آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ

منها الماضي نادرًا
قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ﴾ أي: ما كل ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ من فيها من الملائكة ﴿الْأَرْضِ﴾ من فيها من الخلق ﴿إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ﴾ إلا يأتيه يوم ﴿عَبْدًا﴾ ذليلًا خاضعًا منقادًا يعني: أن الخلق عبيده، وأن عيسى وعزيرًا من جملة العبيد، وانتصب ﴿عَبْدًا﴾ على الحال ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ أي: عرف عددهم ﴿وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ لا يخفى عليه مبلغ جمعهم، ولا واحد منهم مع كثرتهم ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ بلا مال ولا معه شيء من الدنيا (١). وقيل -وهو الصحيح-: (أنه يأتي وحده لا أنصار له ولا أعوان؛ لاشتغال كل واحد بنفسه) (٢).
٩٦ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ أي: يجعلهم يحب بعضهم بعضًا، فيتراحمون ويتعاطفون بما جعل الله لبعضهم في قلوب بعض.
قال ابن عباس: (يحبهم ويحببهم إلى المؤمنين) (٣). ونحو هذا قال مجاهد، وقتادة (٤).

(١) "بحر العلوم" ٢/ ٣٣٤، "زاد المسير" ٥/ ٢٦٥، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٦٠.
(٢) "جامع البيان" ١٦/ ١٣٢، "معالم التنزيل" ٢٥٧/ ٥، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٥٤.
(٣) "تفسير القرآن" للصنعاني ٢/ ١٤، "جامع البيان" ١٦/ ١٣٢، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٤٤، "زاد المسير" ٥/ ٢٦٦، "الدر المنثور" ٤/ ٥٨٢.
(٤) "جامع البيان" ١٦/ ١٣٢، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٥٧ "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٥٤.

صفحة رقم 339

وقال هرم بن حيان (١): (ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه محبتهم ومودتهم ورحمتهم) (٢). وقال بعضهم: (يجعل لهم في قلوب الملائكة ودا ثم في قلوب العباد) (٣).
وهذا مروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة قال: "إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل إني قد أحببت فلانًا فأحبه، قال: فينادي في السماء، ثم تنول له المحبة في أهل الأرض" (٤). فذلك قول الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية. قال عطاء عن ابن عباس: (نزلت الآية في عبد الرحمن بن عوف جعل الله له في قلوب العباد المودة لا يلقاه مؤمن إلى وقره، ولا مشرك ولا منافق إلا عظمه) (٥).

(١) هرم بن حيان الأزدي، العبدي، أحد التابعين روى عن بعض الصحابة مثل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وروى عنه الحسن البصري، اشتهر بكثرة العبادة والزهد.
انظر: "الجرح والتعديل" ٩/ ١١٠، "الثقات" لابن حبان ٧/ ٥٥٨، "التاريخ الكبير" ٤/ ٢٤٢، "الطبقات الكبرى" ٧/ ١٠٢.
(٢) "جامع البيان" ١٦/ ١٣٣ "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٥٤ "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٦١.
(٣) "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ١٦١، "البحر المحيط" ٦/ ٢٢٠، "التفسير الكبير" ٢١/ ٢٥٦.
(٤) أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة ٦/ ٣٠٣، ومسلم في البر والصلة، باب: إذا أحب الله عبدًا حببه إلى عباده ٤/ ٢٠٣٠، والإمام أحمد في "مسنده" ٩٢/ ٢٦٧، وانظر: ابن كثير ٣/ ١٥٤، و"الدر المنثور" ٤/ ٥١٣.
(٥) "القرطبي" ١١/ ١٦١، وذكره نحوه "جامع البيان" ٦/ ١٣٣، وابن كثير ٣/ ١٥٤، وقال: روي أن هذه الآية نزلت في هجرة عبد الرحمن بن عوف وهو خطأ فإن هذه السورة بكاملها مكية لم ينزل منها شيء بعد الهجرة ولم يصح سند ذلك والله أعلم. انظر في "لباب النقول في أسباب النزول" للسيوطي ص ١٤٦، "جامع النقول في أسباب النزول" ص ٢١٤.

صفحة رقم 340
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية