آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ

(هُدًى): أَي: بيانًا ووضوحًا، فلو كان المراد هذا، فالتقيُّ وغير التقِيِّ سواء.
والثاني: هُدًى أي: رشدًا، وحجة، ودليلًا.
ثم اختلفوا في الدليل:
فقال الراوندي: الدليل إنما يكون دليلًا بالاستدلال؛ لأَنه فعل المستدل. مشتق من الاستدلال؛ كالضرب من الضارب وغيره.
وقال غير هَؤُلَاءِِ: الدليل بنفسه دليل، وإن لم يستدل به؛ لأَنه حجة، والحجة حجة وإن لم يحتج بها. غير أَن الدليل يكون دليلًا بالاستدلال، ومن لم يستدل به فلا يكون له دليلًا، وإن كان بنفسه دليلًا، بل يكون عليه عمى وحيرة كقوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا).
وقوله: (لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (٣)
قيل: فيه بوجهين:
يؤمنون باللَّه غيبًا، ولم يطلبوا منه ما طلبه الأُمم السالفة، من أنبيائهم؛ كقول بني إسرائيل لموسى: (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً).
والثاني: يؤمنون بغيب القرآن، وبما يخبرهم القرآن من الوعدِ والوعيدِ، والأمر والنهي، والبعث، والجنة، والنار. والإيمانُ إنما يكون بالغيب؛ لأَنه تصديق، والتصديقُ والتكذيب إنما يكونان عن الخبر، والخبرُ يكون عن غيب لا عن مشاهدة.
والآية تنقض قول من يقول: بأن جميع الطاعات إيمان؛ لأَنه أَثبت لهم اسم الإيمان دون إقامة الصلاة والزكاة بقوله: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).
وقوله: (وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ).
يحتمل وجهين:

صفحة رقم 373
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية