آيات من القرآن الكريم

وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا
ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

حِصْنٍ. وَقِيلَ: أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ أَيْ مُرَادَهُ فِي طَلَبِ الشَّهَوَاتِ ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: ضَيَاعًا وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَيَّعَ أَمْرَهُ (١) وَعَطَّلَ أَيَّامَهُ وَقِيلَ: نَدَمًا. وَقَالَ مُقَاتِلُ ابن حَيَّانَ: سَرَفًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَتْرُوكًا. وَقِيلَ بَاطِلًا. وَقِيلَ: مُخَالِفًا لِلْحَقِّ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مُجَاوِزًا لِلْحَدِّ (٢). قِيلَ: مَعْنَى التَّجَاوُزِ فِي الْحَدِّ هُوَ قَوْلُ عُيَيْنَةَ: إِنْ أَسْلَمْنَا أَسْلَمَ النَّاسُ وَهَذَا إِفْرَاطٌ عَظِيمٌ.
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (٢٩) ﴾
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ مَعْنَاهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْفَلْنَا قُلُوبَهُمْ عَنْ ذِكْرِنَا: أَيُّهَا النَّاسُ [قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ رَبِّكُمُ الْحَقُّ] (٣) وَإِلَيْهِ التَّوْفِيقُ وَالْخِذْلَانُ وَبِيَدِهِ الْهُدَى وَالضَّلَالُ لَيْسَ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ هَذَا عَلَى طَرِيقِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ كَقَوْلِهِ: "اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ" (فُصِّلَتْ-٤٠) (٤).
وَقِيلَ مَعْنَى الْآيَةِ: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَسْتُ بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ لِهَوَاكُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ فَآمِنُوا وَإِنْ شِئْتُمْ فَاكْفُرُوا فَإِنْ كَفَرْتُمْ فَقَدْ أَعَدَّ لَكُمْ رَبُّكُمْ نَارًا أَحَاطَ بِكُمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ آمَنْتُمْ فَلَكُمْ مَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ (٥).
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ آمَنَ وَمَنْ شَاءَ لَهُ الْكُفْرَ كَفَرَ (٦) وَهُوَ قوله: "وما تشاؤن إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" (الْإِنْسَانِ-٣٠).
﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا﴾ أَعْدَدْنَا وَهَيَّأْنَا مِنَ الْإِعْدَادِ (٧) وَهُوَ الْعُدَّةُ ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ لِلْكَافِرِينَ ﴿نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ "السُّرَادِقُ": الْحُجْرَةُ الَّتِي تُطِيفُ (٨) بِالْفَسَاطِيطِ.

(١) في "ب": أمره.
(٢) انظر: زاد المسير: ٥ / ١٣٣.
(٣) في "ب": الحق من ربكم.
(٤) قاله الزجاج: انظر: زاد المسير: ٥ / ١٣٤ ابن كثير: ٣ / ٨٢.
(٥) وهو ما اعتمده الطبري: ١٥ / ٢٣٧.
(٦) أخرجه الطبري عن ابن عباس: ١٥ / ٢٣٧-٢٣٨.
(٧) في "ب": العتاد.
(٨) في "ب": تحيط.

صفحة رقم 167

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالُ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجِ بْنِ أَبِي السَّمْحِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: "سُرَادِقُ النَّارِ أَرْبَعَةُ جُدُرٍ كَثْفُ كُلِّ جِدَارٍ مِثْلُ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً" (١).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ حَائِطٌ مِنْ نَارٍ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ عُنُقٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فَيُحِيطُ بِالْكُفَّارِ كَالْحَظِيرَةِ.
وَقِيلَ: هُوَ دُخَانٌ يُحِيطُ بِالْكُفَّارِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ" (الْمُرْسَلَاتِ-٣٠).
﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا﴾ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ ﴿يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عن رشدين ٢١٨/ب بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجِ بْنِ أَبِي السَّمْحِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ﴿بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾ قَالَ كَعَكَرِ الزَّيْتِ فَإِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ" (٢).
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مَاءٌ غَلِيظٌ مِثْلُ دُرْدِيِّ الزَّيْتِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْقَيْحُ وَالدَّمُ.
وَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ: "الْمُهْلِ" فَدَعَا بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَأَوْقَدَ عَلَيْهِمَا النَّارَ حَتَّى ذَابَا ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْمُهْلِ (٣).
﴿يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ يُنْضِجُ الْوُجُوهَ مِنْ حَرِّهِ.
﴿بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ﴾ النَّارُ ﴿مُرْتَفَقًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْزِلًا وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مُجْتَمَعًا وَقَالَ عَطَاءٌ: مَقَرًّا. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: مَجْلِسًا. وَأَصْلُ "الْمُرْتَفَقِ": الْمُتَّكَأُ (٤).

(١) أخرجه الترمذي في أبواب صفة جهنم باب ما جاء في صفة شراب أهل النار: ٧ / ٣٠٦ وقال: "هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين وفي رشدين بن سعد مقال" وأخرجه الإمام أحمد في المسند: ٣ / ٢٩ والحاكم: ٤ / ٦٠١ والطبري: ١٥ / ٢٣٩ والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ٢٤٥. وإسناده ضعيف لضعف رشدين ودراج ضعيف.
(٢) أخرجه الترمذي في أبواب صفة جهنم باب ما جاء في صفة شراب أهل النار: ٧ / ٣٠٥-٣٠٦، وأحمد: ٣ / ٧٠-٧١، والحاكم: ٤ / ٦٠٤، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ٢٤٥، بنفس الإسناد، وهو ضعيف.
(٣) انظر هذه الأقوال في: زاد المسير: ٥ / ١٣٥.
(٤) انظر: زاد المسير: ٥ / ١٣٦.

صفحة رقم 168
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية