آيات من القرآن الكريم

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

قَوْله تَعَالَى: الَّذِي جعل لكم الأَرْض فراشا وَالسَّمَاء بِنَاء وَأنزل من السَّمَاء مَاء فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً وَأَنْتُم تعلمُونَ
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله ﴿الَّذِي جعل لكم الأَرْض فراشا﴾ قَالَ: هِيَ فرَاش يمشي عَلَيْهَا وَهِي المهاد والقرار ﴿وَالسَّمَاء بِنَاء﴾ قَالَ بنى السَّمَاء على الأَرْض كَهَيئَةِ الْقبَّة وَهِي سقف على الأَرْض
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جُبَير بن مطعم قَالَ جَاءَ اعرابي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله جهدت الْأَنْفس وضاعت الْعِيَال ونهكت الْأَمْوَال وَهَلَكت الْمَوَاشِي
استسق لنا رَبك فَإنَّا نستشفع بِاللَّه عَلَيْك وَبِك على الله
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُبْحَانَ الله فَمَا زَالَ يسبح حَتَّى عرف ذَلِك فِي وُجُوه أَصْحَابه فَقَالَ: وَيحك أَتَدْرِي مَا الله إِن شَأْنه أعظم من ذَاك وَإنَّهُ لَا يستشفع بِهِ على أحد وَإنَّهُ لفوق

صفحة رقم 85

سمواته على عَرْشه وعرشه على سمواته وسمواته على أرضيه هَكَذَا - وَقَالَ بأصابعه مثل الْقبَّة - وَإنَّهُ لئط بِهِ أطيط الرحل بالراكب
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن إِيَاس بن مُعَاوِيَة قَالَ: السَّمَاء مقببة على الأَرْض مثل الْقبَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: شَيْء من أَطْرَاف السَّمَاء محدق بالأرضين والبحار كأطراف الْفسْطَاط
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن أبي برة قَالَ: لَيست السَّمَاء مربعة وَلكنهَا مقببة يَرَاهَا النَّاس خضراء
أما قَوْله تَعَالَى ﴿وَأنزل من السَّمَاء مَاء فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم﴾ أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن
أَنه سُئِلَ الْمَطَر من السَّمَاء أم من السَّحَاب قَالَ: من السَّمَاء إِنَّمَا السَّحَاب علم ينزل عَلَيْهِ المَاء من السَّمَاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب قَالَ: لَا أَدْرِي الْمَطَر أنزل قَطْرَة من السَّمَاء فِي السَّحَاب أم خلق فِي السَّحَاب فَأمْطر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: السَّحَاب غربال الْمَطَر وَلَوْلَا السَّحَاب حِين ينزل المَاء من السَّمَاء لأفسد مَا يَقع عَلَيْهِ من الأَرْض وَالْبذْر ينزل من السَّمَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن خَالِد بن معدان قَالَ: الْمَطَر مَاء يخرج من تَحت الْعَرْش فَينزل من سَمَاء إِلَى سَمَاء حَيْثُ يجمع فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فيجتمع فِي مَوضِع يُقَال لَهُ الايرم فتجيء السَّحَاب السود فتدخله فتشربه مثل شرب الاسفنجة فيسوقها الله حَيْثُ يَشَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: ينزل المَاء من السَّمَاء السَّابِعَة فَتَقَع القطرة مِنْهُ على السحابة مثل الْبَعِير
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن خَالِد بن يزِيد قَالَ: الْمَطَر مِنْهُ من السَّمَاء وَمِنْه مَاء يسْقِيه الْغَيْم من الْبَحْر فيعذبه الرَّعْد والبرق
فَأَما مَا كَانَ من الْبَحْر فَلَا يكون لَهُ نَبَات وَأما النَّبَات فَمَا كَانَ من السَّمَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: مَا أنزل الله من السَّمَاء قَطْرَة إِلَّا أنبت بهَا فِي الأَرْض عشبة أَو فِي الْبَحْر لؤلؤة

صفحة رقم 86

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا جَاءَ الْقطر من السَّحَاب تفتحت لَهُ الأصداف فَكَانَ لؤلؤاً
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يخلق الله اللُّؤْلُؤ فِي الأصداف من الْمَطَر تفتح الأصداف أفواهها عِنْد الْمَطَر فاللؤلؤة الْعَظِيمَة من القطرة الْعَظِيمَة واللؤلؤة الصَّغِيرَة من القطرة الصَّغِيرَة
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر عَن الْمطلب بن حنْطَب
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من سَاعَة من ليل وَلَا نَهَار إِلَّا وَالسَّمَاء تمطر فِيهَا يصرفهُ الله حَيْثُ يَشَاء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا نزل مطر من السَّمَاء إِلَّا وَمَعَهُ الْبذر
أما انكم لوبسطتم نطعاً لرأيتموه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمَطَر مزاجه من الْجنَّة فَإِذا عظم المزاج عظمت الْبركَة وَإِن قل الْمَطَر وَإِذا قل المزاج قلت الْبركَة وَإِن كثر الْمَطَر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: مَا من عَام بِأَمْطَر من عَام وَلَكِن الله يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء وَينزل مَعَ الْمَطَر كَذَا وَكَذَا من الْمَلَائِكَة ويكتبون حَيْثُ يَقع ذَلِك الْمَطَر وَمن يرزقه وَمَا يخرج مِنْهُ مَعَ كل قَطْرَة
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً وَأَنْتُم تعلمُونَ﴾ أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً﴾ أَي لَا تُشْرِكُوا بِهِ غَيره من الأنداد الَّتِي لَا تضر وَلَا تَنْفَع ﴿وَأَنْتُم تعلمُونَ﴾ أَنه لَا رب لكم يرزقكم غَيره
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الأنداد هُوَ الشّرك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله الأنداد قَالَ: أشباهاً
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً﴾ قَالَ: أكفاء من الرِّجَال تطعيونهم فِي مَعْصِيّة الله
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس
أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل ﴿أنداداً﴾ قَالَ: الْأَشْبَاه والأمثال قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول لبيد:

صفحة رقم 87

أَحْمد الله فَلَا ندّ لَهُ بيدَيْهِ الْخَيْر مَا شَاءَ فعِّل وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أنداداً﴾ قَالَ: شُرَكَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَوْف بن عبد الله قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم من الْمَدِينَة فَسمع منادياً يُنَادي للصَّلَاة فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على الْفطْرَة فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ: خلع الأنداد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا شَاءَ الله وشئت فَقَالَ: جَعَلتني لله ندا مَا شَاءَ الله وَحده
وَأخرج ابْن سعد عَن قتيلة بنت صَيْفِي قَالَ جَاءَ حبر من الْأَحْبَار إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد نعم الْقَوْم أَنْتُم لَوْلَا أَنكُمْ تشركون قَالَ: وَكَيف قَالَ: يَقُول أحدكُم: لَا والكعبة
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه قد قَالَ فَمن حلف فليحلف بِرَبّ الْكَعْبَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد نعم الْقَوْم أَنْتُم لَوْلَا أَنكُمْ ﴿وتجعلون لَهُ أندادا﴾ قَالَ: وَكَيف ذَلِك قَالَ: يَقُول أحدكُم مَا شَاءَ الله وشئت
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحبر: إِنَّه قد قَالَ فَمن قَالَ مِنْكُم فَلْيقل مَا شَاءَ ثمَّ شِئْت
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن طفيل بن سَخْبَرَة أَنه رأ ى فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنَّهُ مرّ برط من الْيَهُود فَقَالَ: أَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَزْعُمُونَ أَن عُزَيْرًا ابْن الله فَقَالُوا: وَأَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَقولُونَ مَا شَاءَ الله وَشاء مُحَمَّد
ثمَّ مر برهط من النَّصَارَى فَقَالَ: أَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَقولُونَ الْمَسِيح ابْن الله قَالُوا: وَأَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَقولُونَ مَا شَاءَ الله وَشاء مُحَمَّد
فَلَمَّا أصبح أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب فَقَالَ: إِن طفيلاً رأى رُؤْيا وَإِنَّكُمْ تَقولُونَ كلمة كَانَ يَمْنعنِي الْحيَاء مِنْكُم فَلَا تقولوها وَلَكِن قُولُوا: مَا شَاءَ الله وَحده لَا شريك لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة ابْن الْيَمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَقولُوا مَا شَاءَ الله وَشاء فلَان
قُولُوا: مَا شَاءَ الله ثمَّ شَاءَ فلَان
وَأخرج ابْن جريج عَن قَتَادَة فِي قَوْله فَلَا تجْعَلُوا لله

صفحة رقم 88

أنداداً أَي عدلاء ﴿وَأَنْتُم تعلمُونَ﴾ قَالَ: إِن الله خَلقكُم وَخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض
وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً﴾ أَي عدلاء ﴿وَأَنْتُم تعلمُونَ﴾ قَالَ تعلمُونَ أَنه إِلَه وَاحِد فِي التَّوْرَاة والإِنجيل لَا ند لَهُ

صفحة رقم 89
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية