آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)
﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فاتقوا النار التي وَقُودُهَا الناس والحجارة﴾ لما أرشدهم إلى الجهة التى منها يتعرفون صدق النبي عله السلام قال لهم فإذا لم تعارضوه وبان عجزكم ووجب تصديقه فآمنوا وخافوا العذاب المعَدَّ لمن كذب وعاند وفيه دليلا على إثبات النبوة صحة كون المتحدى به معجزاً والإخبار بأنهم لن يفعلوا وهو غيب لا يعلمه إلا الله
البقرة (٢٤ _ ٢٥)
ولما كان العجز عن المعارضة قبل التأمل كالمشكوك فيه لديهم لا تكالهم على فصاحتهم واعتمادهم على بلاغتهم سيق الكلام معهم على حسب حسبانهم فجئ بان الذي للشك دون إذا الذي للوجوب وعبَّر عن الإتيان بالفعل لأنه فعل من الأفعال والفائدة فيه أنه جار مجرى الكناية ٢ التي تعطيك اختصاراً إذ لو لم يعدل من لفظ الإتيان إلى لفظ الفعل لاستطيل أن يقال فإن لم تأتوا بسورة من مثله ولن تأتوا بسورة من مثله ولا محل لقوله ولن تفعلوا لأنها جملة اعتراضية وحسّن هذا الاعتراض أن لفظ الشرط للتردد فقطع التردد بقوله ولت تفعلوا ولا ولن أختان في نفي المستقبل إلا أن في لن تأكيداً وعن الخليل أصلها لا أن وعند الفراء لا أبدلت ألفها نوناً وعند سيبويه حرف موضع لتأكيد نفي المستقبل وإنما علم أنه إخبار عن الغيب على ما هو به حتى صار معجزة لانهم لو عارضوه بشئ لاشتهر فكيف والطاعنون فيه أكثر عدداً من الذابين عنه وشرط في اتقاء النار انتفاء إتيانهم بسورة من مثله لأنهم إذا لم يأتوا بها وتبين عجزهم عن المعارضة صح عندهم صدق الرسول وإذا صح

صفحة رقم 66

عندهم صدقه ثم لزموا العناد وأبوا الانقياد استوجبوا النار فقيل لهم إن استبنتم العجز فاتركوا العناد فوضع فاتقوا النار موضعه لأن اتقاء النار سبب ترك العناد وهو من باب الكناية وهي من شعب البلاغة وفائدته الإيجاز الذي هو من حيلة القرآن والوقود ما ترفع به النار يعني الحطب وأما المصدر فمضموم وقد جاء فيه الفتح وصلة الذى والتى يجب أن تكون معلوماً للمخاطب فيحتمل أن يكونوا سمعوا من أهل الكتاب أو من رسول الله أو سمعوا قبل هذه الآية قوله تعالى نارا وقودها الناس والحجارة إنما جاءت النار منكرة ثم ومعرفة هنا لأن تلك الآية نزلت بمكة ثم نزلت هذه الآية بالمدينة مشارابها إلى ما عرفوه أولاً ومعنى قوله تعالى وقودها الناس والحجارة أنها نار ممتازة عن غيرها من النيران بأنها تتقد بالناس والحجارة وهي حجارة الكبريت فهي أشد توقداً وأبطأ خموداً وأنتن رائحة وألصق بالبدن أو الأصنام المعبودة فهي أشد تحسيراً وإنما قرن الناس بالحجارة لأنهم قرنوا بها أنفسهم في الدنيا حيث عبدوها وجعلوها لله أنداداً ونحوه قوله تعالى ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله﴾ حَصَبُ جهنم أي حطبها فقرنهم بها محماة في نار جهنم إبلاغاً في إيلامهم ﴿أُعِدَّتْ للكافرين﴾ هيئت لهم فيه دليل على أن النار مخلوقة خلافاً لما يقوله جهم سنة الله في
كتابه أن يذكر الترغيب مع الترهيب تنشيطا لا كتساب ما يزلف وتثبيطا عن اقثراف ما يتلف

صفحة رقم 67
مدارك التنزيل وحقائق التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي
تقديم
محي الدين ديب مستو
الناشر
دار الكلم الطيب، بيروت
سنة النشر
1419 - 1998
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
3
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية