آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ

وقيل: هي ثلاثة أشياء: الخوف، الرجاء، البكاء.
أبو بكر الهذلي عن شهر بن حوشب قال: بلغني أنّ آدم لما أهبط الى الأرض مكث ثلاثمائة سنة لا يرفع رأسه حياء من الله تعالى.
وقال ابن عباس: بكاء آدم وحوّاء على ما فاتهما من نعيم الجنة مائتي سنة، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما، ولم يقرب آدم [حواء] مائة سنة.
فَتابَ عَلَيْهِ فتجاوز عنه إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ يقبل توبة عباده الرَّحِيمُ بخلقه.
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها يعني آدم وحواء، وقيل: آدم وحوّاء وإبليس والحيّة فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ يا ذرّية آدم مِنِّي هُدىً كتاب ورسول. فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ: فيما يستقبلهم وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ: على ما خلّفوا.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا جحدوا. وَكَذَّبُوا بِآياتِنا يعني القرآن. أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ لا يخرجون منها ولا يموتون فيها.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٤٠ الى ٤٨]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤)
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)
يا بَنِي إِسْرائِيلَ أولاد يعقوب، ومعنى إسرائيل: صفوة الله، وإيل هو الله عزّ وجلّ، وقيل: معناه: عبد الله،
وقيل: سمّي بذلك لأنّ يعقوب وعيصا كانا توأمين واقتتلا في بطن أمهما، فأراد يعقوب أن يخرج فمنعه عيص وقال: والله لئن خرجت قبلي لأعترضنّ في بطن أمّي، فلأقتلنّها، فتأخّر يعقوب وخرج عيص وأخذ يعقوب يعقب عيص فخرج عيص قبل يعقوب.
وسمّي عيص لما عصى فخرج قبل يعقوب، وكان عيص أحبّهما الى أبيه وكان يعقوب أحبّهما الى أمه، وكان عيص [ويعقوب أبناء] إسحاق وعمي، قال لعيص: يا بنيّ وأطعمني لحم صيد واقترب مني أدع لك بدعاء دعا لي به أبي، وكان عيص رجلا أشعر وكان [يعقوب] رجلا أمرد، فخرج عيص بطلب الصيد، فقالت أمّه ليعقوب: يا بنيّ اذهب إلى الغنم فاذبح منه شاة ثمّ اشوه والبس جلدها وقدمها الى أبيك فقل له: أنّك عيص، ففعل ذلك يعقوب، فلمّا جاء قال: يا أبتاه كل، قال: من أنت، قال: ابنك عيص [قال: خمسه فقال: المس مسّ عيص والريح ريحة

صفحة رقم 185

يعقوب، قالت أمه: هو ابنك، فادع له، قال: قدم طعامك فقدّمه فأكل منه، ثم قال: أدن مني، فدنا منه، فدعا له أن يجعل في ذريته الأنبياء والملوك. وقام يعقوب وجاء عيص فقال: قد جئتك بالصيد الذي أمرتني به. فقال: يا بني قد سبقك أخوك يعقوب، فغضب عيص وقال: والله لأقتلنه، قال: يا بني قد بقيت لك دعوة، فهلم أدع لك بها، فدعا له فقال: تكون ذريتك عددا كثيرا كالتراب ولا يملكهم أحد غيرهم... ] «١».
اذْكُرُوا....
روى الشعبي عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والمحدث بنعمة الله شاكر وتاركها كافر، والجماعة رحمة والفرقة عذاب» [٨٤] «٢».
نِعْمَتِيَ أراد نعمي أعطها وهي واحد [بمعنى الجمع] وهو قوله تعالى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها «٣» والعدد لا يقع على الواحد.
الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ أي على أجدادكم، وذلك أن الله تعالى فلق لهم البحر وأنجاهم من فرعون وأهلك عدوّهم فأورثهم ديارهم وأموالهم، وظلل عَلَيْهِمُ الْغَمامَ في التيه من حر الشمس، وجعل لهم عمودا من نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر، وأنزل عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى، وفجّر لهم اثني عشرة عينا [وأنزل] «٤» عليهم التوراة فيها بيان كلّ شيء يحتاجون إليه في نعم من الله كثيرة لا تحصى.
أَوْفُوا بِعَهْدِي الذي عهدت إليكم أُوفِ بِعَهْدِكُمْ أدخلكم الجنّة وأنجز لكم ما وعدتكم.
فقرأ الزهري: أوفّ بالتّشديد على التأكيد يقال: ووفّى وأوفى كلّها بمعنى [واحد] وأصلها الإتمام.
قال الكلبي: عهد الى بني إسرائيل على لسان موسى: إنّي باعث من بني إسماعيل نبيّا أميّا فمن اتّبعه [وآمن] «٥» به عفوت عن ذنبه وأدخلته الجنة وجعلت له أجرين إثنين، وهو قوله: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ «٦» يعني أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم.

(١) في المخطوط بياض وأكملنا القصة من تاريخ الطبري: ١/ ٢٤٤- ٢٢٥.
(٢) مسند أحمد: ٤/ ٢٧٨ والشكر لله لابن أبي الدنيا: ٧.
(٣) سورة إبراهيم: ٣٤. [.....]
(٤) بياض في المخطوط وما أثبتناه هو الظاهر.
(٥) سقط في أصل المخطوط وما أثبتناه منا.
(٦) سورة آل عمران: ١٨٧.

صفحة رقم 186

قتادة: هو العهد الذي أخذ الله عليهم في قوله: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ «١» وقوله تعالى: قَرْضاً حَسَناً «٢» فهذا قوله: أَوْفُوا بِعَهْدِي ثم قال: لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ «٣» الآية. فهذا قوله أُوفِ بِعَهْدِكُمْ.
فقال: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ «٤» الآية.
الحسن: هو قوله: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ «٥» الآية.
إسماعيل بن زياد: ولا تفرّوا من الزحف أدخلكم الجنة، دليله قوله تعالى: وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ «٦».
وقيل: أَوْفُوا بشرط العبوديّة، أُوفِ بشرط الربوبيّة.
وقال أهل الإشارة: أَوْفُوا في دار محنتي على بساط خدمتي، [أُوفِ عهدكم] في دار نعمتي على بساط كرامتي بقربي ورؤيتي.
وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فخافوني في نقض العهد [وسقطت الياء بعد النون في] هذه الآيات وفي كلّ القرآن على الأصل، وحذفها الباقون على الخط اتّباعا للمصحف.
وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً موافقا لِما مَعَكُمْ يعني التوراة في التوحيد والنبوّة والأخبار، وبعض الشرائع نزلت في كعب وأصحابه من علماء اليهود ورؤسائهم.
وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ يعني أوّل من يكفر بالقرآن «٧» وقد بايعتنا اليهود على ذلك فتبوءوا بآثامكم وآثامهم.
وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي أي ببيان صفة محمد ونعته. ثَمَناً قَلِيلًا شيئا يسيرا، وذلك أنّ رؤساء اليهود كانت لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم وعوامّهم يأخذون منهم شيئا معلوما كلّ عام من زروعهم [فخافوا أن تبينوا] صفة محمد صلّى الله عليه وسلّم وبايعوه أن تفوتهم تلك المآكل والرّياسة، فاختاروا الدنيا على الآخرة.
وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ فاخشوني في أمر محمد لا فيما يفوتكم من الرياسة والمأكل.
وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ ولا تخلطوا، يقال: [لبست عليهم الأمر ألبسه لبسا إذا خلطته عليهم] «٨» أي خلطت وشبهت الحقّ الذي أنزل إليكم من صفة محمد صلّى الله عليه وسلّم.

(١) سورة المائدة: ٧٠.
(٢) سورة البقرة: ٢٤٥.
(٣) سورة المائدة: ١٢.
(٤) سورة البقرة: ٨٣.
(٥) سورة البقرة: ٦٣.
(٦) سورة الأحزاب: ١٥.
(٧) تفسير الطبري: ١/ ٣٦٠.
(٨) زيادة عن تفسير الطبري ١/ ٣٦٢.

صفحة رقم 187

بِالْباطِلِ، الذي تكتمونه، وهو تجدونه في كتبكم من نعته وصفته.
وقال مقاتل: إنّ اليهود أقرّوا ببعض صفه محمد صلّى الله عليه وسلّم وكتموا بعضا واختلفوا في ذلك، فقال الله عز وجل: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ الذي تقرّون به وتبيّنونه بِالْباطِلِ، يعني بما تكتمونه، فالحق بيانهم والباطل كتمانهم.
وقيل: معناه وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ [.... من الباطل] صفة أو حال.
وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ يعني ولا تكتموا الحق كقوله تعالى: لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ «١».
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ إنّه نبيّ مرسل.
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ يعني وحافظوا على الصلوات الخمس بمواقيتها [وأركانها] وركوعها وسجودها.
وَآتُوا الزَّكاةَ يعني وأدّوا زكاة أموالكم المفروضة، وأصل الزكاة: الطهارة والنّماء والزيادة.
وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ يعني وصلّوا مع المصلين محمّد وأصحابه، يخاطب اليهود فعبّر بالركوع عن الصلاة إذ كان ركنا من أركانها كما عبّر باليد عن العطاء كقوله: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ «٢» وقوله: فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ «٣» وبالعنق عن البدن في قوله: أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ «٤» والأنف عن [.............] «٥».
[أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ الطاعة والعمل الصالح، وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ تتركون وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ توبيخ عظيم أَفَلا تَعْقِلُونَ أي أفلا تمنعون أنفسكم من مواقعة هذه الحال المردية لكم] «٦».
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ.......
وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ [عليهما ولكنه كنّى عن الأغلب وهو الصلاة كقوله] : وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ وقوله: إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها فرد

(١) سورة الأنفال: ٢٧.
(٢) سورة آل عمران: ١٨١.
(٣) سورة الشورى: ٣٠. [.....]
(٤) سورة الإسراء: ١٣.
(٥) سقط في المخطوط.
(٦) بياض في المخطوط، وتفسير الآيات من تفسير القرطبي: ١/ ٣٦٥.

صفحة رقم 188

الكناية إلى الفضة لأنها الأغلب والأعم وإلى التجارة لأنها الأفضل والأهم... وَإِنَّها واحد منهما، أراد بأن كل خصلة منهما لَكَبِيرَةٌ وقيل: رد الكناية إلى كل واحد منهما قال تعالى:
وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً «١» ولم يقل: آيتين، أراد: جعلنا كل واحد منهما آية.

حسن من علم يزينه حلم ومن ناله قد فاز بالفرج
أي من نال كل واحد منهما.
وقال آخر:
لكل همّ من الهموم سعة والمسى والصبح لا فلاح معه «٢»
وقيل: ردّ الهاء الى الصلاة لأنّ الصبر داخل في الصلاة كقوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ «٣» ولم يقل يرضوهما لأنّ رضا الرسول داخل في رضا الله، فردّ الكناية إلى الله.
وقال الشاعر وهو حسّان:
إنّ شرخ الشباب والشعر الأسود ما لم يعاص كان جنونا «٤»
ولم يقل يعاصيا ردّه إلى الشباب، لأن الشعر الأسود داخل فيه. وقال الحسين بن الفضل:
ردّ الكناية إلى الاستعانة، معناه: وأن الاستعانة بالصبر والصلاة لكبيرة ثقيلة شديدة إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ يعني المؤمنين، وقال ابن عباس: يعني المصلّين. الوراق: العابدين المطيعين.
مقاتل بن حيان: المتواضعين، الحسن: الخائفين. قال الزجاج: الخاشع الذي يرى أثر الذل والخنوع عليه، وكخشوع الدار بعد الإقواء، هذا هو الأصل «٥».
وقال النابغة:
رماد ككحل العين ما أن تبينه ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع
الَّذِينَ يَظُنُّونَ يعلمون ويستيقنون، كقوله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ «٦» أي أيقنت به.
وقال دريد بن الصمة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرّد «٧»
(١) سورة المؤمنون: ٥٠.
(٢) شرح الرضي على الكافية: ٤/ ٤٩٤ وفيه: لا بقاء معه.
(٣) سورة التوبة: ٦٢.
(٤) الصحاح: ١/ ٤٢٤.
(٥) تفسير القرطبي: ١/ ٣٧٤.
(٦) سورة الحاقة: ٢١.
(٧) الصحاح: ٦/ ٢١٦٠.

صفحة رقم 189

يعني أيقنوا.
والظن من الأضداد يكون شكّا ويقينا كالرّجاء يكون أملا وخوفا.
أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ معاينو ربّهم في الآخرة وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ فيجزيهم بأعمالهم.
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ يعني عالمي زمانكم.
وَاتَّقُوا يَوْماً أي واحذروا يوما واخشوا يوم.
لا تَجْزِي أي لا تقضي ولا تكفي ولا تغني.
ومنه
الحديث عن أبي بردة بن ديّان في الأضحية: لا تجزي عن أحد بعدك.
وقرأ أبو السماك العدوي: لا تُجزئ مضمومة التّاء مهموزة الياء من أجزأ يجزي إذا كفي.
قال الشاعر:

وأجزأت أمر العالمين ولم يكن ليجزي إلّا كامل وابن كامل «١»
وقال الزجاج: وفي الآية إضمار معناه: لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً من الشدائد والمكاره.
وأنشد الشاعر:
ويوم شهدناه سليما وعامرا
أي شهدنا فيه.
وقيل: معناه: ولا تغني نفس مؤمنة ولا كافرة عن نفس كافرة.
وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ إذا كانت كافرة.
قرأ أهل مكّة والبصرة: بالتّاء لتأنيث الشفاعة. وقرأ الباقون: بالياء لتقديم الفعل.
وقرأ قتادة: (وَلا يَقْبَلُ مِنْها شَفاعَةً) بياء مفتوحة، ونصب الشفاعة أي لا يقبل الله.
وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ فداءً كانوا يأخذون في الدنيا، وسمّي الفداء عدلا لأنّه يعادل المفدّى ويماثله قال الله عزّ وجلّ: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً «٢».
وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ أي يمنعون من عذاب الله.
(١) تفسير القرطبي: ١/ ٣٧٨.
(٢) سورة المائدة: ٩٥.

صفحة رقم 190
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية