آيات من القرآن الكريم

بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ

(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرهُ عِندَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنونَ (١١٢)
بلى حرف للجواب بالنفي كما أن نعم للجواب بالإيجاب، وبلى تتضمن معنى الإضراب وهذا الكلام رد على المفترين الذين يتمنون الأماني الكاذبة فليست الجنة إلا جزاء المتقين ولا تكون للكذابين الجاحدين.
(مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَفوَ مُحْسِنٌ) ومعنى أسلم وجهه لله تعالى أسلم نفسه كلها لله تعالى، فتكون كل جوارحه وكل أحاسيسه وحركات قلبه خالصة لله تعالى خائفة منه خاضعة لكل ما يأمر وينهى، وعبر بالوجه فإنه كثير ما يعبر به عن الذات

صفحة رقم 366

كما قال تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ...)، ولأنه مظهر النفس، ولأنه هو الذي تكون به المواجهة وهو الذي يكون به السجود ومظاهر الطاعة والخضوع والاستجابة.
ولا يكون إسلام النفس إلا وهو معه الإحسان في الأعمال كلها، فمعنى وهو محسن أنه يكون محسنا للناس في معاملتهم فيمدهم بالعون عند موجبه يعين الضعيف ويغيث الملهوف، ويحمل الكَلّ، فلا يحسد الناس على ما آتاهم من خير ولا يكذب ولا يحقد ولا يمشي بنميم بين الناس ولا يتخذ السعاية سبيله، ولا يقطع ما وصل الله، ولا يفرق بين الأحبة، هذا كله يشمله معنى الإحسان وهو لا يحصى في خصائصه ومزاياه وجملة (وَهُوَ مُحْسِنٌ) حالية ومعناها أنه متلبس بالإحسان لَا يصدر عنه غيره.
و (مَنْ) مِن أسماء الشرط و (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) شرطه، وجزاؤه قوله تعالى: (فَلَهُ أَجْرُهُ) ثواب ذلك الإحسان وإسلام الوجه لله تعالى، أما الادعاء المغرور، والتمني الكاذب فجزاؤه جهنم وبئس المصير، وإنه لَا خوف عليهم من عقاب، ولا حزن يعتريهم من عمل أسلفوه.
ولذا قال تعالى: (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي أنهم لَا يخافون حسابا ولا عقابا ولا يحزنون لأمر نالهم، بل إن إخلاصهم لله، وإحسانهم العمل لَا يجعل للعقاب سبيلا لهم، فهم في أمن من الله لأنهم أطاعوه، أما غيرهم فهم في غيهم وغرورهم يوم القيامة يخافون مما يستقبلهم ويحزنون على ما فاتهم.
* * *

صفحة رقم 367

الاختلاف بين أهل الكااب

صفحة رقم 368
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية