزور. روى أيمن بن محمد أن النبي ﷺ قام خطيباً فقال: (أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ مَرَّتِينَ) ثم قرأ: ﴿فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ﴾. والرابع: أنها عبادة المشركين، حكاه النقاش. ويحتمل عندي قولاً خامساً: أنه النفاق لأنه إسلام في الظاهر زور في الباطن.
صفحة رقم 22
قوله عز وجل: ﴿حُنَفَآءَ لِلَّهِ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: يعني مسلمين لله، وهو قول الضحاك، قال ذو الرمة:
(إذا حول الظل العشي رأيته | حنيفاً وفي قرن الضحى يتنصر) |