آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ

(وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها) أي إذا أدبر وذهب عنك يا محمد - ﷺ - وقيل أنه ضل وغضب، وقيل أنه بمعنى الولاية أي إذا كان والياً بفعل ما يفعله ولاة السوء من الفساد في الأرض، والسعي يحتمل أن يكون المراد به السعي بالقدمين إلى ما هو فساد في الأرض كقطع الطريق وقطع الأرحام وحرب المسلمين وسفك دمائهم، ويحتمل أن يكون المراد به العمل في الفساد وإن لم يكن فيه سعي بالقدمين كالتدبير على المسلمين بما يضرهم وأعمال الحيل عليهم؛ وكل عمل يعمله الإنسان بجوارحه أو حواسه يقال له سعي وهذا هو الظاهر من هذه الآية.
(ويهلك الحرث والنسل) من عطف الخاص على العام فإن الفساد أعم من ذلك فيشمل سفك الدماء ونهب الأموال وغير ذلك، والمراد بالحرث الزرع والنسل الأولاد، وقيل الحرث النساء، قال الزجاج: وذلك لأن النفاق يؤدي إلى تفريق الكلمة ووقوع القتال وفيه هلاك النسل.
وقال مجاهد: الحرث نبات الأرض، والنسل نسل كل شيء من الحيوان الناس والدواب، وعنه أيضاً قال: معنى الآية يلي في الأرض فيعمل فيها بالعدوان والظلم فيحبس الله بذلك القطر من السماء فيهلك بحبس القطر الحرث والنسل.
وقال ابن عباس: نسل كل دابة، وأصل الحرث في اللغة الشق ومنه المحراث لما يشق به الأرض، والحرث كسب المال وجمعه، وأصل النسل في اللغة الخروج والسقوط ومنه نسل الشعر، ومنه (أيضاً إلى ربهم ينسلون)، (ومن

صفحة رقم 416

كل حدب ينسلون)، ويقال لما خرج من كل أنثى نسل لخروجه منها.
(والله لا يحب الفساد) يشمل كل نوع من أنواعه من غير فرق بين ما فيه فساد الدين وما فيه فساد الدنيا، واحتجت المعتزلة بهذه الآية على أن المحبة عبارة عن الإرادة، وأجيب عنه بأن الإرادة معنى غير المحبة فإن الإنسان قد يريد شيئاً ولا يحبه كالدواء المر يتناوله ولا يحبه، فبان الفرق بينهما، وقيل أن المحبة مدح الشيء وتعظيمه، والإرادة بخلاف ذلك.

صفحة رقم 417
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية