آيات من القرآن الكريم

بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

كان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله راعنا، وذلك من المراعاة أي: راقبنا وانظرنا، فكان اليهود يقولونها: ويعنون بها معنى الرعونة على وجه الإذاية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وربما كانوا يقولونها على معنى النداء، فنهى الله المسلمين أن يقولوا هذه الكلمة لاشتراك معناها بين ما قصده المسلمون وقصده اليهود، فالنهي سدّا للذريعة، وأمروا أن يقولوا: انظرنا، لخلوّه عن ذلك الاحتمال المذموم، فهو من النظر والانتظار، وقيل: إنما نهى الله المسلمين عنها لما فيها من الجفاء وقلة التوقير وَاسْمَعُوا عطف على قولوا، لا على معمولها. والمعنى: الأمر بالطاعة والانقياد ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا جنس يعم نوعين: أهل الكتاب، والمشركين من العرب، ولذلك فسره بهما، ومعنى الآية أنهم: لا يحبون أن ينزل الله خيرا على المسلمين مِنْ خَيْرٍ من للتبعيض، وقيل: زائدة لتقدم النفي في قوله: ما يودّ بِرَحْمَتِهِ قيل: القرآن وقيل: النبوة وللعموم أولى، ومعنى الآية: الردّ على من كره الخير للمسلمين ما نَنْسَخْ نزل حكمه ولفظه أو أحدهما، وقرئ بضم النون أي نأمر بنسخه أَوْ نُنْسِها من النسيان، وهو ضدّ الذكر: أي ينساها النبي صلّى الله عليه واله وسلّم بإذن الله كقوله سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ [الأعلى: ٦/ ٧] أو بمعنى الترك: أي نتركها غير منزلة: أي غير منسوخة، وقرئ بالهمز بمعنى التأخير: أن نؤخر إنزالها أو نسخها بِخَيْرٍ في خفة العمل، أو في الثواب قَدِيرٌ استدلال على جواز النسخ لأنه من المقدورات، خلافا لليهود لعنهم الله فإنهم أحالوه «١» على الله. وهو جائز عقلا، وواقع شرعا فكما نسخت شريعتهم ما قبلها، نسخها ما بعدها تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ أي تطلبوا الآيات، ويحتمل السؤال عن العلم، والأوّل أرجح لما بعده، فإنه شبهه بسؤالهم لموسى، وهو قولهم له أرنا الله جهرة
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أي تمنوا، ونزلت الآية في حيي بن أخطب وأمية بن ياسر، وأشباههما من اليهود، الذين كانوا يحرصون على فتنة المسلمين، ويطمعون أن يردّوهم عن الإسلام حَسَداً مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال، والعامل في ما قبله، فيجب وصله معه، وقيل:
هو مصدر، والعامل فيه محذوف تقديره: يحسدونكم حسدا، فعلى هذا يوقف على ما قبله،

(١). أحالوه: أي اعتبروه محالا لا يمكن حصوله. [.....]

صفحة رقم 93

والأوّل أظهر وأرجح مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ يتعلق بحسدا وقيل: بيودّ فَاعْفُوا منسوخ بالسيف بِأَمْرِهِ يعني إباحة قتالهم أو وصول آجالهم وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ الآية: أي قالت اليهود:
لن يدخل الجنة إلّا من كان يهوديا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلّا من كان نصرانيا هُوداً يعني اليهود، وهذه الكلمة جمع هائد أو مصدر وصف به، وقال الفرّاء: حذفت منه يا هودا على غير قياس أَمانِيُّهُمْ أكاذيبهم أو ما يتمنونه هاتُوا أمر على وجه التعجيز، والردّ عليهم، وهو من: هاتي، يهاتي، ولم ينطق به، وقيل: أصله آتوا، وأبدل من الهمزة هاء بَلى إيجاب لما نفوا أي يدخلها من ليس يهوديا، ولا نصرانيا مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ أي دخل في الإسلام وأخلص، وذكر الوجه لشرفه والمراد جملة الإنسان وَقالَتِ الْيَهُودُ الآية: سببها: اجتماع نصارى نجران مع يهود المدينة فذمّت كل طائفة الأخرى وَهُمْ يَتْلُونَ تقبيح لقولهم مع تلاوتهم الكتاب الذين لا يَعْلَمُونَ المشركون من العرب لأنهم لا كتاب لهم مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ لفظه الاستفهام ومعناه: لا أحد أظلم منه حيث وقع قريش منعت الكعبة، أو النصارى منعوا بيت المقدس أو على العموم خائِفِينَ في حق قريش لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يحج بعد هذا العام مشرك «١» في حق النصارى حربهم عند بيت المقدس أو الجزية خِزْيٌ في حق قريش غلبتهم وفتح مكة، وفي حق النصارى: فتح بيت المقدس أو الجزية فَأَيْنَما تُوَلُّوا في الحديث الصحيح أنهم صلوا ليلة في سفر إلى غير القبلة بسبب الظلمة فنزلت، وقيل: هي في نفل المسافر حيث ما توجهت به دابته، وقيل: هي راجعة إلى ما قبلها: أي إن منعتم من مساجد الله فصلوا حيث كنتم، وقيل: إنها احتجاج على من أنكر تحويل القبلة، فهي كقوله بعد هذا: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ الآية والقول الأوّل هو الصحيح، ويؤخذ منه أن من أخطأ القبلة، فلا تجب عليه الإعادة، وهو مذهب مالك وَجْهُ اللَّهِ المراد به هنا رضاه كقوله: ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ أي رضاه، وقيل: معناه الجهة التي وجهه إليها، وأما قوله:

(١). رواه أحمد في مسنده عن أبي بكر الصديق ص ٤ رقم ٤.

صفحة رقم 94
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية