آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ

يقول تعالى : هذا الذي أمرنا به من الطاعات في أداء المناسبات وما يلقى عليها من الثواب الجزيل، ﴿ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله ﴾ أي ومن يجتنب معاصيه ومحارمه، ﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾ أي فله على ذلك خير كثير وثواب جزيل، فكما على فعل الطاعات ثواب كثير وأجر جزيل، كذلك على ترك المحرمات واجتناب المحظورات. قال مجاهد في قوله :﴿ ذلك وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله ﴾ قال : المحرمات مكة والحج والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها، وقوله :﴿ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأنعام إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُم ﴾ أي أحللنا لكم جميع الأنعام، وقوله :﴿ إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ ﴾ أي من تحريم ﴿ الميتة والدم وَلَحْمُ الخنزير وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ والمنخنقة ﴾ [ المائدة : ٣ ] الآية، قال ذلك ابن جرير وحكاه عن قتادة، وقوله :﴿ فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان واجتنبوا قَوْلَ الزور ﴾، أي اجتنبوا الرسج الذي هو الأوثان، وقرن الشرك بالله بقول الزور، كقوله :﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم والبغي بِغَيْرِ الحق وَأَن تُشْرِكُواْ بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ الأعراف : ٣٣ ] ومنه شهادة الزور. وفي « الصحيحين عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ قال :» ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ لنا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين - وكان متكئاً فجلس - فقال : ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور «؛ فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت » وعن خريم بن فاتك الأسدي قال :« ﷺ الصبح فلما انصرف قام قائماً، فقال :» عدلت شهادة الزور الإشراك بالله تعالىَّ «، ثم تلا هذه الآية :﴿ فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان واجتنبوا قَوْلَ الزور * حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ﴾، وقوله :﴿ حُنَفَآءَ للَّهِ ﴾ : أي مخلصين له الدين منحرفين عن الباطل قصداً إلى الحق ولهذا قال :﴿ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ﴾ ثم ضرب للمشرك مثلاً في ضلالة وهلاكه وبعده عن الهدى، فقال :﴿ وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السمآء ﴾ أي سقط منها، ﴿ فَتَخْطَفُهُ الطير ﴾ أي تقطعه الطيور في الهواء، ﴿ أَوْ تَهْوِي بِهِ الريح فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ أي بعيد، مهلك لمن هوى فيه، ولهذا جاء في حديث البراء : أن الكافر إذا توفته ملائكة الموت وصعدوا بروحه إلى السماء، فلا تفتح له أبواب السماء، بل تطرح روحه طرحاً من هناك، ثم قرأ هذه الآية :﴿ فَتَخْطَفُهُ الطير أَوْ تَهْوِي بِهِ الريح فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾.

صفحة رقم 1685
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية