آيات من القرآن الكريم

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ

بالكسر على الاستيناف رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا الذي ذكرت صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ يعني النصارى، وانّما سمّوا أحزابا لأنّهم تجزأوا ثلاث فرق في أمر عيسى: النسطورية والملكانيّة والمار يعقوبية.
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ يعني يوم القيامة أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يعني ما أسمعهم وأبصرهم، على التعجّب، وذلك أنهم سمعوا يوم القيامة حين لم ينفعهم السمع، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر.
قال الكلبي: لا أحد يوم القيامة أسمع منهم ولا أبصر حين يقول الله سبحانه وتعالى لعيسى أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ الآية.
يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ أي فرغ من الحساب وأدخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار وذبح الموت وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ من الدنيا.
أخبرنا عبد الله بن حامد الوزّان قال: أخبرنا مكّي بن عبدان قال: حدّثنا «١» عبد الله بن هاشم قال: حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنّة والنار فيقال:
يا أهل الجنّة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبّون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت فيؤمر به فيذبح ثمّ ينادي المنادي «٢»
: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم»، ثمّ قرأ رسول الله ﷺ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وأشار بيده في الدنيا «٣».
قال مقاتل: لولا ما قضى الله سبحانه وتعالى من تخليد أهل النار وتعميرهم فيها لماتوا حسرة حين رأوا ذلك.
إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها أي نميتهم ويبقى الرب عزّ وجلّ فيرثهم.
وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ فنجزيهم بأعمالهم.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٤١ الى ٥٥]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥)
قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)

(١) في نسخة أصفهان: عبد الله بن حامد الوراق عن علي بن عبد الله عن. [.....]
(٢) في نسخة أصفهان: فيذبح فيقال.
(٣) مسند أحمد: ٣/ ٩ بتفاوت.

صفحة رقم 216

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً مؤمنا موقنا صدوقا نَبِيًّا رسولا رفيعا إِذْ قالَ لِأَبِيهِ
آزر وهو يعبد الأوثان لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ
صوتا وَلا يُبْصِرُ
شيئا وَلا يُغْنِي عَنْكَ
لا ينفعك ولا يكفيك شَيْئاً
يعني الأصنام يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ والبيان بعد الموت وأنّ من غيره عذّبه ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي على ديني أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا مستويا.
يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ لا تطعه، لم تصل، له ولم تصم وإنّ من أطاع شيئا فقد عبده إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا عاصيا عاتيا، وكان بمعنى الحال أي هو، وقيل بمعنى: صار.
يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أعلم أَنْ يَمَسَّكَ يصيبك عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ لقوله: إِلَّا أَنْ يَخافا «١» وقوله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما «٢» وقيل: معناه إنّي أخاف أن ينزل عليك عذابا في الدنيا فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا قرينا في النار، فقال له أبوه مجيبا له أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ تارك عبادتهم وزاهد فيهم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لئن لم تسكت وترجع عن مقالتك لَأَرْجُمَنَّكَ قال الضحاك ومقاتل والكلبي: لأشتمنّك، وقال ابن عباس: لأضربنّك، وقيل لأظهرنّ أمرك وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا قال الحسن وقتادة وعطاء: سالما، وقال ابن عباس: واعتزلني سالم العرض لا يصيبنّك منّي معرّة، وقال الكلبي: اتركني واجتنبني طويلا فلا تكلّمني، وقال سعيد بن جبير: دهرا، وقال مجاهد وعكرمة: حينا، وأصل الحرف المكث، ومنه يقال: تملّيت حينا، والملوان الليل والنهار.
قالَ إبراهيم سَلامٌ عَلَيْكَ أي سلمت منيّ لا أصيبك بمكروه سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا قال ابن عباس ومقاتل: لطيفا رحيما، وقيل: بارّا، وقال مجاهد: عوّده الإجابة، وقال الكلبي: عالما يستجيب لي إذا دعوته.

(١) سورة البقرة: ٢٢٩.
(٢) سورة البقرة: ٢٢٩.

صفحة رقم 217

وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني وأعتزل ما تعبدون من دون الله، قال مقاتل:
كان اعتزاله إياهم أنه فارقهم من كوثى فهاجر منها إلى الأرض المقدسة.
وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا يعني عسى أن يجيبني ولا يخيّبني، وقيل:
معناه عسى أن لا أشقى بدعائه وعبادته كما تشقون أنتم بعبادة الأصنام.
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ ما تدعون: تعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني الأصنام فذهب مهاجرا وَهَبْنا لَهُ بعد الهجرة إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا نعمتنا، قال الكلبي: المال والولد، وقيل: النبوّة والكتاب، بيانه قوله أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ «١».
وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا يعني ثناء حسنا رفيعا في كلّ أهل الأديان، وكلّ أهل دين يتولّونهم ويثنون عليهم.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلِصاً يعني غير مرائي، قال مقاتل «٢» : مسلما موحدا، وقرأ أهل الكوفة: مُخْلَصاً بفتح اللام يعني أخلصناه واخترناه وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَنادَيْناهُ دعوناه وكلّمناه ليلة الجمعة مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ يعني يمين موسى، والطور:
جبل بين مصر ومدين وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا يعني رفعناه من سماء إلى سماء ومن حجاب إلى حجاب حتى لم يكن بينه وبينه إلّا حجاب واحد.
وأخبرنا عبد الله بن حامد الوزان قال: أخبرنا مكّي بن عبدان قال: حدّثنا أبو الأزهر قال: حدّثنا أسباط عن عطاء بن السائب عن ميسرة وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا قال: قرّبه حتى سمع صريف القلم، والنجيّ: المناجي كالجليس والنديم.
وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا وذلك حين سأل موسى ربّه عزّ وجلّ فقال:
وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي «٣» وحين قال فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ «٤» فأجاب الله دعاءه.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ يعني ابن إبراهيم إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ كان إذا وعد أنجز، وذلك أنّه وعد رجلا أن يقيم مكانه حتى يرجع إليه فأقام إسماعيل مكانه ثلاثة أيام للميعاد حتى يرجع إليه الرجل، قاله مقاتل، وقال الكلبي: انتظره حتى حال الحول عليه. وَكانَ رَسُولًا إلى قومه نَبِيًّا مخبرا عن الله سبحانه.

(١) سورة الزخرف: ٣٢.
(٢) في نسخة أصفهان: قتادة.
(٣) سورة طه: ٢٩- ٣٠.
(٤) سورة الشعراء: ١٣.

صفحة رقم 218
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية