آيات من القرآن الكريم

بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ

[١١٢] ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ﴾ أي: ليس كما قالوا، بل الحكمُ للإسلام، وإنما يدخلُ الجنةَ من أسلم.
﴿وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أي: أخلص دينه لله، وأصل الإسلام: الاستسلامُ والخضوعُ، وخُصَّ الوجهُ؛ لأنه إذا جادَ بوجهِه في السجود، لم يبخلْ بسائرِ جوارحِه.
﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ في عملِه.
﴿فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ في الآخرة، وإلَّا فاليومَ المؤمنونَ أشدُّ خوفًا وحُزْنًا من غيرهم؛ لنظرهم في مصيرهم، ولما قدمَ وفدُ نجرانَ على النبيِّ - ﷺ - أتاهم أحبارُ اليهودِ، فتناظروا حتى ارتفعتْ أصواتُهم، فقال لهم اليهود: ما أنتم على شيء من الدِّينِ، وكفروا بعيسى والإنجيل، وقال لهم النصارى: ما أنتم على شيء من الدين، وكفروا بموسى والتوراة، فأنزل الله تعالى:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)﴾.
[١١٣] ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ أي: أمرٍ يصحُّ ويُعْتَدُّ به.
﴿وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾ وكلا الفريقين يقرؤون الكتابَ، معناه: ليس في كتابهم هذا الاختلافُ، فدلَّ تلاوتُهم الكتابَ ومخالفتُهم ما فيه على كونهم على الباطل.

صفحة رقم 178

﴿إِلَّا أَذًى﴾ باللِّسانِ؛ كالسَّبِّ والوعيدِ.
﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ﴾ مُنْهزمينَ.
﴿ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ بل تكونُ لكُمُ النُّصْرَةُ عليهِمْ.
﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢)﴾.
[١١٢] ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا﴾ حَيْثُما وُجِدوا.
﴿إِلَّا بِحَبْلٍ﴾ أي: عهدٍ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ بأَنْ يُسْلِموا.
﴿وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ من المؤمنينَ ببذلِ جزيةٍ أو أمانٍ، يعني: إلا أنْ (١) يعتصِموا بحبلٍ فيأْمَنوا.
﴿وَبَاءُوا﴾ (٢) رَجَعُوا ﴿بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ﴾ الكفرُ والقتلُ.
﴿بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ فإنَّ الإصرارَ على الصغائرِ يُفْضي إلى الكبائر، والاستمرار عليها يؤدِّي إلى الكفر.
﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣)﴾.

(١) "يعني إلا أن" ساقطة من "ت".
(٢) من قوله: "يا محمد حين ﴿أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ﴾ (١/ ٤٨٣)، الآية (٨١).... إلى قوله ﴿وَبَاءُوا﴾ " سقط من "ش" بمقدار (٤) لوحات من النسخة الخطية.

صفحة رقم 11
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر (إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة - إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلاَمِيّةِ)
سنة النشر
1430 - 2009
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
7
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية