
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة".
(السنن ٢/٢٦٨ ح ٢٢٢٦- ك الطلاق، ب في الخلع). وأخرجه ابن ماجه (٢/٦٦٢- ك الطلاق، ب كراهية الخلع للمرأة رقم ٢٠٥٥) وابن الجارود في (المنتقى رقم ٧٤٨)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ٩/٤٩٠ ح ٤١٨٤) والحاكم في (المستدرك ٢/٢٠٠) وغيرهم من طرق عن أيوب به. وأخرجه الترمذي (٣/٤٨٤- ك الطلاق، ب ما جاء في المختلعات رقم ١١٨٧) ووقع في إسناده: عن أبي قلابة عمن حدثه عن ثوبان. المبهم في إسناد الترمذي هو أبو أسماء الرحبي كما تقدم.
قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
قال الألباني: إنما هو على شرط مسلم وحده. (الإرواء ٧/١٠٠) وحسَّنه السيوطي (فيض القدير مع الجامع الصغير ٣/١٣٨ ح ٢٩٤٤). وصححه الألباني (الإرواء ٧/١٠٠).
قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله)
قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: صرح في هذه الآية الكريمة بأن الزوج لا يحل له الرجوع في شيء مما أعطى زوجته، إلا على سبيل الخلع، إذا خافا ألا يقيما حدود الله، فيما بينها، فلا جناح عليهما إذن في الخلع. أي: لا جناح عليها هي في الدفع، ولا عليه هو في الأخذ.
وصرح في موضع آخر بالنهي عن الرجوع في شيء مما أعطى الأزواج زوجاتهم، ولو كان المعطى قنطاراً وبين أن أخذه بهتان وإثم بين، وبين أن السبب المانع من أخذ شيء منه هو أنه أفضى إليها بالجماع. وذلك في قوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) وبين في موضع آخر أن محل النهى عن ذلك إذا لم يكن عن طيب النفس من المرأة، وذلك في قوله: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) وأشار إلى ذلك بقوله: (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) إلا أن يكون النشوز وسوء الخلق من قبلها فتدعوك إلى أن تفتدي منك فلا جناح عليك فيما افتدت به.
قوله تعالى (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليها فيما افتدت به)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) هو تركها إقامة حدود الله استخفافاً بحق زوجها وسوء خلقها فتقول له: والله لا أبر لك قسماً، ولا أطأ لك مضجعاً، ولا أطيع لك أمراً، فإذا فعلت ذلك، فقد حل له منها الفدية ولا يأخذ أكثر مما أعطاها شيئاً ويخلي سبيلها إن كانت الإساءة من قبلها.
أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أقبل الحديقة وطلقها تطليقة".
(الصحيح- الطلاق، ب الخلع وقول الله تعالى (لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً) ح ٥٢٧٣).
انظر الآية رقم (٢٣٣) من السورة نفسها.
قوله تعالى (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)
انظر سورة البقرة آية (١٨٧).
قوله تعالى (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره) يقول: إن طلقها ثلاثاً فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: جعل الله الطلاق ثلاثاً، فإذا طلقها واحدة فهو أحق بها ما لم تنقض العدة، وعدتها ثلاث حيض. فإن انقضت العدة قبل أن يكون راجعها، فقد بانت منه بواحدة، وصارت أحق بنفسها، وصار خاطباً من الخطاب. فكان الرجل إذا أراد طلاق أهله نظر