آيات من القرآن الكريم

قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

قال ذلك بنو إسرائيل بعضهم لبعض فَنَسِيَ يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون من كلام بني إسرائيل والفاعل موسى: أي نسي موسى إلهه هنا، وذهب يطلبه في الطور، والنسيان على هذا بمعنى الذهول، والوجه الثاني: أن يكون من كلام الله تعالى، والفاعل على هذا السامريّ: أي نسي دينه وطريق الحق، والنسيان على هذا المعنى: الترك أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا معناه لا يردّ عليهم كلاما إذا كلموه وذلك ردّ عليهم في دعوى الربوبية له، وقرئ يرجع بالرفع، وأن مخففة من الثقيلة، وبالنصب وهي مصدرية قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ لا زائدة للتأكيد، والمعنى ما منعك أن تتبعني في المشي إلى الطور، أو تتبعني في الغضب لله، وشدّة الزجر لمن عبد العجل، وقتالهم بمن لم يعبده؟
لَ يَا بْنَ أُمَ
ذكر في [الأعراف: ١٥٠] تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي
كان موسى قد أخذ بشعر هارون ولحيته من شدّة غضبه، لما وجد بني إسرائيل قد عبدوا العجل نِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ
أي: لو قاتلت من عبد العجل منهم بمن لم يعبده، لقلت فرقت جماعتهم وأدخلت العداوة بينهم، وهذا على أن يكون معنى قوله:
تتبعني في الزجر والقتال، ولو أتبعتك في المشي إلى الطور لا تبعني بعضهم دون بعض، فتفرقت جماعتهم وهذا على أن يكون معنى تتبعني في المشي إلى الطور لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
يعني قوله له: اخلفني في قومي وأصلح.
قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ أي قال موسى ما شأنك؟ ولفظ الخطب يقتضي الانتهار، لأنه يستعمل في المكاره قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ أي رأيت ما لم يروه يعني:
جبريل عليه السلام وفرسه فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ أي قبضت قبضة من تراب من أثر فرس الرسول وهو جبريل، وقرأ ابن مسعود «من أثر فرس الرسول» وإنما سمى جبريل بالرسول، لأن الله أرسله إلى موسى، والقبضة مصدر قبض، وإطلاقها على المفعول من تسمية المفعول بالمصدر كضرب الأمير، ويقال: قبض بالضاد المعجمة إذا أخذ بأصابعه وكفه، وبالصاد المهملة: إذا أخذ بأطراف الأصابع وقد قرئ كذلك في الشاذ فَنَبَذْتُها أي ألقيتها على الحلي، فصار عجلا أو على العجل فصار له خوار
فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ عاقب موسى عليه السلام السامري بأن منع الناس من مخالطته ومجالسته ومؤاكلته ومكالمته، وجعل له مع ذلك أن يقول طول حياته: لا مساس أي لا مماسة ولا إذاية، وروي أنه كان

صفحة رقم 13

إذا مسه أحد أصابت الحمى له وللذي مسه، فصار هو يبعد عن الناس وصار الناس يبعدون عنه وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً يعني العذاب في الآخرة وهذا تهديد ووعيد ظَلْتَ أصله ظللت، حذفت إحدى اللامين والأصل في معنى ظل: أقام بالنهار، ثم استعمل في الدأب على الشيء ليلا ونهارا لَنُحَرِّقَنَّهُ من الإحراق بالنار، وقرئ بفتح النون وضم الراء بمعنى نبرده بالمبرد، وقد حمل بعضهم قراءة الجماعة على أنها من هذا المعنى، لأن الذهب لا يفنى بالإحراق بالنار، والصحيح أن المقصود بإحراقه بالنار إذابته وإفساد صورته، فيصح حمل قراءة الجماعة على ذلك ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً أي نلقيه في البحر، والنسف تفريق الغبار ونحوه إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الآية: من كلام موسى لبني إسرائيل.
كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مخاطبة من الله تعالى لسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وأنباء ما قد سبق: أخبار المتقدمين ذِكْراً يعني القرآن مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ يعني إعراض تكذيب به وِزْراً الوزر في اللغة الثقل، ويعني هنا العذاب لقوله «خالدين فيه» أو الذنوب لأنها سبب العذاب وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا شبه الوزر بالحمل لثقله، قال الزمخشري: ساء تجري مجرى بئس، ففاعلها مضمر يفسره حملا، وقال غيره: فاعلها مضمر يعود على الوزر يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ أي ينفخ الملك في القرن، وقرأ [أبو عمرو] ننفخ بالنون أي بأمرنا زُرْقاً أي زرق الألوان كالسواد، وقيل: زرق العيون من العمى يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً أي يقول بعضهم لبعض في السرّ: إن لبثتم في الدنيا إلا عشر ليال وذلك لاستقلالهم مدّة الدنيا، وقيل: يعنون لبثهم في القبور يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً أي يقول أعلمهم بالأمور، فالإضافة إليهم إن لبثتم إلا يوما واحدا فاستقل المدّة أشد مما استقلها غيره يَنْسِفُها رَبِّي أي يجعلها كالغبار ثم يفرّقها فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً الضمير في يذرها للجبال، والمراد موضعها من الأرض، والقاع الصفصف:
المستوي من الأرض الذي لا ارتفاع فيه لا تَرى فِيها عِوَجاً المعروف في اللغة أن العوج بالكسر في المعاني، وبالفتح في الأشخاص والأرض شخص، فكان الأصل أن يقال فيها بالفتح، وإنما قاله بالكسر مبالغة في نفيه، فإن الذي في المعاني أدق من الذي في الأشخاص، فنفاه ليكون غاية في نفي العوج من كل وجه وَلا أَمْتاً الأمت: هو الارتفاع

صفحة رقم 14
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية