آيات من القرآن الكريم

لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ

كائن مِنَ عند اللَّهِ وَرَسُولِهِ وحرب الله حرب ناره اى بعذاب من عنده وحرب رسوله نار حربه اى القتال والفتنة فلما نزلت قالت ثقيف لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله وَإِنْ تُبْتُمْ من الارتباء مع الايمان بحرمته بعد ما سمعتموه من الوعيد فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ تأخذونها كملا لا تَظْلِمُونَ غرماءكم بأخذ الزيادة وَلا تُظْلَمُونَ أنتم من قبلهم بالمطل وانتقص عن رأس المال هذا هو الحكم إذا تاب ومن لم يتب من المؤمنين وأصر على عمل الربا فان لم يكن ذا شوكة عزر وحبس الى ان يتوب وا كان ذا شوكة حاربه الامام كما يحارب الباغية كما حارب ابو بكر رضى عنه مانع الزكاة وكذا القول لو اجتمعوا على ترك الاذان او ترك دفن الموتى وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ اى وان وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة وهي بالاعدام او كساد المتاع وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ اى وان وقع وهي من الانظار والامهال إِلى مَيْسَرَةٍ اى الى يسار وَأَنْ تَصَدَّقُوا اى وتصدقكم بإسقاط الدين كله عمن أعسر من الغرماء او بالتأخير والانظار خَيْرٌ لَكُمْ اى اكثر ثوابا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ جوابه محذوف اى ان كنتم تعلمون انه خير لكم عملتموه قال رسول الله ﷺ (لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره الا كان له بكل يوم صدقة) وقال ﷺ (من انظر معسرا أو وضع له أنجاه الله من كرب يوم القيامة) وفي القرص والادانة فضائل كثيرة- روى- ان امامة الباهلي رضي الله عنه رأى في المنام على باب الجنة مكتوبا القرض بثمانية عشر أمثاله والصدقة بعشر أمثالها فقال ولم هذا فاجيب بان الصدقة ربما وقعت في يدغنى وان صاحب القرض لا يأتيك الا وهو محتاج قال رسول الله ﷺ (ثلاث من جاء بهن يوم القيامة مع ايمان دخل من أي أبواب الجنة شاء وزوج من حور العين كم شاء من عفا عن قاتل وقرأ دبر كل صلاة مكتوبة قل هو الله أحد عشر مرات ومن ادان دينا لمن يطلب منه) فقال ابو بكر الصديق او إحداهن يا رسول الله قال (او إحداهن) واعلم ان الاستدانة في احوال ثلاث فى ضعف قوته في سبيل الله وفي تكفين فقير مات عن قلة وفقر وفي نكاح يطلب به العفة عن فتنة العذوبة فيستدين متوكلا على الله فالله تعالى يفتح أبواب اسباب القضاء قال ﷺ (من ادان دينا وهو ينوى قضاءه وكل به ملائكة يحفظونه ويدعون له حتى يقضيه) وكان جماعة السلف يستقرضون من غير حاجة لهذا الخبر ومهما قدر على قضاء الدين فليبادر اليه ولو قبل وقته وعن النبي ﷺ عن جبريل عليه السلام (الشهادة تكفر كل شىء الا الدين يا محمد) ثلاثا فعلى العاقل ان يقضى ما عليه من الديون ويخاف من وبال سوء نيته يوم يبعثون وهذا حال من ادى الفرض فانه يهون عليه ان يؤدى القرض. واما المرتكب وتارك الفرائض فلا يبالى بالفرائض فكيف بالديون والاقراض ولذا قيل

وامش مده آنكه بي نمازست ور خود دهنش ز فاقه بازست
كو فرض خدا نمى گذارد از قرض تو نيز غم ندارد
واحوال هذا الزمان مختلة كاخوانه فطوبى لمن تمسك بالقناعة في زمانه. ومن شرط المؤمن الحقيقي اتقاؤه بالله في ترك زيادات لا يحتاج إليها في امر الدين بل تكون شاغلة له عن الترقي

صفحة رقم 438

الجنة وشهادة الزور وكتمان الشهادة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ فيجازيكم به ان خيرا فخير وان شرا فشر وكتمان الشهادة وشهادة الزور من الأعمال التي تجر صاحبها الى النار فانهما من علامات سنخ القلب قال تعالى فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ والمراد سنخ القلب ونعوذ بالله من ذلك وهما أسهل وقوعا بين الناس والحوامل عليهما كثيرة كالعداوة وغيرها واعلم ان اهل الدين طائفتان الواقفون والسائرون. فالواقف من لزم عتبة الصورة ولم يفتح له باب الى عالم المعنى فهو كالفرخ المحبوس في قشر البيضة فيكون مشربه من عالم المعاملات البدنية فلا سبيل له الى عالم القلب ومعاملاته فهو محبوس في سجن الجسد وعليه موكلان من الكرام الكاتبين يكتبان عليه اعماله الظاهرة بالنقير والقطمير والسائر من لم يقم ولم ينزل في منزل فهو مسافر من عالم الصورة الى عالم المعنى ومن مضيق الأجساد الى متسع الأرواح وهم صنفان صنف سيار وصنف طيار. فالسيار من يسير بقدم الشرع والعقل على جادة الطريقة. والطيار من يطير بجناحي العشق والهمة في فضاء الحقيقة وفي رجله جلجلة الشريعة فالاشارة في قوله وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً الى السيار الذي تخلص من سجن الجسد وقيد الحواس وزحمة التوكيل فلم يجد له كاتبا يكتب عليه كما قال بعضهم ما كتب على صاحب الشمال منذ عشرين سنة وقال بعضهم كاشف لى صاحب اليمين وقال لى أمل على شيأ من معاملات قلبك لاكتبه فانى أريد ان أتقرب به الى الله قال فقلت له حسبك الفرائض فالحبس والقيد والتوكيل لمن لم يؤد حق صاحب الحق او يكون هاربا منه فيحبس ويقيد ويوكل عليه فاما الذي آناء الليل وأطراف النهار يغدو ويروح فى طلب غريمه وما برح في جريمه فلا يحتاج الى التوكيل والتقييد فقوله وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ اشارة الى السيار الذي له قلب فيرهنه عند الله تعالى فالرهان هي القلوب التي ليس فيها غير الله المقبوضة بين إصبعين من أصابع الرحمن فاما الطيار الذي هو عاشق مفقود القلب مسلوب العقل مجذوب السير فلا يطالب بالرهن فانه مبطوش ببطشه الشديد مستهام ضاق مذهبه فى هوى من عز مطلبه كل امر في الهوى عجب وخلاصى منه أعجبه فلم يوجد في السموات والأرض ولا في الدنيا والآخرة أمين يؤتمن لحمل أعباء أمانته الا العاشق المسكين لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الأمور الداخلة في حقيقتهما والخارجة عنهما المتمكنة فيهما من اولى العلم وغيره اى كلها له تعالى خلقا وملكا وتصرفا لا شركة لغيره فى شىء منها بوجه من الوجوه فلا تعبدوا أحدا سواه ولا تعصوه فيما يأمركم وينهاكم وَإِنْ تُبْدُوا اى تظهروا ما فِي أَنْفُسِكُمْ اى في قلوبكم من السوء والعزم عليه وذلك بالقول او بالفعل أَوْ تُخْفُوهُ اى تكتموه عن الناس ولا تظهروه بأحد الوجهين ككتمان الشهادة وموالاة المشركين وغيرهما من المناهي ولا يندرج فيه ما لا يخلو عنه البشر من الوساوس وأحاديث النفس التي لا عقد ولا عزيمة فيها إذ التكليف بحسب الوسع ودفع ذلك مما ليس في وسعه يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ اى يجازيكم به يوم القيامة وهو حجة على منكرى الحساب من المعتزلة والروافض فَيَغْفِرُ اى فهو يغفر بفضله لِمَنْ يَشاءُ ان يغفر له وان كان ذنبه كبيرا وَيُعَذِّبُ

صفحة رقم 444

بعد له مَنْ يَشاءُ ان يعذبه وان كان ذنبه حقيرا حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح ويعذب الكفار لا محالة لانه لا يغفر الشرك وتقديم المغفرة على التعذيب لتقدم رحمته على غضبه وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فكمال قدرته تعالى على جميع الأشياء موجب لقدرته سبحانه على ما ذكر من المحاسبة وما فرع عليه من المغفرة والتعذيب قال في التيسير دل ظاهر قوله او تخفوه على المؤاخذة بما يكون من القلب وجملته ان عزم الكفر كفر وحضرة الذنوب من غير عزم مغفورة وعزم الذنوب إذا ندم عليه ورجع عنه واستغفر منه مغفور فاما الهم بالسيئة ثم يمتنع عنه بمانع لا باختياره وهو ثابت على ذلك فانه لا يعاقب على ذلك عقوبة فعله يعنى بالعزم على الزنى لا يعاقب عقوبة الزنى وهل يعاقب على الخاطر عقوبة عزم الزنى قيل هو معفو عنه لقوله ﷺ (ان
الله عفا لامتى عما حدثت به أنفسها ما لم يعمل او يتكلم) وأكثرهم على ان الحديث في الحضرة دون العزمة وان المؤاخذة في العزمة ثابتة وكذا قال الامام ابو منصور رحمه الله انتهى ما في التيسير. وربما يكون للانسان شركة في الإثم مثل القتل والزنى وغيرهما إذا رضى به من عامله واشتد حرصه على فعله وفي الحديث (من حضر معصية فكرهها فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن حضرها) وفي حديث آخر (من أحب قوما على أعمالهم حشر في زمرتهم) اى جماعتهم (وحوسب يوم القيامة بحسابهم وان لم يعمل بأعمالهم) فعلى العاقل ان يرفع عن قلبه الخواطر الفاسدة ولا يجالس الجماعة الفاسقة كيلا يحشر فى زمرتهم

گر نشيند فرشته با ديو وحشت آموزد وخيانت وريو
از بدان نيكويى نياموزى نه كند كرك پوستين دوزى
والاشارة في الآية ان الله يطالب العباد بالاستدامة المراقبة واستصحاب المحاسبة لئلا يغفلوا عن حفظ حركات الظاهر وضبط خطرات الباطن فيقعوا في آفة ترك ادب من آداب العبودية فيهلكوا بسطوات الالوهية واعلم ان الإنسان مركب من عالمى الأمر والخلق فله روح نورانى من عالم الأمر وهو الملكوت الأعلى وله نفس ظلمانية سفلية من عالم الخلق ولكل واحدة منهما ميل الى عالمها فقصد الروح الى جوار رب العالمين وقربه وقصد النفس الى أسفل السافلين وغاية البعد عن الحق فبعث النبي ﷺ ليزكى النفوس عن ظلمة أوصافها لتستحق بها جوار رب العالمين فتزكيتها في إخفاء ظلمة أوصافها بابداء أنوار اخلاق الروح عليها فى تحليتها بها فهذا مقام الأولياء مع الله يخرجهم من الظلمات الى النور وبعث الشيطان الى أوليائه وهم اعداء الله ليخرج أرواحهم من النور الروحاني الى الظلمات النفسانية بإخفاء أنوار أخلاقها في إبداء ظلمات اخلاق النفس عليها لتستحق بها دركة أسفل السافلين. فمعنى الآية فى التحقيق (ان تبدوا ما في أنفسكم) مودع من ظلمات الأوصاف النفسانية في الظاهر بمخالفات الشريعة وفي الباطن بموافقات الطبيعة أَوْ تُخْفُوهُ بتصرفات الطريقة في موافقات الشريعة ومخالفات الطبيعة يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ بطهارة النفس لقبول أنوار الروح وأخلاقه او بتلوث الروح لقبول ظلمات النفس وأخلاقها فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ فينور نفسه بانوار الروح وروحه بانوار الحق وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ

صفحة رقم 445
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية