آيات من القرآن الكريم

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ

وقال الضحاك: " هذه الأمانة التي فسخ فيها إنما في السفر، دون الحضر ".
قوله: ﴿وَلاَ تَكْتُمُواْ الشهادة﴾. هو نهي للشهداء وتحذير لهم.
﴿فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾. أي فاجر قلبه.
﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾.
أي يعلم ما تصنعون في شهاداتكم من أحالتها، والإتيان بها على وجهها فيحصي ذلك عليكم/ ويجازيكم به.
قوله: ﴿للَّهِ ما فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾.
قال ابن عباس: " قوله: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله﴾، منسوخة بقوله: ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾.
ومعنى قول: " إنها منسوخة "، أي نزلت على نسختها لأنها خبر، والأخبار لا تنسخ.

صفحة رقم 929

وقيل قي: إن الآية محكمة، وإن المؤمن والكافر يحاسبان بما أبديا وأخفيا، فيغفر للمؤمن، ويعاقب الكافر.
وقيل: إن الآية مخصوصة في كتمان الشهادة خاصة وإظهارها.
روي ذلك عن ابن عباس.
وروي عن عائشة أنها قالت: / " ما هَمَّ به العبد من خطيئة عوقب على ذلك بما يلحقه من الهم والحزن في الدنيا ".
قال ابن عباس " إذا جمع الله الخلائق يقول: أنا أخبركم بما أكننتم في أنفسكم. فأما المؤمنون فيغفر لهم، وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من شكهم وتكذيبهم، فذلك قوله: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾.
قال ابن عباس: " لما نزلت هذه/ الآية وقع في قلوبهم شيء، فقال لهم النبي عليه السلام: " قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا "، فَأَلْقَى اللهُ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَنْزَلَ:

صفحة رقم 930

﴿ءَامَنَ الرسول بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ والمؤمنون﴾ إلى ﴿أَوْ أَخْطَأْنَا﴾. قال " قَدْ فَعَلْتُ " ﴿رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً﴾، قال: " قَدْ فَعَلْتُ "، ﴿واعف عَنَّا﴾ إلى آخر السورة. قال: قَدْ فَعَلْتُ ".
وقال السدي: " وقعت عليهم شدة عند نزول: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ حتى نسخها ما بعدها ".
أي أزالت الشدة، من قولهم: " نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ " أي أزالته.
﴿والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
أي يقدر على العفو لما أخفته نفس المؤمن، وعلى العقاب فيما أخفته نفس الكافر من الكفر والشك في الدين.
وقال حذيفة: " سمعت النبي عليه السلام يقول: " أُعْطِيتُ آيَاتٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي، وَلاَ يُعْطَاهَا أَحَدٌ مِنْ بَعْدِي، ثم قرأ: {للَّهِ ما فِي السماوات

صفحة رقم 931

وَمَا فِي الأرض وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ} حتى ختم السورة ".
وروى أبو هريرة أنه: " لما نزلت على النبي عليه السلام هذه الآية: ﴿للَّهِ ما فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾، وسمعوا فيها: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله﴾ أتوا النبي ﷺ فجثوا على الركب فقالوا: " لا نطيق، كلفنا من العمل ما لا نطيق ولا نستطيع، فأنزل الله: ﴿ءَامَنَ الرسول﴾ إلى آخرها.
وقال محمد بن كعب القرظي: " ما بعث الله نبياً إلا أمره أن يعرض على قومه، ﴿للَّهِ ما فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ إلى قوله: ﴿وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ إلا قالوا: لا نطيق أن نؤاخذ بما نوسوس في قلوبنا، فلما بعث الله محمداً ﷺ أنزلها عليه فآمن بها، وعرضها على قومه، فآمنوا بها، وقالوا: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾، قال: فخفف الله عنهم، فأنزل: ﴿ءَامَنَ الرسول﴾.
وحكى عنهم " أنهم قالوا: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ وأنزل الله: ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾، فنسخ المؤاخذة بالوسوسة. وقاله ابن مسعود. وقالت عائشة: هو الرجل يهم بالمعصية، ولا يعملها، فيرسل عليه من الهم

صفحة رقم 932

والحزن بقدر ما همَّ به من/ المعصية، فذلك محاسبته ".
وروي أنها لما نزلت قال النبي [عليه السلام]: " وَيَحِقُّ لَهُ أَنْ يُؤْمِنَ " يعني نفسه.
" وروي أنهم شكوا إلى النبي ﷺ شدة ما يلقون من قوله: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله﴾، / فقال لهم النبي [عليه السلام]: " لَعَلَّكُمْ تَقُولُونَ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا " كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرائِيلَ. بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا " فأنزل الله ذلك من قول النبي ﷺ ".
وقرأ ابن عباس وابن مسعود: " لاَ يُفَرِّقُ " بالياء، رد على (كُلٌّ) أي " كُلٌّ لاَ يُفَرِّقُ ".
وقوله: ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ أي سترك علينا.
وروي أن النبي ﷺ لما أنزل عليه: ﴿ءَامَنَ الرسول﴾ / إلى ﴿وَإِلَيْكَ المصير﴾. قال له

صفحة رقم 933

جبريل: " إن الله قد أَجَلَّ الثناء عليك/ وعلى أمتك، فَسَلْ تُعْطَهُ ". فسأل إلى آخر السورة: " رَبَّنا رَبَّنا ".
قوله: ﴿إِلاَّ وُسْعَهَا﴾: أي طاقتها فيما تعبدنا به.
فهذا توسيع ورخصة من الله وهو/ مثل قوله: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، ومثل: ﴿يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر﴾ [البقرة: ١٨٥]، ومثل: ﴿فاتقوا الله مَا استطعتم﴾ [التغابن: ١٦].
قوله: ﴿إِن نَّسِينَآ﴾. أي: نسينا فرضاً فرضته علينا، فلم نفعله.
﴿أَوْ أَخْطَأْنَا﴾.
أي: في فعل شيء نهيتنا عنه، ففعلناه على غير قصد إلى معصيتك.
قال النبي ﷺ: " تَجَاوَزَ اللهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَنْ نِسْيَانِهَا وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ".
وكان النحاس يقول: النيسان هنا الترك لأن الله تعالى لا يوصف بأن يعاقب

صفحة رقم 934

على النيسان فيسأل في العفو عنه، لأنه ليس من تعمد العبد. إنما هي آفة تدخل عليه. وهو قول قطرب.
قوله: ﴿إِصْراً﴾.
أي: عهداً. قاله ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم.
وقال غيره: " لا تحمل علينا ذنوبنا، فتعاقبنا بمسخ أو عذاب كما كان من قبلنا ".
وقال الضحاك: في قوله: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله﴾، قال: " إذا دعي الناس ليوم الحساب أخبرهم الله بما كانوا يسرون في أنفسهم، فيقول: " إِنَّهُ لَمْ يَغِبْ عَنِّي شَيْءٌ وَإِنَّ كُتَّابِي مِنَ المَلاَئِكَةِ لَمْ يَكُونُوا يَطَّلِعُونَ عَلَى مَا تُسِرُّونَ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَإِنِّي لاَ أُحَاسِبُكُمْ بِهِ الْيَوْمَ ".
قال الضحاك: هذا قول ابن عباس.
وعن ابن عباس أن الله جل ذكره نسخ هذه الآية بقوله: ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾، قال: لما نزلت: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ﴾ الآية، وجدوا في أنفسهم منها وجداً

صفحة رقم 935

شديداً فنسخ الله ذلك وأجارهم. منها، ثم علمهم أن يقولوا إذا عملوا سيئة: ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ إلى قوله: ﴿مِن قَبْلِنَا﴾.
قال: " وكان الذين من قبلهم، إذا عملوا سيئة حرم الله عليهم طيبات أحلت لهم، وذلك قوله: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الذين هَادُواْ/ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٦٠].
وقال للمؤمنين: قولوا: ﴿رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ إلى قوله: ﴿الكافرين﴾.
قال: " فهذا شيء أعطاه الله أمة محمد ﷺ لم يُعْطِهِ أحداً ممن كان قبلهم من الأمم ألا يؤاخذوا بنسيان ولا خطأ غيرَهم ". وقال الحسن: " قال النبي ﷺ: " تَجَاوَزَ اللهُ لاِبْنِ آدَمَ عَمَّا نَسِيَ وَعَمَّا أَخْطَأَ وَعَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَعَمَّا غُلِبَ عَلَيْهِ ".

صفحة رقم 936

وروى عبد الله بن أبي أوفى أن النبي عليه السلام قال: " إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ ".
وروي أن ابن عمر قرأ هذه الآية وبكى بكاءً شديداً، ثم ق ل: " والله لئن آخَذنا اللهُ بهذا لنهلكن "، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: " يرحم الله أبا عبد الرحمن؛ لقد وجد المسلمون منها مثل ما وجد حتى أنزل الله بعدها: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾.
قال ابن جبير: " لما نزل: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ﴾، شق ذلك على الناس حتى نزلت بعدها: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت﴾ ".
قال مجاهد: " معنى: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾: يعني من الشك واليقين ".

صفحة رقم 937

قال ابن جبير: " نسخت ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ قوله: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ﴾ أو تخفوه الآية ". وقاله إبراهيم/ والشعبي.
قال الضحاك: " لما نزلت ﴿ءَامَنَ الرسول بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ﴾، إلى آخر/ السورة، قال الله جل ذكره: " قَدْ فَعَلْتُ ".
وروي عن الحسن والضحاك - أو عن أحدهما - أنه قال في قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾: " معناه: سمعنا القرآن أنه جاء من عند الله وأطعنا ". يقول: " أقروا على أنفسهم بالطاعة لله فيما أمرهم به ونهاهم عنه ".
وروى حذيفة أن النبي عليه السلام قال: " أُوتِيتُ هَؤُلاَءِ الآيَاتِ مِنْ [آخِرِ سُورَةِ] البَقَرَةِ مِنْ بَيْتٍ كَنْزٍ تَحْتَ العَرْشِ، لَمْ يُعْطَ أحَدٌ مِنْهُ قَبْلِي، وَلاَ يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُ بِعْدِي ".

صفحة رقم 938

وروى النعمان بن بشير أن النبي عليه السلام قال: " إِنَّ الله تَعَالَى كَتَبَ كِتَاباً قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ البَقَرَةِ وَلاَ تُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاَثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبَهَا شَيْطَانٌ ".
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنهـ: " إن خواتم سورة البقرة وفواتحها من كنز تحت العرش ".
وروي أنها لما نزلت قال النبي ﷺ: " وَيَحِقُّ لَهُ أَنْ يُؤْمِنَ " يعني نفسه.
وذكر ابن الأنباري في هذه الآية ثلاثة أقوال: قال: إن الله تعالى يعاقب الذي يحدث/ نفسه بالمعصية، ولا يعلمها، بِهَمٍّ أو حزن وبشبهه، ثم لا يحاسبه على

صفحة رقم 939

ذلك يوم القيامة وهو معنى قول عائشة رضي الله عنها.
والقول الثاني: إن الله يُقبل على العبد يوم القيامة فيخبره بما حدث به نفسه من خير وشر، ثم لا يجزيه بما لم يظهر منه من عمل، وهو معنى قول الضحاك.
والقول الثالث: إنه منسوخ بقوله: ﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾. فالوسوسة وحديث النفس لا يملك الإنسان صرفه، ولا قدرة له على دفعه.
قوله: ﴿لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا﴾.
روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: قال النبي ﷺ: / " أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، اللهُ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ لَكَ: إِنِّي قَدْ تَجَاوَزْتُ لَكَ عَنْ أُمَّتِكَ الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ".
وقال ابن زيد: " ﴿وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً﴾، اي ذنباً لا توبة منه ولا كفارة فيه ".
وقال ابن وهب عن مالك: " الإصر: الأمر الغليظ ".
وقال أهل اللغة: " الإصر: الثقل ".

صفحة رقم 940

وقيل: معناه: لا تحمل علينا فرضاً يصعب علينا أداؤه، كما حملت على بني إسرائيل بعضهم يقتل بعضاً، وشبهه.
قوله: ﴿وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾: أي لا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق.
وقال قتادة: معناه: لا تشدد علينا كما شددت على] من كان قبلنا.
ومعنى: ﴿مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ أي: ما لا نستطيعه إلا بمشقة شديدة وكلفه عظيمة. فإنما سألوا دفع ما في طاقاتهم لو كلفوه، ولكن له مشقة كلفة. ولم يسألوا دفع ما لا يطيقونه لو كلفوه، لأن ذلك لا يوصف به الله تعالى فيجوز أن يسألوا في دفعه عنهم.
قوله: ﴿واعف عَنَّا﴾: أي امح ذنوبنا. والعافي الدارس.
﴿واغفر لَنَا﴾: أي حط عنا ذنوبنا.
﴿أَنتَ مولانا﴾: أي ولينا.
وروت أم سلمة أن النبي عليه السلام قال: " إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لَكُمْ عَنْ ثَلاَثٍ: عَنِ الْخَطَأ

صفحة رقم 941

والنِّسْيَانِ وَالاسْتِكْرَاهِ ".
وعن أبي هريرة أن النبي عليه السلام قال: " إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ ".

صفحة رقم 942

الهداية إلى بلوغ النهاية
لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة ٣٤٧ هـ
المجلد الثاني
آل عمران - النساء
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

صفحة رقم 943
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية