
بغيرهما حتى قيل فى عمل القلب هو مما عملت يداك وحتى قيل لمن لا يدين له يداك قال بعضهم أحق الناس تسمية بالظلم من يرى الآيات فلا يعتبر بها ويرى طريق الخير فيعرض عنها ويرى مواقع الشر فيتبعها ولا يجتنب عنها إِنَّا جَعَلْنا أعمالهم كما فى تفسير الشيخ عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية جمع كنان وهو تعليل لاعراضهم ونسيانهم بانهم مطبوع على قلوبهم أَنْ يَفْقَهُوهُ كراهة ان يقفوا على كنه الآيات وتوحيد الضمير باعتبار القرآن وَجعلنا فِي آذانِهِمْ وَقْراً ثقلا وصمما يمنعهم عن استماعه وفيه اشارة الى ان اهل اللغو والهذيان لا يصيخون الى القرآن: قال الكمال الخجندي قدس سره
دل از شنيدن قرآن بكير در همه وقت | چوباطلان زكلام حقت ملولى چيست |

يوشع وماهى ننموده روى براه نهاد واز غايت تعجيل سفر] نَسِيا حُوتَهُما الذي جعل فقدانه امارة وجدان المطلوب اى نسى موسى تذكر الحوت لصاحبه وصاحبه نسى الاخبار بامره فلا يخالفه ما فى حديث الصحيحين من اسناد النسيان الى صاحبه وفى الاسئلة المقحمة كانا جميعا قد زوداه لسفرهما فجاز اضافة ذلك إليهما وان كان الناسي أحدهما وهو يوشع يقال خرج القوم وحملوا معهم الزاد وانما حمله بعضهم فَاتَّخَذَ الحوت ان قلت كيف اتى بالفاء وذهاب الحوت مقدم على النسيان قلت الفاء فصيحة ولا يلزم ان يكون المعطوف عليه الذي يفصح عنه الفاء معطوفا على نسيا بالفاء بل بالواو والتقدير وحيى الحوت فسقط فى البحر فاتخذ سَبِيلَهُ اى طريق الحوت فِي الْبَحْرِ سَرَباً مفعول ثان لاتخذ وفى البحر حال منه اى مسلكا كالسرب وهو بيت فى الأرض وثقب تحتها وهو خلاف النفق لانه إذا لم يكن له منفذ يقال له سرب وإذا كان له منفذ يقال له نفق وذلك ان الله تعالى امسك جرية الماء على الحوت فصار كالطاق عليه وهو ما عقد من أعلى البناء وبقي ما تحته خاليا يعنى انه انجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لم تلتئم هكذا فسر النبي ﷺ هذا المقام كما فى حديث الصحيحين. وبالفارسية [سربا مثل سردابه كه دران توان رفت هر جا كه ماهى بريان ميرفت آب بالاى او مرتفع مى ايستاد در زمين خشك ميكشت] فلا وجه لقول بعض المفسرين كالقاضى ومن يتبعه سربا اى مسلكا يسلك فيه ويذهب من قوله وَسارِبٌ بِالنَّهارِ وهو الذاهب على وجهه فى الأرض فَلَمَّا جاوَزا اى مجمع البحرين الذي جعل موعدا للملاقاة اى انطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان الغد القى على موسى الجوع ليتذكر الحوت ويرجع الى مطلبه فعند ذلك قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا ما نتغدى به وهو الحوت كما ينبئ عنه الجواب والغداء بالفتح هو ما يعد للاكل أول النهار والعشاء ما يعد له آخره لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا اى بالله لقد لقينا من هذا السفر الذي سرناه بعد مجاوزة مجمع البحرين نَصَباً تعبا واعياء قال النووي انما لحقه النصب والجوع ليطلب موسى الغداء فيتذكر به يوشع الحوت وفى الحديث (لم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي امره به) وفى الاسئلة المقحمة كيف جاع موسى ونصب فى سفرته هذه وحين خرج الى الميقات ثلاثين يوما لم يجع ولم ينصب قيل لان هذا السفر كان سفر تأديب وطلب علم واحتمال مشقة وذلك السفر كان الى الله تعالى انتهى والجملة فى محل التعليل للامر بايتاء الغداء اما باعتبار النصب انما يعترى بسبب الضعف الناشئ عن الجوع واما باعتبار ما فى أثناء التغدي من استراحة ما كما قال الكاشفى [بيار طعام چاشت ما را تا بخوريم كه كرسنه شديم ودمى بر آساييم چون يوشع سفره پيش آورد وقصه ماهى بيادش آمد] قالَ فتاه أَرَأَيْتَ [خبر دارى] قال ابن ملك هو يجيئ بمعنى أخبرني وهنا بمعنى التعجب ومفعوله محذوف وذلك المحذوف عامل فى قوله إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ يعنى عجبت ما أصابني حين وصلنا الى الصخرة ونزلنا عندها فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ان اذكر لك امره وما شاهدت منه من الأمور العجيبة ثم اعتذر بانساء الشيطان إياه لانه لو ذكر ذلك لموسى ما جاوز ذلك المكان وما ناله النصب فقال
صفحة رقم 265
وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ بوسوسته الشاغلة عن ذلك أَنْ أَذْكُرَهُ بدل اشتمال من الضمير اى وما انسانى ان اذكره لك وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سبيلا عَجَباً وهو كون مسلكه كالطاق والسرب فعجبا ثانى مفعولى اتخذ والظرف حال من أولهما او ثانيهما وهو بيان لطرف من امر الحوت منبئ عن طرف آخر وما بينهما اعتراض قدم عليه للاعتناء بالاعتذار كأنه قيل حيى واضطرب ووقع فى البحر واتخذ سبيله فيه سبيلا عجبا يعنى ان قوله وما انسانيه اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه سببه ما يجرى مجرى العذر والعلة لوقوع ذلك النسيان قال الامام فان قيل انقلاب السمكة المالحة حية حالة عجيبة جعل الله تعالى حصول هذه الحالة العجيبة دليلا على الوصول الى المطلوب فكيف يعقل حصول النسيان فى هذا المعنى أجاب العلماء عنه بان يوشع كان قد شاهد المعجزات الباهرة من موسى كثيرا فلم يبق لهذه المعجزة عنده وقع عظيم
فجاز حصول النسيان وعندى فيه جواب آخر وهو ان موسى لما استعظم علم نفسه أزال الله تعالى عن قلب صاحبه هذا العلم الضروري تنبيها لموسى على ان العلم لا يحصل الا بتعليم الله تعالى وحفظه على القلب الخاطر انتهى وقال بعضهم لعله نسى ذلك لاستغراقه فى الاستبصار وانجذاب شراشره الى جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة وهى حياة السمكة المملوحة المأكول بعضها وقيام الماء وانتصابه مثل الطاق ونفوذها فى مثل السرب منه وانما نسبه الى الشيطان هضما لنفسه اى لمقتضى نفسه من الاغترار والافتخار بامثاله وفى الآيات إشارات منها ان الطالب الصادق إذا قصد خدمة شيخ كامل يسلكه طريق الحق يلزمه مرافقة رفيق التوفيق ومعه حوت قلبه الميت بالشهوات النفسانية المملح بملح حب الدنيا وزينتها ومجمع البحرين هو الولاية بين الطالب وبين الشيخ ولم يظفر المريد بصحبة الشيخ ما لم يصل الى مجمع ولايته فانهم جدا وعند مجمع الولاية عين الحياة الحقيقية فباول قطرة من تلك العين تقع على حوت قلب المريد يحيى ويتخذ سبيله فى البحر عن الولاية سربا ومنها ان الله يحول بين المرء وقلبه فينسى المريد قلبه حين فقده وينسى القلب المريد إذا وجد الشيخ: وفى المثنوى
اى خنك آن مرده كز خود رسته شد | در وجود زنده پيوسته شد |
واى آن زنده كه با مرده نشست | مرده كشت وزنده كى از وى پرست «١» |
آن رهى كه بارها تو رفته | بي قلاوز اندر آن آشفته «٢» |
پس رهى را كه نرفتستى تو هيچ | هين مرو تنها ز رهبر سر مپيچ |
(٢) در اواسط دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله فليجلس مع اهل التصوف