آيات من القرآن الكريم

إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

مثل داعي الذين كفروا إلى الإيمان كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ أي يصيح بِما لا يَسْمَعُ وهي البهائم التي لا تسمع إِلَّا دُعاءً وَنِداءً ولا يعقل معنى، والآخر: أن يكون المحذوف بعد ذلك، والتقدير: مثل الذين كفروا كمثل مدعوّ الذي ينعق. ويكون دعاء ونداء على الوجهين مفعولا: يسمع والنعيق: هو زجر الغنم، والصياح عليها، فعلى هذا القول شبه الكفار بالغنم وداعيهم بالذي يزجرها وهو يصيح عليها، الثاني: تشبيه الذين كفروا في دعائهم، وعبادتهم لأصنامهم بمن ينعق بما لا يسمع، لأنّ الأصنام لا تسمع شيئا، ويكون دعاء ونداء على هذا منعطف: أي أن الداعي يتعب نفسه بالدعاء أو النداء لمن لم يسمعه من غير فائدة، فعلى هذا شبه الكفار بالنعق صم وما بعده راجع إلى الكفار وذلك غير التآويل الأول ورفعوا على إضمار مبتدأ واشكروا الآية: دليل على وجوب الشكر لقوله:
إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ الْمَيْتَةَ ما مات حتف أنفه، وهو عموم خص منه الحوت «١» والجراد، وأجاز مالك أكل الطافي من الحوت، ومنعه أبو حنيفة، ومنع مالك الجراد حتى تسيب في بيوتها بقطع عضو منها أو وضعها في الماء وغير ذلك، وأجازه عبد الحكم دون ذلك وَالدَّمَ يريد المسفوح لتقييده بذلك في سورة الأنعام، ولا خلاف في إباحة ما خالط اللحم من الدم وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ هو حرام سواء ذكّي أو لم يذكّ، وكذلك شحمه بإجماع، وإنما خص اللحم بالذكر، لأنه الغالب في الأكل ولأن الشحم تابع له، وكذلك من حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما حنث بخلاف العكس وَما أُهِلَّ بِهِ أي: صيح لأنهم كانوا يصيحون باسم من ذبح له، ثم استعمل في النية في الذبح لِغَيْرِ اللَّهِ الأصنام وشبهها اضْطُرَّ بالجوع أو بالإكراه، وهو مشتق من الضرورة ووزنه افتعل، وأبدل من التاء طاء غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ قيل: باغ على المسلمين، وعاد عليهم، ولذلك لم يرخص مالك في رواية عنه للعاصي بسفره أن يأكل لحم الميتة، والمشهور عنه الترخيص له، وقيل: غير باغ باستعمالها من غير اضطرار وقيل: باغ أي متزايد على إمساك رمقه. ولهذا لم يجز الشافعي للمضطر أن يشبع من الميتة. قال مالك: بل يشبع ويتزوّد فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ رفع للحرج، ويجب على المضطر أكل الميتة لئلا يقتل نفسه بالجوع وإنما تدل الآية على الإباحة لا على الوجوب، وقد اختلف هل يباح له ميتة بني آدم أم لا، فمنعه مالك وأجازه الشافعي لعموم الآية
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ اليهود ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ أي أكلهم للدنيا يقودهم إلى النار،

(١). بلغة المغرب يشمل أنواع السمك.

صفحة رقم 107

فوضع السبب موضع المسبب، وقيل: يأكلون النار في جهنم حقيقة وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ عبارة عن غضبه عليهم، وقيل: لا يكلمهم بما يحبون وَلا يُزَكِّيهِمْ لا يثني عليهم فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ تعجب من جرأتهم على ما يقودهم إلى النار أو من صبرهم على عذاب النار في الآخرة، وقيل: إنها استفهام، وأصبرهم بمعنى صبرهم، وهذا بعيد، وإنما حمل قائله عليه اعتقاده أن التعجب مستحيل على الله لأنه استعظام خفي سببه، وذلك لا يلزم فإنه في حق الله غير خفي السبب ذلِكَ إشارة إلى العذاب ورفعه بالابتداء أو بفعل مضمر بِأَنَّ اللَّهَ الباء سببية نَزَّلَ الْكِتابَ القرآن هنا بِالْحَقِّ أي بالواجب، أو بالإخبار الحق أي الصادق، والباء فيه سببية أو للمصاحبة الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ اليهود والنصارى، والكتاب على هذا التوراة والإنجيل، وقيل: الذين اختلفوا العرب، والكتاب على هذا القرآن، ويحتمل جنس الكتاب في الموضعين لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ أي بعيد من الحق والاستقامة.
لَيْسَ الْبِرَّ الآية: خطاب لأهل الكتاب لأن المغرب قبلة اليهود، والمشرق قبلة النصارى: أي إنما البر التوجه إلى الكعبة، وقيل خطاب للمؤمنين أي ليس البر الصلاة خاصة، بل البر جميع الأشياء المذكورة بعد هذا وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ لا يصح أن يكون خبرا عن البر فتأويله: لكن صاحب البر من آمن، أو لكن البرّ برّ من أمن أو يكون البر مصدرا وصف به وَآتَى الْمالَ صدقة التطوّع، وليست بالزكاة لقوله بعد ذلك: وآتى الزكاة عَلى حُبِّهِ الضمير عائد على المال لقوله وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ الآية وهو الراجح من طريق المعنى. وعود الضمير على الأقرب وهو على هذا تتميم وهو من أدوات البيان، وقيل يعود على مصدر آتى، وقيل على الله ذَوِي الْقُرْبى وما بعده ترتيب بتقديم الأهم فالأهم، والأفضل لأنّ الصدقة على القرابة صدقة وصلة بخلاف من بعدهم. ثم اليتامى لصغرهم وحاجتهم ثم المساكين للحاجة خاصة، وابن السبيل الغريب، وقيل الضعيف، والسائلين وإن كانوا غير محتاجين، وفي الرقاب عتقها وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ أي العهد مع الله ومع الناس وَالصَّابِرِينَ نصب على المدح بإضمار فعل فِي الْبَأْساءِ الفقر وَالضَّرَّاءِ المرض وَحِينَ الْبَأْسِ القتال صَدَقُوا في القول والفعل والعزيمة

صفحة رقم 108
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية