آيات من القرآن الكريم

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

فعل خوطبت به المرأة، ودخلت عليه النون الثقيلة للتأكيد نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً أي صمتا عن الكلام، وقيل: يعنى الصيام لأن من شرطه في شريعتهم الصمت، وإنما أمرت بالصمت صيانة لها عن الكلام مع المتهمين لها، ولأن عيسى تكلم عنها، فإخبارها بأنها نذرت الصمت بهذا الكلام، وقيل: بالإشارة، ولا يجوز في شريعتنا نذر الصمت فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها لما رأت الآيات:
علمت أن الله سيبين عذرها، فجاءت به من المكان القصي إلى قومها شَيْئاً فَرِيًّا أي شنيعا وهو من الفرية.
يا أُخْتَ هارُونَ كان هارون عابدا من بني إسرائيل، شبهت به مريم في كثرة العبادة فقيل لها أخته بمعنى أنها شبهه، وقيل: كان أخاها من أبيها، وكان رجلا صالحا، وقيل: هو هارون النبي أخو موسى وكانت من ذريته، فأخت على هذا كقولك: أخو بني فلان أي واحد منهم، ولا يتصور على هذا القول أن تكون أخته من النسب حقيقة، فإن بين زمانهما دهرا طويلا فَأَشارَتْ إِلَيْهِ أي إلى ولدها ليتكلم وصمتت هي كما أمرت كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا كان بمعنى يكون، والمهد هو المعروف، وقيل المهد هنا حجرها آتانِيَ الْكِتابَ يعنى الإنجيل، أو التوراة والإنجيل مُبارَكاً من البركة وقيل: نفاعا، وقيل: معلما للخير. واللفظ أعم من ذلك وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ هما المشروعتان، وقيل: الصلاة هنا الدعاء، والزكاة: التطهير من العيوب وَبَرًّا معطوف على مباركا، روي أن عيسى تكلم بهذا الكلام وهو في المهد، ثم عاد إلى حالة الأطفال على عادة البشر، وفي كلامه هذا ردّ على النصارى، لأنه اعترف أنه عبد الله، وردّ على اليهود لقوله: وجعلني نبيا وَالسَّلامُ عَلَيَّ أدخل لام التعريف هنا لتقدّم السلام المنكر في قصة يحيى، فهو كقولك: رأيت رجلا فأكرمت الرجل، وقال الزمخشري: الصحيح أن هذا التعريف تعريض بلغة من اتهم مريم كأنه قال: السلام كله عليّ لا عليكم، بل عليكم ضدّه قَوْلَ الْحَقِّ بالرفع خبر مبتدإ تقديره: هذا قول الحق، أو بدل أو خبر بعد خبر، وبالنصب «١» على المدح بفعل مضمر، أو على المصدرية من معنى الكلام المتقدم فِيهِ يَمْتَرُونَ أي يختلفون فهو من المراء، أو يشكون فهو من المرية، والضمير لليهود والنصارى
وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي من كلام عيسى وقرئ بفتح الهمزة «٢» تقديره ولأن الله ربي وربكم فاعبدوه، وبكسرها لابتداء

(١). قرأ عاصم وابن عامر: قول. وقرأ الباقون: قول.
(٢). قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: وأنّ. وقرأ أهل الشام والكوفة: وإنّ.

صفحة رقم 480

الكلام، وقيل: هو من كلام النبي صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم، والمعنى: يا محمد قل لهم ذلك عيسى ابن مريم، وأن الله ربي وربكم، والأول أظهر فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ هذا ابتداء إخبار، والأحزاب اليهود والنصارى، لأنهم اختلفوا في أمر عيسى اختلافا شديدا، فكذبه اليهود وعبده النصارى، والحق خلاف أقوالهم كلها مِنْ بَيْنِهِمْ معناه من تلقائهم، ومن أنفسهم وأن الاختلاف لم يخرج عنهم مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ يعنى قوم القيامة أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا أي ما أسمعهم وما أبصرهم يوم القيامة، على أنهم في الدنيا في ضلال مبين.
يَوْمَ الْحَسْرَةِ هو يوم يؤتى بالموت في صورة كبش فيذبح ثم يقال: يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود لا موت «١»، وقيل: هو يوم القيامة وانتصاب يوم على المفعولية، لا على الظرفية وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ يعنى في الدنيا، فهو متعلق بقوله في ضلال مبين أي بأنذرهم صِدِّيقاً بناء مبالغة من الصدق أو من التصديق، ووصفه بأنه صدّيق قبل الوحي نبّئ بعده، ويحتمل أنه جمع الوصفين ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ
يعنى الأصنام صِراطاً سَوِيًّا أي قويما لَأَرْجُمَنَّكَ قيل: يعنى الرجم بالحجارة وقيل: الشتم وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا أي حينا طويلا، وعطف اهجرني على محذوف تقديره احذر رجمي لك قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ وداع مفارقة، وقيل: مسالمة لا تحية لأن ابتداء الكافر بالسلام لا يجوز سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ وعد، وهو الذي أشير إليه بقوله: عن موعدة وعدها إيّاه قال ابن عطية، معناه: سأدعو الله أن يهديك فيغفر لك بإيمانك، وذلك لأن الاستغفار للكافر لا يجوز، وقيل: وعده أن يستغفر له مع كفره، ولعله كان لم يعلم أن الله لا يغفر للكفار حتى أعلمه بذلك، ويقوى هذا القول قوله: وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ [الشعراء: ٨٦]، ومثل

(١). حديث ذبح الموت رواه أبو سعيد الخدري وأخرجه الشيخان والنسائي والترمذي ولفظه: بالموت يوم القيامة كهيئة كبش أملح فينادى مناد: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون نعم. هذا الموت وكلهم قد رأوه. وينادى مناد: يا أهل النار... فيذبح بين الجنة والنار ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر إلخ. انظر صحيح البخاري ج ٥/ ٢٣٦ كتاب التفسير رقم الباب ١٩.

صفحة رقم 481
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية