آيات من القرآن الكريم

۞ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

ما ينسجم أو يتّفق مع العقول السليمة، والعادات المألوفة المستحسنة الموافقة للغرض العقلاني والتقلب المفيد في شؤون الحياة.
لقد سأل العرب المسلمون عن أشكال الهلال وتبدّلاته في دورته الشهرية أو عن العلّة في أن القمر يبدو دقيقا كالخيط في مطلع الشهر، ثم لا يزال يكبر حتى يصير بدرا في وسط الشهر، ثم يصغر ويتضاءل حتى ينمحي، وكان الغرض من السؤال بيان السبب أو فائدة الشهور القمرية،
وكان السائل معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة، وهما رجلان من الأنصار، قالا: يا رسول الله، ما بال الهلال يبدو، فيطلع دقيقا مثل الخيط، ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدقّ، حتى يكون كما كان، لا يكون على حالة واحدة، فنزلت الآية: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ
[البقرة: ٢/ ١٨٩] وقال ابن عباس: نزلت على سؤال قوم من المسلمين النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن الهلال، وما فائدة محاقه وكماله ومخالفته لحال الشمس؟
لقد أجاب الله تعالى عن هذا السؤال ببيان فائدة القمر وأسباب أطواره التي يمر بها، وهي ضبط الزمان وحساب الأيام لمعرفة أوقات حلول الديون وآجال العقود، وتواريخ استحقاق الأجور والأكرية، وزمن انقضاء العدد للنساء وما أشبه ذلك من بيان مصالح العباد، ولمعرفة مواقيت الحج أيضا يعرف بها وقته وأشهره. والتوقيت بالسّنة والشهور القمرية سهل في الحساب ومناسب للعرب، يؤقتون بدورات القمر أعمالهم وتجارتهم ومزارعهم وعبادتهم من صوم وحج وعدّة وغيرها.
وتضمنت الآية أيضا الكلام عن شأن العادة المستحسنة في دخول البيوت والخروج منها، فقال الله تعالى:
[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٩]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)
[البقرة: ٢/ ١٨٩].

صفحة رقم 94

وسبب نزول هذه الآية: تغيير عادة العرب في الجاهلية في الدخول إلى البيوت بعد الإحرام بالحج أو العمرة، فقد كان أناس من الأنصار إذا أحرموا بحج أو عمرة لم يدخلوا الدور من الباب، فإن كان من أهل المدر (أي المدن) نقب نقبا في ظهر بيته، وإن كان من أهل الوبر (البدو) دخل من خلف الخباء، فقيل لهم في القرآن الكريم:
ليس البر هذا، ولكن البر من اتّقى الله وخاف عقابه، ثم أمرهم الله بأن يأتوا البيوت من أبوابها، ويتّقوا الله في كل شيء، رجاء أن يكونوا من المفلحين.
لقد سوّى القرآن الكريم بين جميع الناس في الدخول إلى البيوت والخروج منها، سواء أكانوا من أهل المدينة أم من الأعراب والبدو، فلا يكون الإحرام بالحج أو العمرة سببا في تغيير المألوف والمعروف والعادات، لأن تقوى الله في القلوب والنفوس، وليست التقوى في المظاهر والشكليات التي لا معنى لها، إن الإسلام يقرّ ما ينسجم مع العقل والمنطق، وينبذ كل المظاهر الجوفاء، والأشكال التي لا معنى لها، فأي ارتباط بين الإحرام بالحج وبين الدخول من الباب الخلفي للبيت؟ ولماذا يسمح للقرشيين بالدخول من الأبواب الإمامية ولا يسمح لغيرهم بذلك؟ إن الدين واحد، والهدي واحد، والناس جميعا سواسية في أحكام الشريعة.
قواعد القتال
علّمنا القرآن الكريم في سورة البقرة في ستّ آيات ستّ قواعد في القتال في سبيل الله، لمعرفة أسباب مشروعية القتال وغاياته وآدابه وزمنه. وأول هذه القواعد: أن القتال في سبيل الله أذن به الشّرع لردّ العدوان وحماية الدعوة وحرية الدين ونشره في العالم، قال الله تعالى:

صفحة رقم 95
التفسير الوسيط
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر - دمشق
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية