آيات من القرآن الكريم

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ

وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٢٨٦) }
شرح الكلمات:
﴿آمَنَ﴾ : صدق جازماً بصحة الخبر ولم يتردد أو يشك فيه قط.
﴿الرَّسُولُ﴾ : نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿كُلٌّ﴾ : كل من الرسول والمؤمنين.
﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ١﴾ : نؤمن بهم جميعاً ولا نكون؛ كاليهود والنصارى نؤمن ببعض ونكفر ببعض.
﴿سَمِعْنَا﴾ : سماع فهم واستجابة طاعة.
﴿الْمَصِيرُ﴾ : المرجع: أي رجوعنا إليك يا ربنا فاغفر لنا.
﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً٢﴾ : التكليف: الإلزام مما فيه كلفة ومشقة تحتمل.
﴿إِلا وُسْعَهَا٣﴾ : إلا ما تتسع لها طاقتها ويكون في قدرتها.
﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ : من الخير.
﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ : من الشر.

١ قرئ: ﴿ورسله﴾ بإسكان السين تخفيفاً، وهو شائع في تخفيف المتحرك للسكون نحو: عنق.
٢ روى القرطبي عن أبي هريرة أنه قال: ما وددت أن أحداً ولدتني أمه إلا جعفر أبي طالب، فإني تبعته يوماً وأنا جائع فلما بلغ منزله فلم يجد فيه سوى نحي سمن قد بقي فيه أثاره فشق بين أيدينا فجعلنا نلعق ما فيه من السمن ونربه، وهو يقول: ما كلف الله نفساً فوق طاقتها: ولا تجود يد إلا بما تجد. الرب بضم الراء: ما يطبخ من التمر.
٣ وسواس الصدر مما لا طاقة للعبد بدفعه بحال وقد سأل عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال، ما رواه مسلم عن علقمة بن عبد الله قال: سأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوسوسة، قال: "تلك صريح الإيمان".

صفحة رقم 279

﴿لا تُؤَاخِذْنَا﴾ : لا تعاقبنا.
﴿إِنْ نَسِينَا﴾ : فتركنا ما أمرتنا به أو فعلنا ما نهيتنا عنه نسياناً منا غير عمد.
﴿أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ : فعلنا غير ما أمرتنا خطأ منا بدون إرادة فعل منا له ولا عزيمة.
﴿إِصْراً﴾ ١: تكليفاً شاقاً يثقل علينا وياسرنا فيحبسنا عن العمل.
﴿مَوْلانَا﴾ : مالكنا وسيدنا ومتولي أمرنا لا مولى لنا سواك.
معنى الآيتين:
ورد أنه لما نزلت الآية (٢٨٤) ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ... ﴾ وفيها ﴿... وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ... ﴾ اضطربت لها نفوس المؤمنين، وقالوا من ينجو منا إذا كنا نؤاخذ بما يخفى في أنفسنا من الهم والوسواس وحديث النفس فأمرهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرضا بحكم الله تعالى والتسليم به فقال لهم: "قولوا سمعنا وأطعنا ولا تكونوا كاليهود: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا... ﴾ فلما قالوها صادقين أنزل الله تعالى هاتين الآيتين: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ... ﴾ فأخبر عن إيمانهم مقروناً بإيمان نبيهم تكريماً لهم وتطميناً فقال: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ٢ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ... ﴾ وأخبر عنهم بقولهم الذي كان سبب استجابة الله تعالى لهم فقال عنهم: ﴿... وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ وأخبرهم تعالى أنه لرحمته بهم وحكمته في تصرفه في خلقه لا يكلف نفساً إلا ما تتسع له طاقتها وتقدر على فعله، وإن لها ما كسبت من الخير فتجزى به خيراً وعليها ما اكتسبت من الشر فتجزى به شراً إلا أن يعفو عنها ويعفر لها فقال: ﴿لا يُكَلِّفُ٣ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ... ﴾ وعلمهم كيف يدعونه ليقول لهم قد فعلت، كما صح به الخبر فقال قولوا: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ٤﴾ وفعلاً

١ الإصر: الأمر الغليظ الصعب أو هو الذنب الذي ليس فيه توبة ولا كفارة ويطلق الإصر على العهد ومنه: ﴿وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ أي: عهدي وميثاقي، لأن الإصر يطلق على الحبل الذي تربط الأحمال ونحوها.
٢ روى مسلم عن ابن عباس لما نزلت: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ... ﴾ الآية، قال: دخل قلوبهم منها شيء فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا". قال: فألقى الله في قلوبهم الإيمان فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل قوله: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا﴾ الآية.
٣ ورد في فضل خاتمة البقرة أحاديث كثيرة منها: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أوتيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يؤتهن نبي قبلي".

صفحة رقم 280

سورة آل عمران١
مدنية
وآياتها مائتا آية بلا خلاف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{الم (١) اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
١ صدر هذه السورة إلى ثلاث وثمانين آية نزلت في وفد نجران سنة تسع من الهجرة.

صفحة رقم 281
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية