آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى نَاهِيًا لِلْيَهُودِ عَمَّا كَانُوا يَتَعَمَّدُونَهُ، مِنْ تَلْبِيسِ (١) الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَتَمْوِيهِهِ بِهِ (٢) وَكِتْمَانِهِمُ الْحَقَّ وَإِظْهَارِهِمُ الْبَاطِلَ: ﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (٣) فَنَهَاهُمْ عَنِ الشَّيْئَيْنِ مَعًا، وَأَمَرَهُمْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ وَالتَّصْرِيحِ بِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ لَا تَخْلِطُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَالصِّدْقَ بِالْكَذِبِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: ﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ يَقُولُ: وَلَا تَخْلِطُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَأَدُّوا النَّصِيحَةَ لِعِبَادِ اللَّهِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيُرْوَى (٤) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، نَحْوُهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ [قَالَ] (٥) وَلَا تَلْبِسُوا الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ بِالْإِسْلَامِ؛ إِنَّ دِينَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، وَالْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ بِدْعَةٌ لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ.
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ نَحْوُ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أَيْ: لَا تَكْتُمُوا مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِرَسُولِي وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَأَنْتُمْ تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَكُمْ فِيمَا تَعْلَمُونَ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ نَحْوُ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾ يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[قُلْتُ: ﴿وَتَكْتُمُوا﴾ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَجْزُومًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا، أَيْ: لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: لَا تَأْكُلِ السَّمَكَ وَتَشْرَبَ اللَّبَنَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ" أَيْ: فِي حَالِ كِتْمَانِكُمُ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ حَالٌ أَيْضًا، وَمَعْنَاهُ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ عَلَى النَّاسِ مِنْ إِضْلَالِهِمْ عَنِ الْهُدَى الْمُفْضِي بِهِمْ إِلَى النَّارِ إِلَى أَنْ سَلَكُوا مَا تُبْدُونَهُ لَهُمْ مِنَ الْبَاطِلِ الْمَشُوبِ بِنَوْعٍ مِنَ الْحَقِّ لِتُرَوِّجُوهُ عَلَيْهِمْ، وَالْبَيَانُ الْإِيضَاحُ وَعَكْسُهُ الْكِتْمَانُ وَخَلْطُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ] (٦).
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ قَالَ مُقَاتِلٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى لِأَهْلِ الْكِتَابِ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ أَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ أَمَرَهُمْ أَنْ يُؤْتُوا الزَّكَاةَ، أَيْ: يَدْفَعُونَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ أَمَرَهُمْ أَنْ يَرْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(١) في جـ، ط، ب: "تلبيسهم".
(٢) في جـ، ب: "تمويههم".
(٣) في جـ: "وتكتمون" وهو خطأ.
(٤) في جـ، ط، ب، أ، و: "وروي".
(٥) زيادة من جـ، ط، ب.
(٦) زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.

صفحة رقم 245
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية