
قَوْله تَعَالَى: ﴿لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض﴾ ملكا وملكا. ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ هَذَا مَنْسُوخ؛ فَإِنَّهُ روى: لما نزلت هَذِه الْآيَة شقّ ذَلِك على الْمُسلمين وَقَالُوا: يحاسبنا الله بِمَا نُحدث بِهِ أَنْفُسنَا؟ ! وبقوا فِي ذَلِك حولا كَامِلا؛ فَنزل قَوْله تَعَالَى: " لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) فَصَارَ هَذَا مَنْسُوخا بِهِ.
هَذَا قَول أبي هُرَيْرَة، وَابْن مَسْعُود، (وَابْن عمر)، وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبن عَبَّاس.
وَقد قَالَ النَّبِي: " إِن الله تَعَالَى عفى عَن أمتِي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا؛ مَا لم تعْمل أَو تكلم بِهِ " أَي: تَتَكَلَّم بِهِ ".
وَقَالَ أهل الْأُصُول: هَذَا لَيْسَ بمنسوخ؛ لِأَن قَوْله: ﴿يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ خبر، والنسخ لَا يرد على الْأَخْبَار، وَإِنَّمَا يرد على الْأَوَامِر والنواهي.
وَقد روى الْوَالِبِي، عَن ابْن عَبَّاس - فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة - أَن معنى قَوْله: ﴿يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ أَي: يعلمكم بِهِ، أَي: لَا يخفي عَلَيْهِ شَيْء من ذَلِك.

﴿شَيْء قدير (٢٨٤) أَمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه والمؤمنون كل آمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله لَا نفرق بَين أحد من رسله وَقَالُوا سمعنَا وأطعنا غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير (٢٨٥) لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصرا كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا﴾
﴿فَيغْفر لمن يَشَاء﴾ أَي: يغْفر للْمُؤْمِنين ﴿ويعذب من يَشَاء﴾ يَعْنِي: الْكَافرين ﴿وَالله على كل شَيْء قدير﴾.