آيات من القرآن الكريم

قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

فإن كان (مَلِيًّا)، أي: بعيدًا فهو على بعده منه، أي: ابعد مني، وتباعد مني داره ومقامه.
وإن كان على الدهر والطول فهو يخرج، أي: لا تكلمني أبدًا، واللَّه أعلم.
وقوله - عزَّ وجلَّ -: (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧)
يحتمل أنه ليس على أن سفم عليه، ولكن كلمه بكلام السداد، كقوله: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، هو أن يقولوا لهم كلام السداد ليس على أن يسلموا عليهم.
ويحتمل (سَلَامٌ عَلَيْكَ) على حقيقة السلام المعروف، لكنه يخرج على الإضمار، أي: (سَلَامٌ عَلَيْكَ) إذا أسلمت.
وقوله - عَزَّ وَجَلََّّ -: (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) إذا أسلمت على نحو ما قلنا.
ويحتمل قوله: (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) أي: أسأل ربي ليوفقك على السبب الذي تستوجب به الاستغفار، وتكون أهلًا للاستغفار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: برًّا لطيفًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (حَفِيًّا): عالمًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنه كان عودني الإجابة.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: الحفي: العالم بالأمر، ويقال: حفى الرجل يحفي: إذا سار بلا نعل ولا خف، وجمعه: حفاة، واحتفى يحتفي: إذا اجتنى حشيشًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨)
الاعتزال - هاهنا - اعتزال هجرة إلى أرض الشام، ومفارقته إياهم مفارقة المكان والدار، كقوله: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)، فقوله: (وَنَجَّيْنَاهُ) النجاة بالفراق منهم.
وقوله: (وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) أي: وأعتزلكم وما تعبدون من دون اللَّه أيضًا، ففيه إخبار عن اعتزاله عنهم بالدار والمكان، وعن فعلهم أيضا، اعتزلهم عن الأمرين جميعًا.

صفحة رقم 240
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية