آيات من القرآن الكريم

لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ قَالَ: نزلت فِي الشَّهَادَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي كتمان الشَّهَادَة وإقامتها

صفحة رقم 126

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير﴾ اشْتَدَّ ذَلِك على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جثوا على الركب فَقَالُوا: يَا رَسُول الله كلفنا من الْأَعْمَال مَا نطيق الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْجهَاد وَالصَّدَََقَة وَقد أنزل عَلَيْك هَذِه الْآيَة وَلَا نطيقها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتريدون أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ من قبلكُمْ سمعنَا وعصينا بل قُولُوا (سمعنَا وأطعنا غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٥) فَلَمَّا اقترأها الْقَوْم وذلت بهَا ألسنتهم أنزل الله فِي أَثَرهَا (آمن الرَّسُول
) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٥) الْآيَة
فَلَمَّا فعلوا ذَلِك نسخهَا الله فَأنْزل الله (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٦) إِلَى آخرهَا
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ دخل فِي قُلُوبهم مِنْهُ شَيْء لم يدْخل من شَيْء فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوجد خطأ) فَقَالَ: قُولُوا سمعنَا وأطعنا وَسلمنَا
فَألْقى الله الإِيمان فِي قُلُوبهم فَأنْزل الله (آمن الرَّسُول
) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٥) الْآيَة (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٦) قَالَ: قد فعلت (رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصراً كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا) قَالَ: قد فعلت (رَبنَا وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ) قَالَ: قد فعلت (واعف عَنَّا واغفر لنا وارحمنا
) الْآيَة قَالَ: قد فعلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: دخلت على ابْن عَبَّاس فَقلت: كنت عِنْد ابْن عمر فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة فَبكى
قَالَ: أَيَّة آيَة قلت ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: إِن هَذِه الْآيَة حِين أنزلت غمت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غماً شَدِيدا وغاظتهم غيظاً شَدِيدا وَقَالُوا: يَا رَسُول

صفحة رقم 127

الله هلكنا إِن كُنَّا نؤاخذ بِمَا تكلمنا وَبِمَا نعمل فَأَما قُلُوبنَا فَلَيْسَتْ بِأَيْدِينَا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُولُوا سمعنَا وأطعنا
قَالَ: فنسختها هَذِه الْآيَة (آمن الرَّسُول) (الْبَقَرَة الْآيَة ٣٨٥) إِلَى (وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت) فتجوّز لَهُم عَن حَدِيث النَّفس وَأخذُوا بِالْأَعْمَالِ
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن مرْجَانَة
أَنه بَيْنَمَا هُوَ جَالس مَعَ عبد الله بن عمر تَلا هَذِه الْآيَة ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ الْآيَة
فَقَالَ: وَالله لَئِن آخذنا الله بِهَذَا لَنهْلكَنَّ ثمَّ بَكَى حَتَّى سمع نَشِيجه قَالَ ابْن مرْجَانَة: فَقُمْت حَتَّى أتيت ابْن عَبَّاس فَذكرت لَهُ مَا قَالَ ابْن عمر وَمَا فعل حِين تَلَاهَا
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن لعمري لقد وجد الْمُسلمُونَ مِنْهَا حِين أنزلت مثل مَا وجد عبد الله بن عمر فَأنْزل الله بعْدهَا (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٦) إِلَى آخر السُّورَة قَالَ ابْن عَبَّاس: فَكَانَت هَذِه الوسوسة مِمَّا لَا طَاقَة للْمُسلمين بهَا وَصَارَ الْأَمر إِلَى أَن قضى الله أَن للنَّفس مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت من القَوْل وَالْعَمَل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَالم أَن أَبَاهُ قَرَأَ ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ فَدَمَعَتْ عَيناهُ فَبلغ صَنِيعه ابْن عَبَّاس فَقَالَ: يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن لقد صنع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزلت فنسختها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن نَافِع قَالَ: لقلما أَتَى ابْن عمر على هَذِه الْآيَة إِلَّا بَكَى ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَيَقُول: إِن هَذَا لاحصاء شَدِيد
وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مَرْوَان الْأَصْغَر عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحْسبهُ ابْن عمر ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ قَالَ: نسختها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَليّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ ) الْآيَة
أحزنتنا قُلْنَا: أيحدث أَحَدنَا

صفحة رقم 128

نَفسه فيحاسب بِهِ لَا نَدْرِي مَا يغْفر مِنْهُ وَلَا مَا لَا يغْفر مِنْهُ فَنزلت هَذِه الْآيَة بعْدهَا فنسختها (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا سعها لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت المحاسبة قبل أَن تنزل (لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت) فَلَمَّا نزلت نسخت الْآيَة الَّتِي كَانَت قبلهَا
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ فِي الْآيَة قَالَ: نسختها (لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت)
وَأخرج سُفْيَان وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وأبوداود وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تَتَكَلَّم وتعمل بِهِ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ مَا بعث الله من نَبِي وَلَا أرسل من رَسُول أنزل عَلَيْهِم الْكتاب إِلَّا أنزل عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير﴾ فَكَانَت الْأُمَم تأبى على أنبيائها ورسلها وَيَقُولُونَ: نؤاخذ بِمَا نُحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا فيكفرون ويضلون فَلَمَّا نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَدَّ على الْمُسلمين مَا اشْتَدَّ على الْأُمَم قبلهم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أنؤاخذ بِمَا نُحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا قَالَ: نعم فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا واطلبوا إِلَى ربكُم فَذَلِك قَوْله (آمن الرَّسُول) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٥) الْآيَة
فَوضع الله عَنْهُم حَدِيث النَّفس إِلَّا مَا عملت الْجَوَارِح لَهَا مَا كسبت من خير وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت من شَرّ (رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٦) قَالَ: فَوضع عَنْهُم الْخَطَأ وَالنِّسْيَان (رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصرا
) الْآيَة
قَالَ: فَلم يكلفوا مَا لم يطيقوا وَلم يحمل عَلَيْهِم الإِصر الَّذِي جعل على الْأُمَم قبلهم وَعَفا عَنْهُم وَغفر لَهُم ونصرهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ فَذَلِك سرائرك وعلانيتك ﴿يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ فَإِنَّهَا لم تنسخ وَلَكِن الله إِذا جمع الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: إِنِّي أخْبركُم بِمَا

صفحة رقم 129

أخفيتم فِي أَنفسكُم مِمَّا لم تطلع عَلَيْهِ ملائكتي فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فيخبرهم وَيغْفر لَهُم مَا حدثوا بِهِ أنفسهم وَهُوَ قَوْله (يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله) يَقُول: يُخْبِركُمْ وَأما أهل الشَّك والريب فيخبرهم بِمَا أخفوا من التَّكْذِيب وَهُوَ قَوْله (وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢٥)
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ قَالَ: من الْيَقِين وَالشَّكّ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ فَذَلِك سر عَمَلك وعلانيته ﴿يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ فَمَا من عبد مُؤمن يسر فِي نَفسه خيرا ليعْمَل بِهِ فَإِن عمل بِهِ كتبت لَهُ عشر حَسَنَات وَإِن هُوَ لم يقدر لَهُ أَن يعْمل كتب لَهُ بِهِ حَسَنَة من أجل أَنه مُؤمن وَالله رَضِي سر الْمُؤمنِينَ وعلانيتهم وان كَانَ سوءا حدث بِهِ نَفسه اطلع الله عَلَيْهِ أخبرهُ الله بِهِ يَوْم تبلى السرائر فَإِن هُوَ لم يعْمل بِهِ لم يؤاخذه الله بِهِ حَتَّى يعْمل بِهِ فَإِن هُوَ عمل بِهِ تجَاوز الله عَنهُ كَمَا قَالَ (أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا ونتجاوز عَن سيئاتهم) (الْأَحْقَاف الْآيَة ١٦)
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ﴿وَأَن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ نسخت فَقَالَ (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٦)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ قَالَ: لما نزلت اشْتَدَّ ذَلِك على الْمُسلمين وشق عَلَيْهِم فنسخها الله فَأنْزل الله (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٨٦)
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ﴾ ) الْآيَة أَتَى أَبُو بكر وَعمر ومعاذ بن جبل وَسعد بن زُرَارَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: مَا نزل علينا آيَة أَشد من هَذِه
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله يَقُول

صفحة رقم 130

يَوْم الْقِيَامَة: إِن كتابي لم يكتبوا من أَعمالكُم إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا فَأَما مَا أسررتم فِي أَنفسكُم فَأَنا أحاسبكم بِهِ الْيَوْم فَأغْفِر لمن شِئْت وأعذب من شِئْت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ محكمَة لم ينسخها شَيْء يعرفهُ الله يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك أخفيت فِي صدرك كَذَا وَكَذَا وَلَا يؤاخذه
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أُميَّة أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة عَن قَول الله تَعَالَى ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله﴾ وَعَن قَوْله (من يعْمل سوءا يجز بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٣) فَقَالَت: مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد مُنْذُ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: هَذِه معاتبة الله العَبْد فِيمَا يُصِيبهُ من الْحمى والنكبة حَتَّى البضاعة يَضَعهَا فِي يَد قَمِيصه فيفقدها فَيفزع لَهَا ثمَّ يجدهَا فِي ضبينه حَتَّى إِن العَبْد ليخرج من ذنُوبه كَمَا يخرج التبر الْأَحْمَر من الْكِير
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن عَائِشَة فِي قَوْله ﴿وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم﴾ الْآيَة
قَالَت: هُوَ الرجل يهم بالمعصية وَلَا يعملها فَيُرْسل عَلَيْهِ من الْغم والحزن بِقدر مَا كَانَ هم من الْمعْصِيَة فَتلك محاسبته
وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت: كل عبد هم بِسوء ومعصية وَحدث بِهِ نَفسه حَاسبه الله بِهِ فِي الدُّنْيَا يخَاف ويحزن ويشتد همه لَا يَنَالهُ من ذَلِك شَيْء كَمَا هم بالسوء وَلم يعْمل مِنْهُ شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء﴾ بِالرَّفْع فيهمَا
وَأخرج عَن الْأَعْمَش: انه قَرَأَ بجزمهما
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش
أَنه قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله يغْفر لمن يَشَاء) بِغَيْر فَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَيغْفر لمن يَشَاء﴾ الْآيَة
قَالَ: يغْفر لمن يَشَاء الْكَبِير من الذُّنُوب ويعذب من يَشَاء على الصَّغِير

صفحة رقم 131

آيَة ٢٨٥ - ٢٨٦

صفحة رقم 132
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية