آيات من القرآن الكريم

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

حدثنا محمد بن الحارث الجبلي، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ أَنْ تَقُولَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ الِاسْتِثْنَاءَ فَاسْتَثْنِ إِذَا ذَكَرْتَ، وَقَالَ: هِيَ خَاصَّةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ إِلَّا فِي صِلَةٍ من يمينه، ثم قال: انفرد بِهِ الْوَلِيدُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ فِي الْآيَةِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يكون الله تعالى قَدْ أَرْشَدَ مَنْ نَسِيَ الشَّيْءَ فِي كَلَامِهِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ النِّسْيَانَ مَنْشَؤُهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، كَمَا قَالَ فَتَى مُوسَى: وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الْكَهْفِ: ٦٣] وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ فَإِذَا ذَهَبَ الشَّيْطَانُ ذهب النسيان، فذكر الله تعالى سَبَبٌ لِلذِّكْرِ، وَلِهَذَا قَالَ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ
وقوله: وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً أَيْ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ شَيْءٍ لا تعلمه، فاسأل الله تعالى فِيهِ، وَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ فِي أَنْ يُوَفِّقَكَ لِلصَّوَابِ والرشد في ذلك، وقيل في تفسيره غير ذلك، والله أعلم.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦)
هَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِقْدَارِ مَا لَبِثَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ مُنْذُ أرقدهم إلى أن بعثهم الله وَأَعْثَرَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ كَانَ مقداره ثلاثمائة سنة تزيد تسع سنين بالهلالية، وهي الثلثمائة سَنَةٍ بِالشَّمْسِيَّةِ، فَإِنَّ تَفَاوُتَ مَا بَيْنِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ بِالْقَمَرِيَّةِ إِلَى الشَّمْسِيَّةِ ثَلَاثُ سِنِينَ، فَلِهَذَا قَالَ: بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ وَازْدَادُوا تِسْعًا. وَقَوْلُهُ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا أَيْ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ لَبْثِهِمْ وَلَيْسَ عِنْدَكَ عِلْمٌ فِي ذلك وتوقيف من الله تعالى فَلَا تَتَقَدَّمْ فِيهِ بِشَيْءٍ، بَلْ قُلْ فِي مِثْلِ هَذَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَيْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلا هو ومن أطلعه عَلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ كَمُجَاهِدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ الآية، هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَدْ رَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا قَالَ: وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالُوا: وَلَبِثُوا، يَعْنِي أَنَّهُ قَالَهُ النَّاسُ «١»، وَهَكَذَا قَالَ كَمَا قَالَ قَتَادَةُ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَفِي هَذَا الَّذِي زَعَمَهُ قَتَادَةُ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي بِأَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ لَبِثُوا ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ غَيْرِ تِسْعٍ، يَعْنُونَ بِالشَّمْسِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ اللَّهُ قَدْ حَكَى قَوْلَهُمْ لَمَا قَالَ: وَازْدَادُوا تسعا، والظاهر مِنَ الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ لَا حِكَايَةَ عَنْهُمْ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَرِوَايَةُ قَتَادَةَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ منقطعة، ثم

(١) انظر تفسير الطبري ٨/ ٢١٠.

صفحة رقم 136
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية