آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ

ويدفع شرهم عنك وينصرك عليهم فان الكفاية لا تتعلق بالأعيان بل بالافعال وقد أنجز الله وعده الكريم بالقتل والسبي في بنى قريظة والجلاء والنفي الى الشام وغيره في بنى النضير والجزية والذلة في نصارى نجران وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ تذييل لما سبق من الوعد وتأكيد له والمعنى انه تعالى يسمع ما تدعو به ويعلم ما في نيتك من اظهار الدين فيستجيب لك ويوصلك الى مرادك صِبْغَةَ اللَّهِ الصبغ ما يلون به الثياب والصبغ المصدر والصبغة الفعلة التي تبنى للنوع والحالة من صبغ كالجلسة من جلس وهي الحالة التي يقع الصبغ عليها وهي اى الصبغة في الآية مستعارة لفطرة الله التي فطر الناس عليها شبهت الخلقة السليمة التي يستعد بها العبد للايمان وسائر انواع الطاعات بصبغ الثوب من حيث ان كل واحدة منهما حلية لما قامت هي به وزينة له والتقدير صبغنا الله صبغة اى فطرنا وخلقنا على استعداد قبول الحق والايمان فطرته فهذا المصدر مفعول مطلق مؤكد لنفسه لانه مع عامله المقدر بعينه وقع مؤكدا لمضمون الجملة المقدمة وهو قوله آمنا بالله لا محتمل لها من المصادر الا ذلك المصدر لان ايمانهم بالله يحصل بخلق الله إياهم على استعداد اتباع الحق والتحلي بحلية الايمان ويحتمل ان يكون التقدير طهرنا الله تطهيره لان الايمان يطهر النفوس من اوضار الكفر وسماه صبغة للمشاكلة وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوع ذلك الشيء في صحبة الغير اما بحسب المقال المحقق او المقدر بان لا يكون ذلك الغير مذكورا حقيقة ويكون في حكم المذكور لكونه مدلو لا عليه بقرينة الحال فهى كما تجرى بين فعلين كما هنا تجرى بين قولين كما في تعلم ما في نفسى ولا اعلم ما في نفسك فانه عبر عن ذات الله تعالى بلفظ النفس لوقوعه في صحبة لفظ النفس وعبر عن لفظ الفطرة بلفظ الصبغة لوقوعه في صحبة صبغة النصارى إذ كانوا يشتغلون بصبغ أولادهم في سابع الولادة مكان الختان للمسلمين بغمسهم في الماء الأصفر الذي يسمونه المعمودية على زعم ان ذلك الغمس وان لم يكن مذكورا حقيقة لكنه واقع فعلا من حيث انهم يشتغلون به فكان في حكم المذكور بدلالة قرينة الحال عليه من حيث اشتغالهم به ومن حيث ان الآية نزلت ردا لزعمهم ببيان ان التطهير المعتبر هو تطهير الله عباده لا تطهير أولادكم بغمسهم في المعمودية وهي اسم ماء غسل به عيسى عليه السلام فمزجوه بماء آخر وكلما استعملوا منه جعلوا مكانه ماء آخر وَمَنْ أَحْسَنُ مبتدأ وخبر والاستفهام في معنى الجحد مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً نصب على التمييز من احسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن صبغته احسن من صبغته تعالى فالتفضيل جار بين الصبغتين لا بين فاعليهما والمعنى أي شخص تكون صبغته احسن من صبغة الله فانه يصبغ عباده بالايمان ويطهرهم به من اوضار الكفر وانجاس الشرك فلا صبغة احسن من صبغته وَنَحْنُ لَهُ اى لله الذي أولانا تلك النعمة الجليلة عابِدُونَ شكرا له ولسائر نعمه وتقدم الظرف للاهتمام ورعاية الفواصل وهو عطف على آمنا داخل تحت الأمر وهو قولوا فاذا كان حزفة العبد العبادة فقد زين نفسه بصبغ حسن يزينه ولا يشينه: وفي المثنوى

صفحة رقم 243

فان العنيد قبل الحاجة اليه أرد لشغب الخصم الألد وقبل الرمي يراش السهم وهو مثل يضرب فى تهيئة الآلة قبل الحاجة إليها ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها ما استفهامية انكارية مرفوعة المحل على الابتداء ووليهم خبره والجملة في موضع النصب بالقول يقال تولى عن ذلك اى انصرف وولى غيره اى صرفه والقبلة في الأصل الحالة التي عليها الإنسان من الاستقبال فنقلت في عرف الشرع الى الجهة التي يستقبلها الإنسان للصلاة وهي من المقابلة وسميت قبلة لان المصلى يقابلها والمعنى أي شىء صرفهم وحولهم عن قبلتهم التي كانوا على التوجه إليها وهي بيت المقدس ولم انصرفوا منها الى الكعبة- روى- ان النبي عليه السلام صلى الى نحو بيت المقدس بعد مقدمه المدينة نحوا من سبعة عشر شهرا تأليفا لقلوب اليهود ثم صارت الكعبة قبلة المسلمين الى نفخ الصور قُلْ كأنه قيل فماذا أقول عند ذلك فقيل قل لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ اى الامكنة كلها والنواحي بأسرها لله تعالى ملكا وتصرفا فلا يستحق شىء منها لذاته ان يكون قبلة حتى يمتنع اقامة غيره مقامه والشيء من الجهات انما يصير قبلة بمجرد ان الله تعالى امر بالتوجه إليها فله ان يأمر في كل وقت بالتوجه الى جهة من تلك الجهات على حسب ألوهيته واستيلائه ونفاذ قدرته ومشيئته فانه لا يسأل عما يفعل بل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فاللائق بالمخلوق ان يطيع خالقه ويأتمر بامره من غير ان يتحرى خصوصية في المأمور به زائدة على مجرد كونه مأمورا به فان الطاعة له ليس الا بارتسام امره اى امتثاله لا بتحرى العلل والأغراض الداعية له تعالى الى الأمر لان احكام الله تعالى وأفعاله ليست معللة بالدواعي والأغراض واليهود انما استقبلوا جهة المغرب واتخذوها قبلة اتباعا لهوى أنفسهم حيث زعموا ان موسى عليه السلام كان في جانب المغرب فاكرمه الله تعالى بوحيه وكلامه كما قال الله تعالى وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ والنصارى ايضا اتخذوا جهة المشرق قبلة اتباعا لهواهم حيث زعموا ان مريم عليها السلام حين خرجت من بلدها مالت الى جانب الشرق كما قال الله تعالى وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا
والمؤمنون استقبلوا الكعبة طاعة لله تعالى وامتثالا لامره لا ترجيحا لبعض الجهات المتساوية بمجرد رأيهم واجتهادهم مع انها قبلة خليل الله تعالى ومولد حبيبه صلى الله تعالى عليه وسلم يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهو التوجه الى بيت المقدس تارة والكعبة اخرى ووجه استقامته كونه مشتملا على الحكمة والمصلحة موافقا لهما قال بعض ارباب الحقيقة سمى الطاعنين من اليهود والمشركين والمنافقين سفهاء لاحتجاب عقولهم عن حقية دين الإسلام ولو أدركوا الحق مطلقا لاخلصوه كما أخلص المؤمنون فلم تبق محاجتهم معهم ولو كانت عقولهم رزينة لاستدلت بالآيات وأنكروا التحويل لانهم كانوا معتدين بالجهة فلم يعرفوا التوحيد الوافي بالجهات كلها: قال المولى الجامى

كاو را رنك از برون مرد را از درون دان رنك سرخ ورد را
رنكهاى نيك از خم صفاست رنك زشتان از سياه آب جفاست
جهان مرآت حسن شاهد ماست فشاهد وجهه في كل ذرات
وَكَذلِكَ اشارة الى مفهوم الآية المتقدمة اى كما جعلناكم مهتدين الى الصراط المستقيم جَعَلْناكُمْ توحيد الخطاب في كذلك مع القصد الى المؤمنين لما ان المراد مجرد الفرق بين

صفحة رقم 247

الحاضر والمنقضى دون تعيين المخاطبين أُمَّةً وَسَطاً اى خيارا لان الاوساط محمية محوطة والأطراف يتسارع إليها الخلل لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ يوم القيامة ان الرسل قد بلغتهم وَيَكُونَ الرَّسُولُ اى محمد ﷺ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ان قلت ان الشاهد إذا أضر بشهادته عديت الشهادة بكلمة على وإذا نفع بها تعدى باللام فيقال شهد له والرسول عليه السلام لما زكى أمته وعدلهم بشهادته انتفعوا بها فالظاهر ان يقال ويكون الرسول لكم شهيدا بخلاف شهادة الامة على الناس فانها شهادة عليهم حيث استضروا بها فكلمة على فيها واقعة في موضعها قلت هذا مبنى على تضمين الشهيد معنى الرقيب والمطلع فعدى تعديته والوجه في اعتبار تضمين الشهيد الاشارة الى ان التعديل والتزكية انما يكون عن خبرة ومراقبة بحال الشاهد فاذا شاهد منه الرشد والصلاح عدله وزكاه واثنى عليه والا يسكت عنه وقدمت صلة الشهادة اى عليكم لاختصاصهم بشهادته صلّى الله عليه وسلم على سبيل التزكية والتعديل وهو لا ينافى شهادته صلّى الله عليه وسلم للانبياء بالتبليغ وعلى منكرى التبليغ بالتكذيب- روى- ان الله تعالى يجمع
الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم يقول لكفار الأمم ألم يأتكم نذير فينكرون فيقولون ما جاءنا من بشير ولا نذير فيسأل الأنبياء عن ذلك فيقولون كذبوا قد بلغناهم فيسألهم البينة وهو اعلم بهم اقامة للحجة فيؤتى بامة محمد صلّى الله عليه وسلم فيشهدون لهم انهم قد بلغوا فتقول الأمم الماضية من اين علموا وانهم أتوا بعدنا فيسأل هذه الامة فيقولون أرسلت إلينا رسولا وأنزلت عليه كتابا اخبرتنا فيه بتبليغ الرسل وأنت صادق فيما أخبرت ثم يؤتى بمحمد عليه الصلاة والسلام فيسأل عن حال أمته فيزكيهم ويشهد بصدقهم فيؤمر بالكفار الى النار قال بعض ارباب الحقيقة معنى شهادتهم على الناس اطلاعهم بنور التوحيد على حقوق الأديان ومعرفتهم لحق كل دين وحق كل ذى دين من دينه وباطلهم الذي ليس حقهم الذي هو مخترعات نفوسهم وطريق الحق واحد فمن تحقق بحق دين تحقق بحق سائر الأديان وخاصة دين الإسلام الذي هو الحق الأعظم ومعنى شهادة الرسول عليهم اطلاعه على رتبة كل متدين بدينه وحقيقته التي هو عليها من دينه وحجابه الذي هو به محجوب عن كمال دينه فهو يعرف ذنوبهم وحقيقة ايمانهم وأعمالهم وحسناتهم وسيآتهم وإخلاصهم ونفاقهم وغير ذلك بنور الحق وأمته يعرفون ذلك من سائر الأمم بنوره عليه الصلاة والسلام قال بعضهم جعلنا سبحانه وتعالى آخر الأمم تشريفا لحبيبه وأمته لانه لو قدمنا لاحتجنا ان ننتظر في قبورنا قدوم الأمم الماضية فجعلهم سبحانه وتعالى في انتظارنا تشريفا لنا وايضا جعلنا آخر الأمم لنكون يوم القيامة شهداء على جميع الأمم الماضية ويكفى شرفا لهذه الامة المرحومة ما قال صلّى الله عليه وسلم في حق علمائهم (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل) وذكر الراغب الاصفهانى في المحاضرات انه قال الامام الشاذلى صاحب حزب البحر اضطجعت فى المسجد الأقصى فرأيت في المنام قد نصب تخت خارج الأقصى في وسط الحرم فدخل خلق كثير أفواجا أفواجا فقلت ما هذا الجمع فقالوا جمع الأنبياء والرسل قد حضروا ليشفعوا في حسين الحلاج عند محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لاساءة ادب وقعت منه فنظرت الى التخت فاذا

صفحة رقم 248

نبينا محمد عليه السلام جالس عليه بانفراده وجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على الأرض جالسون مثل ابراهيم وموسى وعيسى ونوح فوقفت انظروا سمع كلامهم فخاطب موسى نبينا عليه الصلاة والسلام وقال له انك قد قلت علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل فأرنا منهم واحدا فقال هذا وأشار الى الامام الغزالي فسأله موسى سؤالا فاجابه بعشرة اجوبة فاعترض عليه موسى بان السؤال ينبغى ان يطابق الجواب والسؤال واحد والجواب عشرة فقال الامام هذا الاعتراض وارد عليك ايضا حين سئلت وما تلك بيمينك يا موسى وكان الجواب عصاى فعددت صفات كثيرة قال فبينما انا متفكر في جلالة قدر محمد عليه السلام وكونه جالسا على التخت بانفراده والخليل والكليم والروح جالسون على الأرض إذ رفسني شخص برجله رفسة مزعجة فانتبهت فاذا يقيم ثم غاب عنى فلم أجده الى يومى هذا ومن هذا قال

فانسب الى ذاته ما شئت من شرف وانسب الى قدره ما شئت من عظم
اللهم يسر لنا شفاعته وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ مفعول أول لجعلنا الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها مفعول ثان له بتقدير موصوف اى الجهة التي كنت عليها وهي الكعبة لانه عليه السلام كان مأمورا بان يصلى الى الكعبة وهو بمكة ثم لما هاجر امر بالصلاة الى صخرة بيت المقدس التي منها يصعد الملائكة الى السماء ثم أعيد الى ما كان عليه اولا والمعنى ما رددناك الى ما كنت عليه اى على استقباله والتوجه اليه وما جعلنا ذلك لشئ من الأشياء إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ فى التوجه الى ما امر به مِمَّنْ يَنْقَلِبُ اى ينصرف ويرجع عَلى عَقِبَيْهِ العقب مؤخر القدم والانقلاب على العقبين مستعار للارتداد والرجوع عن الدين الحق الى الباطل ومعنى لنعلم ليظهر علمنا على مظاهر الرسول والمؤمنين ويتميز عندهم الثابت على الإسلام الصادق فيه من المتردد الذي يرتد بأدنى سبب لقلته وضعف إيمانه لا انه لم يعلم حالهم فعلم لانه تعالى كان عالما في الأزل بهم وبكل حال من أحوالهم التي تقع في كل زمان من ازمنة وجودهم مقارنة للزمان الذي تقع فيه تلك الحال وكل من يعلم شيأ فانما يعلم بان يظهر ذلك العلم فيه ويقرب من هذا ما قيل
المعنى ليعلم رسول الله والمؤمنون وانما أسند علمهم الى ذاته لانهم خواصه واهل الزلفى عنده هذا هو المعنى الذي اختاره القاشاني في تأويلاته وزيف ما عداه والعلم في قوله لنعلم بمعنى المعرفة اى لنعرف الذي يتبع الرسول فلا يحتاج الى مفعول ثان فان قيل ان الله لا يوصف بالمعرفة فلا يقال الله عارف فكيف يكون العلم بمعنى المعرفة هنا قلت انما لا يوصف بها إذا كانت بمعناها المشهور وهو الإدراك المسبوق بالعدم واما إذا كانت بمعنى الإدراك الذي لا يتعدى الى مفعولين فيجوز ان يوصف الله بها وقوله ممن ينقلب حال من فاعل يتبع اى متميزا منه وَإِنْ كانَتْ اى القبلة المحولة لَكَبِيرَةً اى شاقة ثقيلة على من يألف التوجه الى القبلة المنسوخة فان الإنسان ألوف لما يتعوده يثقل عليه الانتقال منه وان هي المخففة من المثقلة واسمها محذوف وهو القبلة واللام هي الفارقة بينها وبين النافية كما في قوله تعالى إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ اى هداهم الى حكمة الاحكام وارشدهم وعرفهم ان ما كلفه عباده متضمن لحكمة لا محالة وان لم يهتدوا الى خصوصية تلك الحكمة بعينها فتيقنوا بذلك ان السعيد الفائز من أطاع ربه

صفحة رقم 249
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية